حين تتجول في طرقات وحواري حي باب الشعرية غرب القاهرة، تدهشك العمارة الإسلامية القديمة في هذا الحي الشعبي التجاري العريق، بعضها طاله الإهمال، والآخر انهار لأسباب متعددة، وثالث بقي محتفظًا بعراقته متمسكا بطرازه الأصيل.
موضوعات مقترحة
تأخذك تصاميم الحواري والأزقة والأسبلة والجوامع القديمة، في نطاق حي باب الشعرية، لعقود تاريخية متنوعة، أبرزها المماليك والعثمانين تمثل ذلك جليًا في جوامع "الدشطوشي – سيدي مدين الأشموني – المزهرية – البنهاوي – وغيرها".
يد الإهمال امتدت لكثير من هذه المساجد، لكن اهتمام أجهزة محافظة القاهرة، حاول إنقاذ بعضها بالتعاون مع الآثار، وتمثل ذلك في معالجة المياه الجوفية داخل مسجد "الدشطوشي"، كما تمكنت أجهزة حي باب الشعرية أخيرًا كذلك، من رفع المياه الجوفية من مسجد "سيدي مدين الأشموني.
وأكد العميد عبدالتواب رفاعي، رئيس حي باب الشعرية، أنه تم الانتهاء من شفط تراكمات المياه الجوفية من مسجد "سيدي مدين الأشموني"، في شارع باب البحر، المنشأ في عهد المماليك.
وأوضح رئيس حي باب الشعرية في تصريح خاص لـ "بوابة الأهرام"، أن المسجد مسجل باعتباره أثرا برقم (84)، وتابعا لآثار غرب القاهرة، وقد تعرضت مئذنته للسقوط، وقت زلزال 1992، وأغلقته وزارة الأوقاف منذ ذلك الوقت، علمًا بأن مسئولية ترميمه تؤول لوزارة الآثار، لأنها الجهة المالكة.
وأضاف رئيس الحي، أنه قد وردت للحي شكوى بشأن تراكم المياه الجوفية بالمسجد، مع وجود بقايا أخشاب متهالكة، وبمخاطبة شركة الصرف الصحي بالقاهرة، تم الدفع بطلمبات كسح تابعة للصرف الصحي، وطلمبة غاطس، وإزالة آثار المياه الجوفية.
بني المسجد حوالي (1465م)، ويقع بحارة مدين، أمر ببنائه الخوند مغل، وكان الشيخ محمد بن عبدالدايم المديني أحد علماء المالكية، -ابن أخت الشيخ مدين- كان فقيها لها ومعلما.
واشتمل المسجد على حوش جنائزي إلى جانب حجرتين للدفن إحداهما خاصة بالشيخ مدين، والأخرى ربما خصصت لأولاده، وفق ما ذكره المؤرخون.
كما اشتمل المسجد كذلك على مجموعة من العناصر الزخرفية والمعمارية كلها تمثل الأسلوب الذي ساد عمائر العصر الجركسي.
وعلى الرغم من أن المسجد يتبع طراز المدارس إلا أنه استعمل كمسجد وزاوية للشيخ مدين خصصت للصلاة وإلقائه الدروس على مريديه، وصار فيما بعد من أولياء الله الصالحين، له كرامات، وأسلوب خاص في التصوف، واتبعته كثير من الطرق الصوفية.
ويتكون الجامع اليوم من صحن مستطيل تحيط به 4 إيوانات، إيوان القبلة وتتقدمه الفرس المدببة، تعتمد على عمودين من الرخام تيجانها إسلامية الطراز على شكل ثمرة الرمان.
ويحتوى إيوان القبلة على محراب كبير في وسط جدار الإيوان على كل من جانبيه محرابان صغيران سدت جميعها الآن، ويعلو حائط القبلة أربع نوافذ مملوءة بالجص والزجاج المعشق، ويعلو المحراب الرئيسى في الوسط نافذة مستديرة مملوءة بالزجاج المتعدد الألوان.