يعد "محصول الأرز" من المحاصيل الأساسية لمعظم الشعب المصري، فهو يحتل المركز الثاني بعد القمح في مكونات الغذاء للمصريين، كما يعد الأرز من المحاصيل التصديرية التي توفر عائدًا كبيرًا من العملة الأجنبية نتيجة وفرات الإنتاج من المحصول التي حققت المركز الأول على مستوى العالم في إنتاجية الفدان.
وبعد إقرار مجلس النواب تعديلات قانون الزراعة منذ أيام، جاء قرار وزير الموارد المائية والري بإتجاه الحكومة إلى خفض مساحة زراعة الأرز المزروعة من مليون و100 ألف فدان، إلى 724 ألفاً و200 فدان، أي بنسبة انخفاض بلغت نحو 30%، إضافة إلى منع بعض المحافظات من زراعته.
قلق و مخاوف
و قد أثار القرار الكثير من المخاوف، و موجة غضب واسعة بين أوساط الفلاحين وتجار الأرز، مؤكدين أن القرار سيضاعف من سعر الأرز المصري، و كذلك سيؤثرعلى أسعار المحاصيل من الحبوب الأخرى كالقمح والشعير ، كما أنه يضر بمصلحة الفلاح، ويسهم في القضاء على الزراعة المحلية لصالح المستوردة باعتباره أهم المحاصيل الصيفية على الإطلاق ، بالإضافة إلى أنه من المحاصيل ذات العائد الاقتصادي المجزى للمزارع، هذا بالإضافة إلى تأثيره على المستهلك و زيادة أسعاره وتخزينه واحتكاره.
خطة قومية
واعتمدت الحكومة فى قرارها على إعداد خطة قومية لإدارة المياه في مصر تمتد لـ 20 عاماً بمشاركة 9 وزارات، تستهدف بها الدولة تحويل نهر النيل إلى ناقل للتنمية والصناعة والاستثمار على طول مجرى نهر النيل لدول حوض النيل بجانب توطين سياسة تحليه مياه البحر في مصر وتشجيع تفعيلها نظرًا لما تنتظره الحكومة من انخفاض في منسوب المياه.
تقليص المساحة
يقول الدكتور عبد المعطى العبد رئيس قسم بحوث الأرز بـ"سخا" التابع لمركز البحوث الزراعية لـ"بوابة الأهرام": بالنسبة لموضوع نقص المساحة، فمساحة الأرز هذا الموسم 724 ألفا و 200فدان، مقارنة بمليون و 78 فدانا الموسم الماضي،
جاء هذا بناء على قرار وزير الري رقم 28 لسنة 2018 بتقليص مساحة الأرز، مضيفًا إلى أن هذه المساحة في ظل تقليصها كان على وزارة الزراعة اتخاذ عده قرارات لزيادة المحصول من وحدة المساحة، وذلك عن طريق تعظيم إنتاجية وحدة المساحة،
وبناء عليه صدر قرار وزير الزراعة 79 لسنة 2018 بزراعة أصناف الأرز المبكرة النضج، التي تصل نموها إلى 125 يوم والتوقف عن زراعة الأصناف الشرهة لاستهلاك المياه، مثل الصنف " جيزة 171 ، 172 ، 176 ، 181، 182" والتي كانت تصل فترة نموها إلى" 160 و165" يوماً،
وعليه فان القرار أدى الى توفير 30% من الاستهلاك المائي الذي كان يصرف في حقول الأرز، حيث يصل استهلاك الفدان من المياه غلى 4500 إلى 5200 متر مكعب مياه بدلا من 8000 إلى 8500 متر مكعب مياه للأصناف المتأخرة النضج.
75% وفر في مساحة المشتل
و فيما يتعلق بزراعة الأرز "بالصواني" يوضح العبد، فإن أنسب مسافة زراعة 20سم بين ألجوره و ألجوره، وبين السطر والسطر، فتتم بزراعة 25 جوره في المتر المربع، مشيرً إلى تحقيق عدد ألجوره في الفدان، فإننا نحتاج إلى 288 جوره إلى 364 صينية لكل فدان، وذلك باعتبار أن الصينية الواحدة تحتوى على 288 جوره، وعليه فإن المزارع يجب أن يوفر 364 صينية للفدان، على أن ترص الصواني بجوار بعضها في مساحة 45 متر مكعب، وعليه تكون مساحة المشتل 45 متر مكعب بدلا من 350 متر مكعب مشتل للفدان.
وبذلك نكون قد وفرنا في مساحة المشتل حوالي ثلاثة أرباع مساحة المشتل الحالي، وبعد 10 أيام إلى 15 يوم يتم ملخ الجور من الصواني، حيث إن الصواني مقسمة إلى جور، ويكون نبات الأرز على ورقتين أو 3 ورقات، وكذلك تكون النموات الجانبية للبذور لم تنمو بعد ويقوم المزارع بحمل الشتلات المملوخة وتوزيعها في فدان وشتلها على مسافات 20×20.
250 مليون جنيه وفر للتقاوي
ويضيف العبد في هذه الطريقة يكون وزن التقاوي المطلوبة بالجرام لكل فدان 8 آلاف و 492 جرام، بمتوسط 10 كيلو جرامات للفدان، موضحًا أنه لما كان المزارع يستخدم 60 كيلو جرام للفدان، فإنه يمكن توفير 50 كيلو جرام تقاوي للفدان بهذه الطريقة، ولما كانت مساحة الأرز تصل لمليون و500 ألف فدان فإن كمية التقاوي التي يمكن توفيرها على مستوى الجمهورية تصل إلى 75 ألف طن، يصل ثمنها إلى حوالي ربع مليار جنيه، وبذلك يحتاج المزارع إلى 364 صينية للفدان يقدر ثمنها بأكثر من 25 ألف جنيه في بداية الزراعة.
3 مليارات متر مكعب وفر في مياه الري
يرى العبد إيجاد صعوبة إتباع طريقة الزراعة بالصواني مع اقتناعنا الكامل بأنها قادرة على توفير كمية كبيرة من المياه والتقاوي، لافتًا إلى أنها تحتاج إلى إقامة برامج إرشادية وتوعية قوية للمزارعين لتوضيح طريقة الزراعة بشكل عام، مع التأكيد علي قرار وزير الزراعة باستخدام الأصناف الغير شرهة لاستهلاك المياه قد يوفر 3 مليارات متر مكعب مياه سنويًا بالنسبة لزراعة الصواني.
أصناف قصيرة العمر
ونوّه العبد إلي قيام قسم بحوث الأرز في الوقت الحالي بالاستمرار في استنباط أصناف قصيرة العمر تصل إلي" 120 يوم" من الحبة للحبة عالية المحصول، ويصل إنتاجها ما بين 4 إلى 4,5 طن للفدان، وتتحمل الزراعة عند نقص المياه موضحًا في نهايات الترع وفي الأراضي المتأثرة بالأملاح المتاخمة للساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط، والتي تقع في شمال الدلتا وهى أصناف مقاومة للأمراض وخاصة مرض "اللفحة" وذات صفات جودة حبوب عالية،
مشيرًا إلي إنتاج تقاوي الأساس لهذه الأصناف بقسم بحوث الأرز سنويًا، حيث يتم توزيعها إلى شركات القطاع الخاص لإنتاج التقاوي والى الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، ليقوموا بدورهم بإنتاج تقاوي مسجلة توزع على مزارعي الأرز لتعظيم إنتاجية الفدان، و لزراعة تقاوي منتقاة، كما يقوم القسم بإنتاج تقاوي هجين مصري واحد التي يتراوح إنتاجها بين 5,5 إلى 6 أطنان يمكن زراعتها لزيادة الإنتاج في ظل محدودية المساحة.
4 طرق لزراعة الأرز لتوفير للمياه
يشرح الدكتور عبد الله عبد النبي رئيس مكون تربية الأرز بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية لـ"بوابة الأهرام": طرق زراعة الأرز الموفرة للمياه وتكنولوجيا توفير مياه الري في حقول الأرز.
وتوجد "4 طرق" لزراعة الأرز الموفرة للمياه وهي كالآتي:
1- الزراعة الجافة وهي "زراعة التسطير " وفيها يتم استخدام الستّارة في زراعة الأرز زراعة مباشرة، وتكون عبارة عن " بذرة جافة في أرض جافة" حيث يتم ريها كل من "6 إلي 7" أيام، وهذه الطريقة توفر حوالي 40% من كمية مياه الري في الأرز مقارنة بطرق الري العادية.
2- طرق الزراعة بالشكل المنتظم " الزراعة على مسافات متساوية" وفي هذه الطريقة يتم الري فقط حتى التشبع.
3- الأرز المكثف SRI" " وهى عبارة عن الزراعة المستديمة باستخدام العود عمر من 10 إلي 12 يوم حيث يتم استخدام بادرة واحدة " عود أرز " على مسافات زراعة 25 سم × 25سم بين السطور وبين الجور " النبات"، ويتم الري على فترات متباعدة.
4- تتم زراعة الأرز على مصاطب أو خطوط وفيها يتم الاحتفاظ بالماء فقط في بطن الخط وبالتالي نوفر كمية كبيرة من المياه.
تكنولوجيا توفير مياه الري
ويستطرد عبد النبي قوله، نقوم بتطبيق تكنولوجيا توفير المياه عن طريق استخدام الأصناف المتحملة للجفاف " المتحملة لنقص مياه الري" فقط، مشيرًا إلي أنه تم استنباط أصناف مبشرة من الأرز تتحمل الجفاف " الأرز الهوائي" ، مثل الصنف " سخا107"، حيث يتحمل هذا الصنف نقص المياه لحوالي 12 يوما ويعطى محصولا لا يقل عن 4أطنان للفدان.
ويضيف عبد النبي، الأصناف المبكرة قصيرة العمر حيث تم استنباط أصناف مبكرة قصيرة العمر يتراوح عمرها من 120 إلى 135 يوم حيث وجد أن باستخدام تلك الأصناف، يتم توفير حوالي 30% من كمية مياه الري مقارنة بالأصناف القديمة.
شتلات الصواني
وعن "شتلات الصواني" يقول عبد النبي يتم استخدام نظام " الشتل الآلي " وفيها يتم استخدام الشتلات اليابانية حيث يتم تجهيز المشتل في صواني بلاستيكية مجهزة خصيصًا لهذه الطريقة، ويتم استخدام نفس تكنيك طريقة الزراعة بالشتل المنتظم.
100 ألف فدان إضافة جديدة للمساحة المقررة
ومن جانبه يقول الدكتور عباس الشناوي رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة لـ"بوابة الأهرام": لقد تم الاتفاق بين وزارتي الزراعة والري بإضافة 100 ألف فدان تزرع على نهاية المصارف التي بها مياه ري صرف زراعي فقط مع الالتزام بهذه المساحات بالإضافة إلى 724 ألف فدان المساحة المقررة سابقًا.