Close ad

رحلة "مدفع الإفطار" من "شقدم" ومحمد علي إلى أحمد رشدي.. تعدد الروايات والصدفة واحدة

29-5-2017 | 13:43
رحلة مدفع الإفطار من شقدم ومحمد علي إلى أحمد رشدي تعدد الروايات والصدفة واحدةمدفع الإفطار
دينا المراغي

المعتاد في أساطير الشعب المصري، تنوع الروايات حول حدث واحد، يكسبنا تراثًا نتميز به عن غيرنا، تستخدمه السيدة المصرية بقصص قبل النوم لأطفالها، وهذا هو الحال لـ"مدفع الإفطار"، التي تنوعت الروايات التي تقص علينا حكاية أول طلقة خرجت منهم، ونشرت البهجة في نفوس المصريين.

ففي أحد الراويات قيل إن أصل استخدام مدفع الإفطار يعود إلى "خو شقدم" والي مصر في العصر الإخشيدي كان يجرب مدفعاً جديداً أهداه له أحد الولاة، وتصادف ذلك وقت غروب الشمس في أول يوم من شهر رمضان، ومع توافد العلماء وأهالي القاهرة على قصر الوالي لتناول الإفطار، انتهزوا الفرصة ليعبروا عن شكرهم بتنبيهه لهم بإطلاق مدفع الإفطار، وعلى ما يبدو أن الوالي قد أعجب بالفكرة، فأصدر أوامره بإطلاق مدفع الإفطار يوميًا وقت أذان المغرب في رمضان.

أما الأخرى، فحكت أن والي مصر محمد علي باشا، ومؤسس حكم الأسرة العلوية، كان شاغلة الأكبر تحديث الجيش المصري وإعادة بناءه للدفاع عن مصالح البلاد، وأثناء تجربة قائد الجيش لأحد المدافع المستوردة من ألمانيا، انطلقت قذيفة المدفع مصادفة وقت أذان المغرب في شهر رمضان، وكان ذلك سببًا في إسعاد الناس الذين اعتبروها أحد المظاهر المهمة للاحتفاء والاحتفال بهذا الشهر المبارك، واستخدم المدفع بعد ذلك في التنبيه لوقتي الإفطار والسحور.

ولم تقف الحكايات حول هذا فحسب، وإنما انطلقت لتصل إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث قرر الوالي «عباس حلمي الأول» عام 1853، إطلاق المدفع مرتين، الأولى في القاهرة، من القلعة، والثانية من سراي عباس باشا الأول بالعباسية.

وفي عهد الخديوي إسماعيل، تم التفكير في وضع المدفع في مكان مرتفع حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة، واستقر في جبل المقطم، حيث كان يحتفل قبيل بداية شهر رمضان بخروجه من القلعة محمولًا على عربة ذات عجلات ضخمة، ويعود يوم العيد إلى مخازن القلعة مرة أخرى.

مدفع "الحاجة فاطمة" وهو المدفع الرئيسي، ولا يتحرك من القلعة، والباقي المدافع وزعت بين العباسية، وحلوان، ومصر الجديدة، حتى يتسنى للجميع سماع صوته.

حُرمت القاهرة من صوت مدفع الإفطار لفترة طويلة، حتى عاد للعمل بعد قرار اللواء أحمد رشدي، وزير الداخلية، الذي أمر بتشغيله في نفس المكان فوق سطح القلعة طوال أيام الشهر الكريم وعيد الفطر المبارك، وفي هذا الوقت اعترضت هيئة الآثار على موقعه، متعللة بأن المدفع يهز جدران القلعة، والمسجد، والمتاحف الموجودة في المكان، وهنا وافقت وزارة الداخلية على نقله مرة أخرى من القلعة إلى جبل المقطم القريب أعلى القاهرة، مما يتيح لكل أبناء العاصمة الكبيرة سماعه.

ومازال إلى الآن، يطلق دوي مدفع الإفطار من قمة المقطم، حيث يوجد مدفعان يعملان بالتناوب، والثالث أمام متحف الشرطة في منطقة القلعة.

وبهذه الصورة بات مدفع الإفطار جزء من تراث المصريين يسمعون دويه كل يوم على الإفطار من خلال شاشات التليفزيون أو ترددات الإذاعة المصرية.. فهذا أحد صور الأجواء الرمضانية التي تميز بها الشعب المصري عن غيره.


مدفع الإفطارمدفع الإفطار
كلمات البحث
اقرأ ايضا: