سيظل حلم الوصول لمقبرة الإسكندر الأكبر، مؤسس مدينة الإسكندرية، يراود أفكار البعثات الأثرية، للكشف عن موقعها بعد محاولات كثيرة، استنفدت قرنًا من الزمان.
موضوعات مقترحة
عشرات البعثات الأجنبية بحثت عن قبر الإسكندر الأكبر، إلا أن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل، إلا أن القدر أراد أن "يروي ظمأ" البعثة البولندية، التي كانت تبحث في ستينيات القرن الماضي عن القبر، عندما قادتها المصادفة للكشف عن المسرح الروماني بالإسكندرية، أحد أكبر المسارح الرومانية في العالم.
أنشئ المسرح في القرن الرابع الميلادي، وتم اكتشافه بالصدفة عام 1960، أثناء تنقيب البعثة البولندية عن مقبرة الإسكندر الأكبر بمنطقة "كوم الدكة"، الذي ثار الجدل حوله في حينها، عن المبنى ووظيفته.
يقول الدكتور أحمد عبدالفتاح، مستشار المجلس الأعلى للآثار سابقًا، إن أعمال التنقيب تواصلت في الموقع لمدة 30 عامًا، بواسطة مركز آثار البحر المتوسط، والبعثة البولندية، وجامعة الإسكندرية.
وأضاف "عبدالفتاح"، في حديثه لـ"بوابة الأهرام" أن أعمال التنقيب تمكنت من اكتشاف بعض قاعات الدراسة، في شهر فبراير عام 2004، لينتهي بعدها التنقيب في هذا التوقيت، وينتهي الفكر السائد لدى الباحثين، بأن هذا المبنى كان يستخدم مسرحًا للأطفال فقط، حيث كان يرجح أن تلك الغرف كانت تستخدم كقاعات محاضرات للطلاب، أو أنها ذاتها جزء من جامعة الإسكندرية القديمة.
وأشار "عبدالفتاح"، إلى أن المسرح قد ورد ذكره منذ 14 قرنًا، بالخطاب الشهير الذي أرسله القائد الإسلامي، عمرو بن العاص، للخليفة عمر بن الخطاب، عقب فتحه الإسكندرية، كان قد تحدث فيه عن انبهاره به، ووصفه بأنه مصنوع بالكامل من الرخام.
وأوضح أن النقوش والرسومات الموجودة على بعض الأجزاء المكتشفة بالمسرح، كشفت عن مرور ثلاثة عصور على المبنى، وهي عصور (الروماني - المسيحي - بداية العصر الإسلامي)، وظهر هذا مع طراز العمارة والمواد المستخدمة فيه، مقارنة بالمباني الأخرى المقامة في هذه الحقبة، قبل الزلازل المدمر الذي ضرب الإسكندرية في القرن السادس الميلادي.
وعن تصميم المسرح، أوضح "عبد الفتاح"، أنه تم تصميمه على شكل "حدوة الحصان"، يتكون من 13 صفًّا من المدرجات الرخامية والمصنوعة من أحجار شديدة الصلابة، وبها أرقام يونانية، تحدد تنظيم الجلوس، ويتسع المدرج لنحو 600 شخص.
وللمسرح الروماني مدخلان، أحدهما جهة الشمال، والآخر جهة الجنوب، من خلال قوسين في الجدار الخارجى، تم غلقها بعد ذلك في العصر البيزنطي، بجانب حجرتين كبيرتين في المدخل إحداهما جهة الشمال، والأخرى جهة الجنوب، كانتا تستخدمان كأماكن انتظار.
وأشار "عبدالفتاح"، إلى أن الرومان قاموا ببناء خمسة مقصورات أعلى هذه المدرجات، تعلوها قباب، مكونة من مجموعة أعمدة، لحماية الجالسين من عوامل الطقس الخارجية، كالأمطار وحرارة الشمس، بالإضافة إلى وظيفتها الأساسية في عملية التوصيل الجيد للصوت، ولكن لم يتبقَّ منها سوى مقصورتان، حيث سقطت الثلاثة الأخريات إثر زلازل قوي تعرضت له المدينة في القرن السادس الميلادي.
وتابع: في منتصف المدرج، تقع منصة مساحتها 45 مترًا، بعمق 38 مترًا، مصنوعة من الخشب، وكانت مكانًا لعزف الموسيقى "الأوركسترا".
من جانبه قال خالد أبوالحمد، مسئول الآثار اليونانية والرومانية بالإسكندرية، إن المسرح يضم العديد من القطع الأثرية من عصور مختلفة، ومن بينها الفرعوني.
وكشف "أبو الحمد" لـ"بوابة الأهرام"، عن أن تلك القطع الفريدة تتضمن لوحة كبيرة عليها تصوير للملك سيتي الأول، يقدم قربانًا لهيئة غير واضحة، ولوحة أخرى له وهيئة المعبود سيتي، كما يوجد تمثال على هيئة أبو الهول لرمسيس الثاني، ومثله للملك "بسمتيك نفردايب رع"، ولوحة عليها رأس البقرة “حتحور"