تتمتع منطقة "الجمالية" في حي وسط القاهرة، بشهرة تاريخية وعالمية، فهي مجمع لتراث القاهرة منذ بنائها في عهد الفاطميين، فتجد أقدم وأشهر الجوامع بها، وتجد فيها المدارس الأيوبية والمملوكية، ناهيك عما تضمه المنطقة من أسبلة تاريخية، وأسوار وبوابات عريقة.
موضوعات مقترحة
كل هذا التراث والتاريخ، دفع القيادة السياسية للاهتمام بإعادة تطوير تلك المنطقة، بما فيها من تراث وثروة تاريخية وسياحية وعقارية، وبدأت الدراسات لتفعيل ذلك على أرض الواقع، تزامنا مع ما يتم من توسعة وتطوير في مناطق تاريخية قريبة من الجمالية والدراسة والحسين، وأبرزها حي الخليفة، حيث أنهت محافظة القاهرة، إزالة معظم المناطق العشوائية بجوار مسجد "المسبح الأثري"، في السيدة عائشة، يعقبه تطوير وتوسعة في محور "صلاح سالم"، مرورًا بالجمالية والدراسة.
محافظة القاهرة:
بدأت أجهزتها بالتعاون مع أجهزة حي وسط القاهرة، فى حصر البيوت التي تقع فى منطقتي الجمالية والحسين خلال الأسبوعين الماضيين، يأتي ذلك في إطار خطة للدولة لتطوير القاهرة التراثية والتاريخية.
يبدأ التطويرمن منطقة السيدة عائشة وصولا إلى باب الفتوح وباب النصر بالجمالية، ومن المتوقع هدم بعض المناطق، لإعادة تأهيل وترميم البيوت بها، ولكن ذلك لن يتم، إلا بعد دراسات من المتخصصين المعماريين وأساتذة الهندسة، ومسئولي الآثار، ليتناسب التطوير مع طبيعة المنطقة التاريخية، على غرار ماحدث فى السيدة زينب بمنطقة "روضة السيدة".
كانت محافظة القاهرة، قد بدأت كذلك، في حصر المنازل التي تقع خلف مسجدي "الحاكم بأمر الله والحسين"، وسط ترحيب من أهالي المنطقة، مؤكدين لـ "بوابة الأهرام"، أن هذا التطوير، سيضيف الكثير للمناطق التاريخية والتراثية التي تزخر بها "الجمالية والدراسة"، ويعيدهما على خارطة السياحة الدينية والتراثية والثقافية.
وأضاف "مرزوق محمود"، من الأهالي، أن الحصر بدأ في منطقة "درب الطماعين"، موضحًا أنه حال البدء في التطوير، ستمنح أجهزة المحافظة الأهالي إيجارات شهرية مدة عملية التطوير، على غرار ما حدث في تطوير مناطق عدة بالقاهرة، وأشهرها "مثلث ماسبيرو".
الجمالية:
سميت بذلك، نسبة إلى بدر الدين الجمالي وزير الخليفة المستنصر، يحدها من الشرق منطقة الظاهر، والغرب الحسينية مقر إقامة وحكم سلاطين مصر، ومن الشمال يحدها قلعة الجبل والدرب الأحمر والموسكي، أما من الجنوب فيحدها حي باب الشعرية.
تضم 18 شياخة أهمها (برقوق – قايتباي – البندقدار – المنصورية – الدراسة – بين السورين – الخرنفش – خان الخليلي – باب الفتوح – قصر الشوق – الحسين)، ومن أشهر مناطقها (خان الخليلي وشارع المعز لدين الله الفاطمي).
مسجد الحاكم بأمر الله:
يعد ثاني المساجد التي أقامها الفاطميون في مصر، وأشهرها في الجمالية، حيث بدأ الخليفة الفاطمي العزيز بالله ثاني الخلفاء الفاطميين بمصر في أعمال بناء المسجد وبعد وفاته استكمل ابنه الحاكم بأمر الله بناء المسجد حيث استغرق 22 عاما وسماه باسمه: "مسجد الحاكم بأمر الله".
تتميز جدران المسجد بالكتابات الكوفية خصوصا أسفل سقفه، أما شبابيكه المفرغة فتزينها رسومات وأشكال هندسية تسمح بدخول أشعة الشمس من معظم الجهات.
مسجد الإمام الحسين:
بني في عهد الفاطميين، تحت إشراف الوزير الصالح طلائع، ويضم 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر، سمي المسجد بهذا الاسم لاعتقاد البعض بوجود رأس الإمام الحسين مدفونا به.
ووفق المؤرخين، يعتبر مسجد الحسين شاهدا على تاريخ القاهرة، وكل مرحلة في تاريخ مصر تم تسجيل ملامحها على جدرانه من المظلة الفاطمية أول جزء تم بناؤه في المسجد، مرورا بباب قايتباي الذي يمثل اهتمام دولة المماليك بالجامع، ثم مظلة الأتراك الموجود بها حاليا المنبر والقبلة والتي تم بناؤها في عهد العثمانيين.
خان الخليلي:
أشهر سوق شرقي بمحيط الجمالية، ومنتجاته لها شهرة عالمية، أنشأه الخان الأمير جهاركس الخليلي، أحد أمراء السلطان برقوق، أقيم الخان مكان تربة الخلفاء الفاطميين، التي تجاور القصر الشرقي الكبير والتي كانت تعرف باسم تربة الزعفران.
"الأقمر":
يعد "الجامع الأقمر"، من أشهر جوامع المنطقة، وسُمي بهذا الاسم نظرا للون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر، ويروي المقريزي أنه من المساجد المعلقة في القاهرة فقد كانت توجد تحته حوانيت، وبالرغم من صغر مساحته بالنسبة للجامع الفاطمي المجاور له مباشرة وهو الحاكم بأمر الله، إلا أنه من المساجد المميزة على المستوى المعماري، فهو أول جامع في القاهرة تحتوي واجهته على تصميم هندسي بديع.
عمارة البيوت السكنية في الجمالية:
يعد بيت "السحيمي"، البيت الوحيد المتكامل الذي يمثل عمارة القاهرة في العصر العثماني في مصر، وهو يتكون من قسمين، القسم الجنوبي أنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي، أما القسم الشمالي فقد أنشأه الحاج إسماعيل شلبي، وجعل من القسمين بيتا واحدا، وسمي بيت السحيمي نسبة إلى الشيخ أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالأزهر وهو آخر من سكن فيه.
تحتوي قاعات البيت على مشربيات ونوافذ من الخشب الخرط ودواليب وبالبيت كتابات أثرية تشتمل على تاريخ الإنشاء وقصيدة البردة للأمام البوصيري، ويعتبر هذا البيت –وفق المؤرخين- من أجمل آثار القاهرة التاريخية، وقد صدر قرار بتحويل البيت إلى مركز للإبداع الفني تابع لصندوق التنمية الثقافية بعد ترميمه وإعادة افتتاحه عام 2000 م ليكون مركز إشعاع ثقافيا وفنيا في منطقة الجمالية.
بيت زينب خاتون:
من البيوت الأثرية الشهيرة في المنطقة، وتعد إحدى خادمات محمد بك الألفي، أعتقها وتزوجت أميرا يدعى "الشريف حمزة الخربوطلي". فأصبحت أميرة وأضيف لقب إلى اسمها وهو خاتون أي المرأة الشريفة الجليلة.
اشترى لها زوجها منزل شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون وسمي المنزل باسمها بيت زينب خاتون، وهو بيت أثري قديم يقع خلف الجامع الأزهر، ويعد البيت، نموذجًا للعمارة المملوكية، يضاهي في عمارته البيوت الأخرى في القاهرة الفاطمية.
أبواب المنطقة:
أصبحت القاهرة مدينة دفاعية مسورة لصد هجمات السلاجقة المحتملة عليها، وقد بقيت أجزاء من هذا الأسوار والأبواب، وجميعها بمحيط الجمالية، وأشهرها والباقية حتى الآن (باب النصر، باب الفتوح، وباب زويلة).
الأسبلة:
تزدهر الجمالية ومحيطها، بوجود العديد من الأسبلة كـ (إسماعيل مغلوي وزين العابدين وغيرها)، وأكد الدكتور محمد عبد العزيز، مدير عام مشروع تطوير القاهرة التاريخية، في تصريحات خاصة لـ "بوابة الأهرام"، أنه في نهاية هذا القرن التاسع عشر، وبهدف الحفاظ على المباني ذات القيمة التاريخية في القاهرة، اعتبرت لجنة حفظ الآثار العربية مباني الأسبلة - ضمن كثير من المباني التاريخية الأخرى - آثارًا، وأوقفت الاستخدام الأصلي لهذه المباني، فصارت مزارًا فقط، ولم تعد تخدم عابري السبيل والمارة بسقيا الماء، ولم تعد تسمع في الشارع من نوافذها أصوات الأطفال وهم يقرأون القرآن.
الأسبلة اليوم:
وأكد "عبد العزيز" أن أغلبها يعد أعمالًا معمارية فنية تقترب من أن تكون أعمال نحت عمرانية صغيرة في الحجم والمقياس، ومتميزة في الشكل والزخارف، خالية لا تستخدم، ويتم التعدي عليها بسبب المشكلات العمرانية والاقتصادية للمناطق المحيطة بها، حيث تعرض عدد كبير من مباني الأسبلة للتدهور الإنساني والمعماري، للتعديات والإشغالات غير المناسبة، التي أدت لتدمير أجزاء منها.
كانت "بوابة الأهرام"، قد أجرت حوارا مفصلا مع الدكتور محمد عبدالعزيزعن الأسبلة وأهميتها وتطويرها:
http://gate.ahram.org.eg/News/1803547.aspx
خان الخليلى بوابات القاهرة القديمة مسجد الإمام الحسين