قضى "محمد" زهرة عمره في الظلام، فلم ير لمدة 10 سنوات سوى وجه والدته، التي تعاني اضطرابات نفسية وعصبية، دفعتها لحبسه داخل منزل بقرية سجين الكوم التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية.
موضوعات مقترحة
اسمه بالكامل محمد رجب الغرباوي، أصبح الآن شابًا لا يعرف من معالم الدنيا سوي جدران المنزل المهجور، الذى تحول لكهف أجوف لا يزوه النور، ولا يدخله إلا الأم، التي تقمصت دور السجان تضع الطعام والشراب، لضمان أن تظل الضحية علي قيد الحياة.
قصة أغرب من الخيال، جرت أحداثها في قرية صغيرة اسمها "سجين الكوم"، وهو اسم لواقع عاشه "محمد"، داخل سجنه الصغير في منزل مهجور، ليتحول من طفل طبيعي، لشخص أشبه بسكان الكهوف والغابات، ثياب رثة ولحية طويلة تغطي وجه، وعيون زائغة حائرة تهرب من الضوء مثل الخفافيش.
لم يصدق رجال أمن الغربية حقيقة البلاغ الغريب، إلا عندما وصلوا لمكان الواقعة في المنزل المهجور وشاهدوا "محمد" الذي كان من الممكن أن يقضي عمره بالكامل داخل كهفه دون أن يعرف أحد، لولا بلاغ الأهالي لنجدة الطفل بالغربية ومشروع "أطفال بلا مأوى"، الذين تحركوا لإنقاذه.
الاضطرابات النفسية التي تعاني منها الأم كانت سببًا رئيسًا في حدوث الواقعة، وسببًا أيضًا في قرار النيابة العامة بإخلاء سبيلها، بعد أن أمرت بتوقيع الكشف الطبي على الشاب بمستشفى الأمراض النفسية، لبيان مدى سلامة صحته النفسية، وتبين سلامته من أي أعراض ظاهرية.
من قرية "سجين الكوم" ترصد "بوابة الأهرام" كواليس الواقعة في منزل قديم، مكون من طابقين به غرفتان وطرقة وحمام وأرض فضاء بها زجاجات بلاستيك وملابس قديمة، كان مكان إقامة الشاب المحتجز بداخله من قبل والدته، قبل تدخل الشرطة ونجدة الطفل وإنقاذه وإخراجه من المنزل لأول مرة بعد 10 سنوات.
يقول ياسر الغرباوي، عم الشاب، إنه حاول كثيرًا مع باقي أفراد العائلة دخول المنزل من أجل إخراجه، لكن والدة الشاب كانت ترفض، مؤكدًا أن الشاب كان في طفولته شخصًا طبيعيًا، يعمل في البناء والمحارة بعد خروجه من المدرسة بعد وفاة والده، وكان حبسه بدون أي مبرر.
وأضاف"الغرباوي" في تصريحات لـ "بوابة الأهرام"، أن الأم حجبت عنه أي مساعدة من جانب الأهالي أو أقاربه، لافتًا إلى أن للشاب اثنين أشقاء يقيمان مع جدتهما، إضافة لشقيق آخر من والده مقيم في المحلة الكبرى.
"المنزل شهد أكثر من مرة حوادث اشتعال النيران فيه نتيجة لتصرفات الأم الغريبة، لكن الأم هي التي وضعته في تلك الحالة السيئة".. والحديث لمحمد جبر، أحد جيران الشاب.
ويضيف حمزة ممدوح، أحد الجيران بالقرية، أنه لم ير "محمد"، منذ 10 سنوات، وكان يسبقه بعام في الدراسة الابتدائية، وكان شخصًا انطوائيًا ووالده توفي وهو صغير، وهو ما كان سببا في قيام أطفال القرية بالتعدي عليه بالضرب والسب، ما دفع والدته إلى منعه من التواجد في الشارع من أجل حمايته من الأطفال- وإن كانت طريقة خاطئة- لكنها لم تكن أما قاسية القلب كما وصفها البعض، وكان يفضل مساعدتهم بدون وجود هذه الضجة الإعلامية، ما يسبب مشكلات نفسية أكثر لهذه الأسرة.
ونوه محمد فتحي، أحد أهالي القرية، أن والد محمد كان كفيفًا، ووقت طفولته كان والده يصطحبه معه في شوارع القرية، يسأل الناس المساعدة ما كان سببًا في حدوث نوع من الاكتئاب لدى الطفل، وكره للمجتمع، وكان يخاف من الناس وزملائه والأطفال الذين كانوا يعايرونه بتعب والده ومد اليد، فكان شخصًا انطوائيًا.
وكشفت الدكتورة هند نجيب، المدير التنفيذي لمشروع "أطفال بلا مأوي"، أنها تلقت اتصالاً من أحد أهالي القرية بأن هناك أما تحتجز ابنها منذ 10 سنوات، وأنها تواصلت مع خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للأمومة والطفولة، وتم التواصل مع مديرية أمن الغربية وإخطارهم بالحالة، وتم توفير سيارة إسعاف ونقل الشاب إلى مستشفى قطور المركزي لتوقيع الكشف الطبي عليه، وعمل محضر رقم 4 أحوال نقطة شرطة المستشفى.
وأوضحت "نجيب" ـ في تصريح لـ "بوابة الأهرام"- أنه بعد إحالة الواقعة للنيابة العامة أصدرت قرارًا بإخلاء سبيل الأم بعد ثبوت معاناتها من اضطرابات نفسية ونظرًا للحالة الاجتماعية المتدنية للأسرة.
المنزل الذى احتجزت به الأم الشاب محمد بقرية سجين الكوم بقطور المنزل الذى احتجزت به الأم الشاب محمد بقرية سجين الكوم بقطور الإسعاف خلال استخراج الشاب محمد بقرية سجين الكوم بقطور الإسعاف خلال استخراج الشاب محمد بقرية سجين الكوم بقطور جانب من استخراج الشاب محمد من المنزل بقرية سجين الكوم بقطور الشاب مع الأم بعد انقاذه واستخراجه من المنزل المنزل الذى احتجزت به الأم الشاب محمد بقرية سجين الكوم بقطور