Close ad

حكايات المرض القاتل.. "انحلال الجلد الفقاعي" يهاجم الأطفال بلا علاج أو رعاية من "التضامن"| صور

30-12-2018 | 17:58
حكايات المرض القاتل انحلال الجلد الفقاعي يهاجم الأطفال بلا علاج أو رعاية من التضامن| صورالاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي
تحقيق- أيمن فاروق:

إنهم يستشعرون الغُربة وهم يعيشون وسط ذويهم وجيرانهم وأقاربهم وأقرانهم من الأطفال، يتألمون في كل خطوة، وكل حركة، وكل شربة ماء، وكل فتحة فم، يعانون "الوجع" العضوي والنفسي بسبب ما أصابهم من مرض نادر ينهش أجسادهم البالية، تُميز ملامحهم الجروح والقرح والندبات، داهمت إصابتهم الأظافر فخلعتها، والأسنان فأسقطتها، والعضلات فأضمرتها، حتى أتت على أجهزتهم الهضمية والبولية فأهلكتها، ووضعتهم على طريق الموت منتظرين مكلومين، بسمة أمل ولمسة مساعدة تعينهم على ما بقي لهم من الحياة، إنهم الأطفال المصابون بمرض انحلال الجلد الفقاعي، إنهم أطفال بلا حياة..

موضوعات مقترحة

ياسمين السمرة، فتاة ولدت في أول سبتمبر عام 1997 فتاة ولدت بعلامات مرض انحلال الجلد الفقاعي، فلم تستطع والدتها إرضاعها بطريقة طبيعية بسبب ضعف عضلة اللسان ونعومة سطحه وصغر حجمه، ولدت لثلاثة أشقاء من الذكور أكبر منها أصحاء طبيعيين، ولدت لأم اشتهت ميلادها منذ عشرات السنين، وجعلها الله من بعد فقدانها لابنتها أُماً لأكثر من سبعين طفلاً من المصابين بهذا الداء القاتل الذي لا علاج له.

عاشت ياسمين السمرة 15 سنة كاملة، وعندما أدركت دور أسرتها في رعايتها ومحاولتهم محاصرة ومقاومة آثار المرض الواقعة عليها، طالبتهم بإنشاء مؤسسة خيرية تحمل اسمها لمساعدة أطفال مرض الجلد الفقاعي، لتحاول أن تخفف من آلامهم التي تستشعرها جيداً وتعاني منها.

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

ولم تقف هذه الفتاة صغيرة السن، كبيرة العطاء عند هذا الحد في رسالتها، بل بلغت عنان السماء بمساعدة أهلها لتصبح أصغر فنانة تشكيلية في مصر، صاحبة موهبة لم تحدث من قبل في براعة الرسم والتلوين، وأقامت العديد من المعارض الفنية بهدف التوعية بهذا المرض، وجعلت العائد المالى لأعمالها الفنية بالكامل لدعم ورعاية أقرانها من الأطفال الموجوعين، ولكن.. 

لكل شمس غروب، فقد غاب بريق نور حضورها ومشاركتها عن الدنيا في نهاية نفس شهر ميلادها، بعد مرور 15 عاماً، وحولت أسرتها مرارة فقدان قرة العين وفلذة الكبد إلى رسالة عطاء لن تنتهى، وقرروا أن تبقى بعطائها ودعمها لهذه الفئة من الأطفال التى لا يعلم عنهم الكثير منا شيئاً، وحتى الآن وبعد غياب الجسد لأكثر من 6 أعوام، ما زال عطاء ياسمين السمرة في مؤسستها يعين ويساعد أطفال مرض انحلال الجلد الفقاعي وأسرهم.

ماهية المرض القاتل

عن الاسم المرض العلمي للمرض وأعراضه وأسبابه، تقول هناء السادات رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسمين السمرة، إن مرض انحلال الجلد الفقاعي هو مرض نادر ومؤلم جداً، يتصف بهشاشة فائقة في الجلد، بسبب نقص مادة الكولاجين من الجسم، حيث يصاب الجلد بتقرحات تصل إلى درجة الحروق من الدرجات العالية جداً، مضيفة أن أعراضه تظهر في شكل تكوين فقاقيع مائية متكررة ومؤلمة تؤدي عند انتفاخها إلى جروح وقرح، وفي بعض الأشكال تحدث ندبات في الجلد نتيجة تكرار القرح وتكوين تلفيات أثناء التئام الجروح.

ومن أعراض المرض النادر أيضاً- تضيف هناء السادات- إصابة المريض بسقوط الأظافر، وتظهر بعض العلامات على قرنية العين والفم والجهاز الهضمى والبولى والعضلى، وأكدت أن المرض قد يؤدي إلى الوفاة نتيجة حدوث تلوث بالدم من الجراثيم التى تتغلغل من الجروح المفتوحة ومن جراء الالتهابات الشديدة، موضحة أنه غالباً ما يكون مرضًا وراثيًا قد يحمله البعض ويورثه دون أن يصاب به.

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

وردًا على سؤال حول إمكان العلاج من مرض الجلد الفقاعي، أكدت السادات أن هذا المرض لا يوجد له علاج في مصرأو أي دولة فى العالم، وأن ما يتم لمواجهته هو فقط رعاية المرضى به، والحفاظ على جروحهم، ومتابعة عمليات نمو الجلد خاصة في أصابع اليدين والقدمين التى قد تتعرض للتشوه نتيجة سقوط الأظافر ويمتد الجلد في الأصابع التى تبدأ بالانقباض درجة تلو الأخرى حتى تصبح جزءذًا واحدًا وبغلاف جلدي كامل، وتصبح اليد والذراع جزءًا واحدًا بدون أصابع!

تدهور الإصابات ورعايتها

نانسي رجاء، أحد السيدات المتطوعات لرعاية ودعم الأطفال المصابون بمرض الجلد الفقاعي، أشارت إلى أن ما يتعرض له الأطفال من جراء هذا المرض يصيب حالتهم النفسية بشدة، وذلك بسبب معاملة الآخرين لهم، خاصة الأطفال فى أعمارهم، والذين يظنون أن هذا المرض معدٍ، ويتجنبون الحديث أو اللعب معهم أو حتى التواجد معهم، مما يحول الأطفال المصابون إلى "وحدويين" وإذا زادت تلك الحالة قد نفقد الطفل بسبب حالة الاكتئاب التى تصيبه باليأس من الحياة.

وأضافت أن المشكلة الرئيسية هي أن رعاية هذا المرض تتطلب تكاليف مادية كبيرة، تتراوح بين 3 إلى 5 آلاف جنيه شهرياً، وغالبية الأسر التى يعانى أطفالها من هذا المرض من الأسر المتوسطة أو الفقيرة، والعناية بهم تحتاج إلى مستلزمات طبية متخصصة منها ملابس من شبكات الشاش حتى يتم ارتداء الأطفال المصابين لها، لتكون بمثابة طبقة عازلة عن ملابسهم التى من الممكن أن تتسبب فى تقطيع أو إهلاك جلدهم وسقوطه خاصه أنه هش للغاية ومعرض للتقطيع أو السقوط بسبب أبسط الحركات أو التعاملات.

لحظات المرض الحرجة

تقول زينب محمد أحد أفراد فريق رعاية الأطفال المصابين، إن المرضى من الأطفال بخلاف معاناتهم من التعامل أو الحركة بصعوبة، نتيجة الجروح الموجودة في أجسامهم الضعيفة كل وفق حالته، إلا أن فترات الاستحمام تكون بمثابة جلسات عذاب لهم!، وذلك بسبب الآلام المبرحة التى يتعرضون لها عند ملامسة المياة لجروهم، لذا يجب لف جسدهم بالكامل بلفافات الشاش المعقم، ثم وضعهم في المياه بنسب محددة حتى يغمر المياه جسدهم بالكامل، ثم يتم فك جزء بسيط من جسدهم وتطهيره بالمعقمات ثم لفه مرة أخرى، وبعدها يتم فك جزء آخر وتطهيره وهكذا، وتتم عملية الاستحمام لهم فى وقت كبير قد يصل إلى أربع وخمس ساعات بالنسبة للطفل الواحد.

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

وتشير زينب إلى أن الأطفال يتم تحديد ملابس معينة لهم، لا بد وأن تكون قطنية ولا توجد بها أى معادن مثل "السوستة" مثلا حتى لا تقطع جلدهم المتهالك بسبب المرض، كما يجب أن تكون الملابس فى الجزء العلوي فضفاضة حتى لا تتسبب فى تمزيق جلد الوجه أو الرأس إذا كانت ضيقه، وأيضاً الأحذية لابد وأن تكون إسفنجية وأكبر درجة أو درجتين من أحجامهم حتى لا تتسبب فى تمزيق أو إيذاء أقدامهم وأصابع الأقدام التى قد تتعرض بشكل كبير للخطر، وعادة ما يصاب المرضي من الأطفال بصعوبة المشي بعد سن العشر سنوات والإعاقة الكاملة في المشي بسبب ضمور عضلات الساق والقدم، وتحول القدم إلى جزء جلدى ضعيف وملتوٍ.

مراحل رعاية الأطفال المرضي

من جانبها، أكدت هناء السادات أن مؤسسة ياسمين السمرة هى مؤسسة المجتمع المدني الوحيدة في مصر التى تقدم خدمة رعاية ودعم هذه الفئة من الأطفال، وتوجد العديد من الجهات الدولية التى تتردد على المؤسسة لتدرس التجربة المصرية الفريدة في رعاية هؤلاء الأطفال، حيث تختص المؤسسة بتخفيف آلم الأطفال من خلال توفير جميع المستلزمات الطبية اللازمة لهم والتى لا يغطيها التأمين الصحي، كما تتحمل المؤسسة كافة مصاريف العمليات الجراحية والتحاليل التى يحتاجها المرضي، مشيرة إلى أن الهدف من العمل الذي يقومون به هو رسم البسمة والأمل على وجوه الأطفال المصابين بمرض إنحلال الجلد الفقاعي، والترفيه عنهم ودمجهم في المجتمع بمسابقات ورحلات ترفيهية، وحثهم على المشاركة فى الحياة عن طريق التأكيد عليهم بأنهم متميزين بهذا المرض عن أقرانهم.

وأوضحت هناء السادات أن عدد الأطفال المترددين على برامج الرعاية من هؤلاء الأطفال بلغ نحو 70 طفلاً حتى الآن من مختلف محافظات مصر، رغم أن المؤشرات الدولية للمرض، تؤكد أن ندرته تتمثل فى وجود حالة مصابة لكل 50 ألف طفل، وأن أهم ما تقوم به برامج الرعاية هو توعية الأمهات بكيفية التعامل مع الأطفال المرضى، خاصة أنه تردد عليهم عشرات الحالات التى يصعب وصفها في التعامل مع المرضى، ومنها على سبيل المثال قيام أحد الأمهات بوضع أكياس بلاستيكية على جروح طفلها، قبل ارتدائه لملابسه، الأمر الذى عرض الطفل إلى حالة كبيرة جدًا من التردى في جروحه، حيث قمنا بإزالة كل الأكياس ومعالجة جروح الطفل بالمطهرات، وتدريب الأم على كيفية التعامل مع الجروح وتغطية جسم الطفل والمناطق المصابة بلفافات الشاشات الخاصة بهم، وأيضاً دعمها شهرياً بالمستلزمات الدوائية اللازمة لاستكمال برنامج الرعاية الطبية وفق المعايير الطبية المتخصصة للتعامل مع هذه الحالات.

ودعت هناء السادات الأمهات والفتيات إلى التطوع لرعاية هذه الفئة من الأطفال ورسم البسمة والأمل على وجوههم، وذلك من خلال دورات تدريبية مجانية سوف تمنحها لهم المؤسسة للتواصل مع أسر هؤلاء الأطفال خاصة في محافظات مصر، وتوعية كل أم لطفل مريض بكيفية الرعاية والدعم النفسي للأطفال، مؤكدة أن المساندة هي في جوهرها موقف نبيل وإيجابي تجاه الحياة، والمساعدة ما هى إلا الإقرار بالمشاركة والتزام مسئول بالدعم المادي والمعنوي تجاه جميع الأطفال المصابين، وهذا هو الدور الذى تقوم به مؤسسة ياسمين السمرة.

المصابون خارج دائرة الاهتمام

تستعطفنا حالة الأطفال من ذوي الإعاقة، ذلك عندما نتحسس الخلل المصاب به وظائفهم سواء كان هذا القصور الوظيفي طبيعي أو مكتسب، وعادة ما تدخل الأسرة ومن قبلها الدولة لمحاولة إتاحة ظروف المجتمع حتى تتناسب مع الطفل من ذوي الإعاقة، أما في حالة أطفالنا المصابون بمرض انحلال الجلد الفقاعي، فهم ليسوا أطفالا ذوي إعاقة بل هم أصعب حالة ووصف، خاصة أن إصابتهم تزداد يوماً تلو الآخر، فلا هى إعاقة مكتسبه يمكن محاصرتها، ولا هي إعاقة طبيعية يمكن اكتشافها وإتاحة الظروف المجتمعية والنفسية لاستيعابها، بل هي مرض داهم "ينهش" الجسم، جزءًا تلو الآخر، حتى يلتهم الطفل في سن مبكرة وحسب درجة إصابته، وتوضح هناء السادات الخبيرة في مجال رعاية الأطفال، أن درجات إصابة المرض هي ثلاثة أنواع، الأشرس فيها ــ على حد وصفها ــ هو الدرجة الثالثة والتى تصيب طبقة الجلد السفلية، وتداهم جميع أجزاء الجسم الداخلية وعادة ما يتوفى المصاب بهذا النوع في الشهور الأولى من عمره.

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

أما النوع المتوسط فهو في طبقات الجلد الداخلية بعد السطحية مباشرة، والتى تسبب فى ظهر الندبات والقرح وإذا تمكنت أسرة المصاب من محاصرتها فيمكن للطفل أن يتحمل آلمها ــ وكلاً حسب قدراته الخلقية ـــ إلى عمر أربعة أو خمسة أعوام على الأكثر، أما المرحلة الخفيفة وهى الإصابة السطحية للجلد، فتنقسم إلى 15 نوعا مختلفا، من حيث أماكن الإصابة، يمكن أن يصاب الطفل بواحدة منها أو اثنين أو أكثر، ومنهم من يصاب بالخمس عشرة حالة مجتمعة، وجميع هذه الحالات لا علاج لها، وتعد من أنواع الحروق الجلدية من الدرجتين الثانية والثالثة.

وتشير هناء السادات إلى أن الأطفال رغم تأثير المرض على أطرافهم العلوية والسفلية، ومعدلات النمو لهم، إلا أنهم لا يدخلون ضمن تصنيفات الإعاقة، ولا يدرجون ضمن قوائم الأطفال ذوي الإعاقة، ولا تقدم لهم أي مساعدات سواء مادية أو علاجية، ولا توجد مراكز متخصصة فى محاصرة المرض المصابين به، وتناشد أجهزة الدولة احتواء هؤلاء الأطفال وأسرهم، خاصة أن وراء كل منهم قصصًا وحكايات مؤلمة يشيب لها الولدان وتقشعر لها الجلود.

اليتيم لأب حي!

داخل المؤسسة راعيتهم الوحيد في مصر والشرق الأوسط، التقت"بوابة الأهرام" بعض الأطفال المصابين بمرض انحلال الجلد الفقاعي، غالبيتهم كانت تبدو عليهم علامات الخوف من التحدث مع الآخرين، خاصة المصابين منهم بأعراض شديدة، وحفر المرض على ملامحهم بصماته القاسية، من بين الحالات التى تنطوى علي نفسها وتخشي الحديث مع أي شخص خلاف أسرتها الصغيرة، عبد الرحمن .ك عمره 12 سنة، يعانى  إصابات خطيرة في مرضه، الذى تطور من الدرجة البسيطة فيه إلى أقصى مراحل الدرجة المتوسطة، تعانى والدته غياب مصادر الرزق خاصة بعد أن نهره والده ورفض علاجه، مما دفع الأم المكلومة إلى ترك منزلها واحتضان ابنها المريض وابنتيها إلى منزل والدها، وتسعى إلى محاولة كسب قوت يومها والأنفاق على أبنائها الثلاثة، وتتردد بين الحين والآخر على المؤسسة لصرف مستلزمات الرعاية الطبية لنجلها الوحيد، وتتمنى ألا يفارقها أبداً مهما ازدادت أوجاعه، شاكية إلى الله حالها، وحال فلذة كبدها، الذى داهم المرض أطرافه ويتملك حاليا من قدميه حتى أصبحت حالة سيرة على قدميه بالغة الصعوبة.

تكالب الصعوبات والتحديات

من بين الأطفال المتواجدين في مؤسسة ياسمين السمرة، خرج أحمد السيد عوض 6 سنوات بصحبة والدته، وفوجئت به وقد نال المرض من يديه حتى غطى الجلد أصابع اليدين، وأصبحت كل يد كتلة واحدة، وعندما جلس إلى جوارى حاولت الحديث معه، والذى اقتصر على أنه لا يحب اللعب مع أطفال جيرانه الذي ينهرونه ويخافون منه (!)، وقبل أن تطفى دموعه محاور الحديث، تمكنت والدته هبة السيد من تهدئته، وحكت قصتها التى لا تخلو من الابتلاءات المتعددة، فهى أم لهذا الطفل المصاب، وطفل آخر يبلغ من العمر 14 عاما مصاب بإعاقة ذهنية وصعوبة فى التكلم، وابنها الثالث سليم 15 سنة هو الذى يعمل معها ليعينها على الإنفاق على شقيقيه، وترك الدراسة حتى يتحمل المسئولية مع والدته خاصة بعد أن دخل والده السجن في قضية استخدام توقيعه على مخالفات بناء، بعد أن قام أحد المحامين باستخدام توقيعه مقابل ألفي جنيه كان قد اقترضهما منه لاستئجار مسكن يأوى أسرته المكلومة بمنطقة العمرانية!

احدي اهالي الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

وتقول هبة إن حالة أحمد تزداد سوءًا يوما بعد الآخر بسبب عدم قدرته على الأكل، فرغم بلوغه الست سنوات إلا أنه يعتمد في غذائه على شرب اللبن والسوائل فقط لعدم قدرته على المضغ والبلع، لمداهمة المرض لجوفه وفمه من الداخل.

وتضيف أنها تخشى أن يصيب نجلها أى مكروه أو أن تفقده كما فقدت ثلاثة أطفال لها توفوا بنفس المرض في عمر مبكر، فقبل ميلاده توفت لها ابنة بعد أربعة أشهر وطفلين أحدهما بعد شهر والثاني بعد شهرين من ميلادهما، وتبحث هبة التى تعمل بائعة للجبن عن أي فرصة عمل تعين بها أسرتها، ونجليها المرضى خاصة أنها بدأت فى لوم نفسها لكونها أهملت رعاية ابنها عبد الله من ذوي الإعاقة الذهنية على حساب رعايتها لنجلها أحمد المصاب بمرض انحلال الجلد الفقاعي.

الأمر الذى تدخلت معه هناء السادات رئيسة مجلس إدارة مؤسسة ياسمين السمرة ووعدتها بتوفير قيمة الإيجار الشهرى لمسكنها المعرضة للطرد منه من نفقتها الخاصة بمبلغ 600 جنيه شهريا لحين تدبير مورد رزق لها للتحمل الظروف الصعبة التى تواجهها.

البحث عن الابتسامة!

في حالة ليست ببعيدة عما سبق، التقيت بطفلة جميلة، نال المرض من جمالها، وأتى على ملامح وجهها وشعرها المتساقط كخيوط الحرير، شهد محمد، فتاة بلغت من العمر 15 عاماً، تحاول مقاومة المرض، والتغافل عما أحدثه بها، ومشكلتها الوحيدة هى عند نزولها الشارع مواجهتها للناس، فالكل ينظر إليها ويترصدها بعيونه، والابتعاد عنها من زميلاتها، خاصة أنها لا تذهب إلى المدرسة إلا للامتحان الشكلى فقط، فهى لا تستطيع الإمساك بالقلم بسهولة نظراً لتسلل المرض إلى أصابعها، وكل ما ترجوه أن تجد من يحنو عليها ويتعامل معها بطبيعتها سواء من الأطفال أو الفتيات في عمرها خاصة أن المرض لا عدوى منه.

بطلات التحدى

وجه آخر ربما لا نجده في العديد من الحالات المصابة، إنهما الشقيقتان شروق 16 سنة وسجدة 6 سنوات، كلاهما مصابتان بالمرض النادر، الفتاة الكبيرة أدركت عن طريق والديها أن المرض هو هدية من الله إليها ليميزها عن باقى الفتيات، الأمر الذي جعلها تواجه النظرات والمواقف المحرجة.

ومازالت تصر على الذهاب إلى مدرستها بمنطقة المنيل بمفردها باستخدام وسائل المواصلات من مسكنها بمنطقة دار السلام، وتسعى جاهدة إلى إتمام امتحانات شهادة دبلوم التجارة السنة الثالثة، وتأمل فى تعلم الحاسب الآلى، وتنتظر بعد بداية الامتحانات إجراء عملية جراحية صعبة لفصل وفرد أصابع اليد اليسرى، بعد أن قامت إحدى طبيبات الأمراض الجلدية في أحد المستشفيات بإجراء جراحة فاشلة لها تسببت فى اعوجاج الأصابع ولفها بالشاش العادي لمدة شهرين مما أسفر عن كسو الجلد لكل الأصابع وهى مضمومة وإصابتها بإعاقة فى يدها اليسرى.

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

وتخشى شروق من ألم العملية مرة أخرى خاصة أن الطبيبة الفاشلة أجرت الجراحة الأولى بمخدر موضعى(!)، واستمرت فيها لمدة ثلاث ساعات متواصلة مما أصاب المريضة بآلام واجهتها الفاشلة بالعنف والضرب حتى لا تصرخ من آلم الجراحة!

وجه القمر، هذا هو التعبير الوحيد الذي يمكن أن تطلقه على سجدة، تلك الفتاة التى تبلغ من العمر 6 سنوات فقط، ولكن بسبب الرعاية الطبية التى تتلقها من والدتها ومن المؤسسة، ينحصر المرض في بعض الجروح بيديها، وبعض الأماكن الداخلية، وسقوط اسنانها، ولكن بالروح المرحة وجراءة الأطفال تواجه سجدة النظرات، حتى إنها تضطر في بعض الأحيان إلى نهر الأطفال من حولها حتى لا ينالوا منها، وتواجه سجدة المرض بالغناء والضحكات المستمرة، وتعتزم أن تقوم بالغناء والتمثيل قريبا وهذه هى أمنياتها!

مناشدة "الأم" لوزيرة التضامن الاجتماعي

وطالب أسر الأطفال المصابين من "بوابة الأهرام" نشر مناشدتهم إلى الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعي، بصفتها الحكومية وأمومتها، أن نوجه بأن يشمل برامج التكافل والكرامة أبنائهم، وأن يدرجوا ضمن قوائم الأشخاص ذوي الإعاقة لضمان حصولهم على أى حقوق لهم ولرعايتهم، خاصة أن احتياجاتهم لا تتمثل في المستلزمات الطبية والعلاجية التى توفرها لهم مؤسسة ياسمين السمرة، بل أيضًا يحتاجون إلى برامج خاصة في التغذية والمواصلات وجميعها تستلزم نفقات مالية كبيرة.

كما ناشدوا السادة المسئولين بضم أبنائهم المصابين بقوائم العلاج المجاني بالمستشفيات المختلفة والتأمين الصحي، جنباً إلى جنب مع ما تقدمه مؤسسة السمرة لهم من رعاية وخدمات، فهم يحتاجون إلى برامج ترفيهية وتعليمية وخدمات عديدة.


الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

الاطفال المصابين بانحلال الجلد الفقاعي

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: