Close ad

"محطات التحلية".. هل تحل أزمة المياه في مصر؟

10-8-2017 | 18:34
محطات التحلية هل تحل أزمة المياه في مصر؟صورة تعبيرية
سمر نصر

تمثل أزمة المياه تحديًا خطيرًا أمام مصر خاصة في الآونة الأخيرة بعد استكمال بناء سد النهضة الأثيوبى مما فرض على مصر وبقوة الاتجاه إلى سبل غير تقليدية لحل أزمة العجز المائي أبرزها إنشاء محطات تحلية المياه.

موضوعات مقترحة

وربما كانت هذه هي نقطة الانطلاق نحو الاتجاه بقوة لتكثيف عدد محطات تحلية مياه البحر والمياه الجوفية أيضًا، خاصة بعد وصول العجز الحالي في الموارد المائية إلى 20 مليار متر مكعب، ورغم التكاليف الباهظة لإنشاء المحطات إلا أن هناك اتجاها قويا من الدولة المصرية لإنتاج المعدات محليًا لتقليل التكلفة لسد الحاجة في كل ربوع مصر، كما أن سعر بيع المتر المكعب من المياه المحلاة هو نفس سعر بيع مياه الشرب المنتجة بالطرق التقليدية وهو 660 قرشًا ولكن بالمحافظات الحدودية فقط وليس كسعر للمنزلي والخدمي.

ومصر الآن بصدد تنفيذ خطتين بهدف التنمية في مجال تحلية المياه ومن المقرر أن تنتهي الخطة الأولى بحلول عام 2019 والثانية في 2037، وتشغل منطقة غرب مصر نصيب كبير بكليهما، حيث من المقرر تحقيق طاقة إنتاجية من تحلية المياه بمحافظة مرسى مطروح بإجمالي 72 ألف متر مكعب يوميا بتكلفة 555 مليون جنيه بحلول عام 2037، كما يوجد بمحافظة مطروح الآن 9 محطات قائمة لتحلية المياه بقوة إنتاجية 64.5 ألف متر مكعب يوميًا، فيما تدخل منطقة العلمين كجزء من خطة 2019، حيث تستهدف إنتاج 150 ألف متر مكعب يوميا.

وفى هذا الإطار، أوضح الدكتور خالد جمعة مدير عام التحليل الاقتصادي ومؤشرات تقييم الأداء بالشركات ومسئول ملف التعريفة بالشركة القابضة لمياه الشرب، أن رؤية 2037 مرتبطة بتوفير التمويل الخاص بتنفيذ محطات تحلية المياه بالطاقة الإنتاجية المستهدفة، وأن دور القطاع الخاص تنحصر في مهمة الإنتاج فقط وتبدأ بعد ذلك مهمة الشركة القابضة في توزيع المياه على المناطق المحتاجة بالمحافظات المختلفة.

وأضاف جمعة لـ"بوابة الأهرام" أنه فيما يخص تكلفة إنشاء محطات لتحلية المياه بخطة 2037، فمن المقرر أن تصل تكلفة إنشائها إلى 9182 مليون جنيه، لإنتاج 1025650 مترا مكعبا يوميًا من المياه المحلاة بشكل إجمالي.

وهناك آلية توزيع الطاقة المنتجة من تلك المحطات حتى حلول عام 2037 من خلال أربع محافظات هي: البحر الأحمر بتكلفة إنشاء 4369 مليون جنيه لإنتاج 495400 متر مكعب يوميًا، ومرسى مطروح بتكلفة 555 مليون جنيه لإنتاج 72000 متر مكعب يوميًا، وشمال سيناء بتكلفة 2208 مليون جنيه لإنتاج 241250 متر مكعب يوميًا، وجنوب سيناء بتكلفة 2050 مليون جنيه لإنتاج 217000 متر مكعب يوميًا.

وأوضح مسئول ملف التعريفة بالشركة القابضة لمياه الشرب أن الطاقات الكهربائية المطلوبة لمحطات التحلية المخطط إنشاؤها حتى 2037 جاءت كالتالي: البحر الأحمر 187.25 ميجاوات لكل ساعة، مرسى مطروح 28.125 ميجاوات بالساعة، شمال سيناء 95 ميجاوات لكل ساعة، جنوب سيناء 81.5 ميجاوات بالساعة ليكون إجمالى الطاقة الكهربائية المطلوبة 391.875 ميجاوات لكل ساعة.

وبالنسبة لمساحة الأراضي المطلوب توفيرها لإقامة محطات تحلية المياه المخطط إنشاؤها بالمحافظات حتى عام 2037 فبلغت 2564.13 ألف متر مربع، مقسمة كالآتى: البحر الأحمر 1238.5 ألف متر مربع، مرسى مطروح 180 ألف متر مربع، شمال سيناء 603.125 ألف متر مربع، جنوب سيناء 542.5 ألف متر مربع.

وفى سياق متصل، كشف الدكتور أحمد معوّض نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، عن وجود 45 محطة تحلية قائمة فى مصر بقوة إنتاجية 150 ألف متر مكعب يوميًا. وأضاف لـ"بوابة الأهرام" أن هناك 3 محطات تحلية دخلت حيز التنفيذ بسعة إنتاجية 150 ألف متر مكعب للمحطة الواحدة بكل من العلمين وجبل الجلالة وخليج السويس، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من إنشائها فى منتصف عام 2019. وحول تكلفة تحلية المياه، قال نائب رئيس الشركة القابضة إن سعر المتر يتراوح ما بين 16 إلى 18 ألف جنيه للمتر المكعب كتكلفة إنشاء.

وأكد د.أحمد معوّض، أن جميع المعدات المستخدمة في محطات التحلية صناعة محلية، وإنه تم توقيع بروتوكول تعاون بين أكاديمية البحث العلمي ومركز بحوث الصحراء لتوطين صناعة المعدات في محاولة لتصنيع طلمبات الضغط العالي والأغشية التي تدخل في تكوين محطات تحلية المياه.

فيما رفض دكتور مهندس عبد الفتاح مطاوع، الأستاذ المتفرغ بالمركز القومي لبحوث المياه ورئيس قطاع مياه النيل الأسبق بوزارة الري، اعتبار محطات تحلية المياه في مصر بديلا عن مياه الأنهار التي توفر كميات هائلة من المياه والتي وحدها تستطيع تلبية احتياجات المواطنين وتسد حاجة ملايين الأشخاص، مضيفا أن نهر النيل هو القادر على حل غالبية أزمات مصر المائية إذا حصلت مصر على حقها كاملا فيه وفقا للاتفاقيات الدولية المبرمة مع دول عدة. حيث تبلغ حصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب فقط، بينما يصل حجم الاحتياجات المائية للبلاد 110 مليارات متر مكعب.

وأوضح مطاوع خلال حديثه لـ "بوابة الأهرام" أن عملية تحلية المياه لا تقدم كميات كبيرة من المياه، وإنه على الرغم من دخول مصر هذا المجال منذ أكثر من ثلاثين عامًا إلا أن الطاقة الإنتاجية الإجمالية تقريبًا ثلاثة أرباع مليار متر مكعب. وأكد أنه لا توجد زراعة تقوم على مياه التحلية، لافتًا إلى حتمية وجود محطات تحلية في المناطق التي يصعب توصيل مياه النيل أو المياه العذبة إليها وأن المناطق التي ينطبق عليها هذا الشرط في المساحات التي يقام فيها القرى السياحية.
#
وأشار رئيس قطاع مياه النيل الأسبق بوزارة الري إلى أن هناك متطلبات لا يمكن تجاهلها إزاء إنشاء محطات تحلية تتلخص في ضرورة اقترانها بوجود استثمارات محيطة بها وخاصة في مجال البناء، توفير الطاقة الكهربائية بسعر مناسب، توفير العمالة المدربة لعمل صيانة للمحطات بشكل دوري، إيجاد آلية عملية للتعامل مع المياه المالحة غير الصالحة للاستخدام، كما يجب أن تكون القيمة المضافة من مشروع التحلية كبيرة وهو ما يتوفر في المناطق السياحية التي تعتمد في تنميتها على التحلية.

"لم يعد أمامنا إلا التحلية" بهذه الكلمات شدد الدكتور ضياء الدين القوصي خبير الموارد المائية ومستشار وزير الري الأسبق حديثه، مشيرًا إلى أن المستقبل لتحلية المياه لأن تكاليفها ستكون أقل من معالجة مياه الصرف الصحي، خاصة مع استخدام طاقة الرياح مساءً والطاقة الشمسية نهارًا في توليد الكهرباء.


وأضاف القوصي لـ"بوابة الأهرام" أن تحلية مياه "المسوس"-وهى الماء الذي تكون ملوحته أعلى من ملوحة المياه العذبة ولكنه لا يصل لدرجة ملوحة ماء البحر، وينتج غالبا من اختلاط مياه البحار بمياه الأنهار- ومياه البحر ستكون تكلفتها أقل من معالجة مياه الصرف الصحي مستقبلًا، حتى نصل لتوفير قيمة الاستهلاك لصالح الشرب فقط بواقع 10 مليارات متر مكعب عن طريق تحلية المياه الجوفية.

ومن خلال التجربة العملية، قال محمد محمود المدير التنفيذي لإحدى الشركات الخاصة العاملة في مجال تحلية وتنقية المياه، طرق التحلية في مصر والتي تنحصر في أن تكون في «كونتينر» أو الحاويات-وهو الأكثر شيوعا في مصر- أو في مكان مفتوح سواء أكانت مياه بحر أو جوفية.

وشرح محمود لـ"بوابة الأهرام" كيف تتم عملية التحلية بداية من حفر عدة آبار بالموقع الواحد حتى تظهر المياه ثم يتم حفر آبار للصرف، واستخدام مضخات لاستخراج المياه من الآبار التي تكون بعمق 40 مترا، ثم تتم عملية تخزين المياه تمهيدًا لتنقيتها باستخدام الشمع. وأوضح أن السعة الإنتاجية تختلف من كل محطة عن الأخرى وفقًا لقدرتها حيث تبدأ من 500 متر مكعب يوميا وصولا إلى 2000 متر مكعب في اليوم وهو الحد الأقصى للمحطات الأكثر تنفيذًا في مصر.

وتتطلب المحطات وجود عمالة مدربة بشكل مستمر، وممكن أن تحتاج فردين فقط بكل وردية بالمحطة.

وحول تكلفة إنشاء محطة تحلية، أكد محمد أن التكلفة متغيرة نتيجة لاستيراد غالبية المعدات والماكينات بالمحطات خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار واليورو بعد تعويم الجنيه في مصر، وفى ظل عدم توفير البنوك للعملة الصعبة اللازمة للشركات المعتمدة على الاستيراد. #

كلمات البحث