"موسم الرزق" يمتد شهرا في شمال سيناء.. أسماك "البردويل" تغزوا المحافظات.. و"كافيار" العريش يصل لبنان | صور

"ردت فينا الروح بعد سماع القرار، واطمنت على رزق عيالي الأيام الجاية"، هي كلمات تحمل بين طياتها الفرح، حدثنا بها فرج -أحد صيادي شمال سيناء- وهو يخبرنا عن شعوره، حيال قرار مد فترة الصيد في بحيرة البردويل شهرا أخر.

"فرج" ليس الوحيد الذي ملأت الفرحة جنبات صوته، كما لم يكن عمله كصياد هو ما زاد من فرحته في "موسم الرزق"، ولكن السعادة في صوته هي حالة عامة اجتاحت صدور أهالي شمال سيناء، بعد دخول قرار مد فترة الصيد في بحيرة البردويل شهرا، منذ 4 أيام، حيث أكدت إدارة البحيرة أن القرار جاء حرصا على مصلحة الصيادين.

"البحيرة مليانة بالخير.. وأسماك البردويل مشهورة"، يتابع فرج حديثه مع "بوابة الأهرام"، ولم تغب عن صوته الفرحة، بين صوت سعيد وابتسامة واضحة، وحاجبين مرتفعين، معددا أصناف الأسماك التي يتم اصطيادها من البحيرة بين البوري والدينيس والدهبانة واللوت والقاروص والوقار، وكذلك سمك موسى والثعابين وأبو منقار والكابوريا والجمبري، قائلا: "أسماك البحيرة البلدي كلها فاكهة أهل سيناء"، مؤكدا أن أسماك البردويل لها طابع ومذاق خاصان، لأن مصدرها معروف.

"البحيرة هي مصدر دخلنا الوحيد.. وبنستناها من السنة للثانية"، هذا ما أكده عماد حمدي -صياد- لـ"بوابة الأهرام"، معربا عن سعادته بتمديد فتح البحيرة لمدة شهر أخر، لافتا إلى الحيرة التي تنتابهم في البحث عن مصدر أخر لـ"أكل العيش" أثناء إغلاق البحيرة، مشيرا إلى أن لديه ٥ أولاد، هم حمدي في المرحلة الثانوية، وهدى في الصف الثاني الإعدادي، وإيمان وندى وشاهندة في صفوف مختلفة بالمرحلة الابتدائية، متسائلا "من وين هأكلهم وأشربهم؟".

ويتابع عماد، يتم فتح البحيرة من السادسة صباحا وحتى السادسة مساء، من السبت إلى الأربعاء، مشيرا إلى أنه عند إغلاق البحيرة يتجه للسروح في البحر، لافتا إلى "تيجي علينا أيام  بنصطاد سمكة واحدة". 

يشيد الصياد، بإجراءات تأمين الصيادين والبحيرة بشكل عام، مؤكدا أن البحيرة لم تشهد منذ وقت كبير أي مشكلات أو تجاوزات، والصيادون جميعهم ملتزمون بالتعليمات، والجهات الأمنية تسجل رقم السيارة ورقم البطاقة وصحيفة الحالة الجنائية ورقم رخصة الصيد لكل صياد، للتأكد من هويتهم، قبل إعطائهم التراخيص للسروح في البحيرة. 

أحمد زقزوق، مدير العلاقات العامة في بحيرة البردويل، أكد أن مد فتح البحيرة للصيادين يمثل انفراجة كبيرة لهم ولأسرهم، وهو قرار يؤثر بالإيجاب على اقتصاد سيناء بشكل عام، مشيرا إلى أن أسماك البردويل "تُغرق" أسواق المحافظة بجميع أنواعها، فهي مصدر خير لأهالي سيناء، ومواطني المحافظات المجاورة.

وأشار مدير العلاقات العامة في بحيرة البردويل  لـ"بوابة الأهرام"، إلى أن أسعار الأسماك تختلف وفق العرض والطلب، لافتا إلى أن موسم فتح البحيرة في السنوات الماضية كان يبدأ منتصف إبريل ويستمر حتى ديسمبر، ولكن لاعتبارات أمنية، تم فتحها من شهر أغسطس الجاري وحتى شهر ديسمبر. 

تباع أسماك البحيرة في مزادات، وتتراوح أسعارها -بحسب النوع- وفق العرض والطلب، فمثلا يتراوح سعر كيلو البوري بين 60 و65 جنيها، والجمبري بين 170 و220 جنيها حسب الحجم، وسمك الدهبان يتم بيعه بين 25 و30 جنيها، وكيلو الدينيس بين 60 و70 جنيها، ويشتري هذه الأنواع تجار من محافظات بورسعيد والإسماعيلية والقاهرة، لبيعها في باقي المحافظات. 

أكبر تجار الأسماك في مدينة العريش، يدعى عامر عيد، أكد لـ"بوابة الأهرام" عمله في المهنة منذ أكثر من 40 عاما، رغم حصوله على بكالوريوس التجارة، إلا أنه يهوى تجارة السمك، معربا عن سعادته بمد فترة فتح بحيرة البردويل، لأن -وفق تعبيره- "رزق البحيرة يغرق البلد بالأسماك البلدية الطازجة"، لافتا إلى أن القرار يتزامن في هذه الفترة مع موسم أسماك "الفوارغ"، وهو السمك المفرغ من "البطارخ" الذي يعرف بـ"بيض السمك" أو  "الكافيار". 

يتم بيع "سمك الفوارغ" بسعر زهيد، يتابع عامر عيد، حيث يتراوح سعر الكيلو بين 25 و35 جنيها لسمك البوري، مشيرا إلى إخراج البطارخ بطريقة احترافية وقصها، بحيث لا تتلف البطارخ، وذلك بقطعها من "الصدفة" وهي الجزء السفلي من بطن السمكة، ثم تمليحها لساعات قليلة بنسب معينة، ثم يتم غسله، ويترك ليجف، ثم يوضع على مكبس مصنوع من الخشب لتهيئته للتصدير، يتم بعدها سحب الهواء بماكينة "فاكيوم" لحفظه لفترة تصل من عدة شهور إلى عامين.
 
ويشير تاجر أسماك العريش، إلى تصدير البطارخ إلى عدة دول، مثل لبنان، التي تقدم في بوفيهات الفنادق الفاخرة خلال أعياد رأس السنة والميلاد، كوجبة أساسية، لافتا إلى أن كيلو البطارخ للتصدير يتراوح سعره بين 700 إلى 1000 جنيه.

البطارخ من أكثر الأطعمة البحرية فائدة، فهي مصدر للأوميجا 3، وبها كمية من الدهون والبروتينات وفيتامين ب المركب، بالإضافة إلى فيتامينات ج، أ، كما أنها غنية بالفسفور واليود والكالسيوم، ويقوي المناعة، ويقي من الجلطات الدموية والسكتات الدماغية، ومقوي للأسنان والعظام والدم، ومقوي عام للذاكرة والقلب والكبد،  ويعطي طاقة وحيوية للجسم، ويحفظ الكلى من الحصوات.

ويختتم "عامر" حديثه، لو يعلم أهل العريش فائدة البطارخ، لأكلوها بدلا من الأسماك، ولكن أسعارها المرتفعة هي التي تحول دون الإقبال على شرائها بشكل كبير، ولكن يعتمد أهل سيناء على أسماك البحيرة من البوري والدينيس والثعابين واللوت وأبو منقار والوقار والصيجان والصفيرة والكابوريا والجمبري.

"ننتظر موسم فتح البحيرة بفارغ الصبر، لأننا اتعودنا على سمكنا وخير بلدنا، وما بنعرف ناكل السمك برة العريش"، تقول أم محمد -ربة منزل من العريش- لـ"بوابة الأهرام"، مشيرة إلى شراء كميات كبيرة من الأسماك عند بداية موسم الصيد، وتجميدها، ثم استخدامها لأطول فترة في غير موسمها، ونهديها إلى أصدقائنا في المحافظات الأخرى. 

وتُعدد "أم محمد" طرق طهي الأسماك، مشيرة إلى أن أهالي المدن الساحلية يشتهرون في طهي الأسماك بطريقة "الصيادية"، والشي على الفحم، والشي في الفرن، و"السنجاري" و"الطواجن" و"الصينية"، و"المدفونة"، والسمك المقلي، والمشوي المتبل.