شهد عام 2017م، قيام مدارس قنا، وبالأخص مدينتي فرشوط ونجع حمادي شمالي قنا، بإنتاج السماد العضوي من المخلفات لأول مرة، بناء علي قرار محافظ قنا اللواء عبدالحميد الهجان، الذي أصدر قراراً يقضي بتفعيل وحدة الكومبوست داخل المدارس الزراعية لتصنيع الأسمدة العضوية، عن طريق تدوير المخلفات الصلبة.
موضوعات مقترحة
وأضاف الهجان في قراره، أنه يمكن من خلال وحدة الكومبوست إنتاج 300 كجم سماد عضوى من كل طن مخلفات، من خلال معالجتها بالكمر والماء والتقليب الدورى لمدة 4 أشهر، مشيرا إلى أن هذه الكمية تكفى لتسميد فدان زراعى، وأضاف أن المديرية، نظمت ورشة عمل استهدفت تدريب 16 معلمًا من معلمى المواد الزراعية على إنتاج الكومبوست، ونوه إلى أنه تم تطبيق التجربة بمدرستى فرشوط ونجع حمادى كبداية، وتم تعميمها على المدارس الزراعية التسع التابعة للمديرية.
"بوابة الأهرام" تستعرض في نقاط، كيف تم اكتشاف كنز قنا من الأسمدة منذ 120 سنة، وهو السماد الذي كان يغطي إنتاجه معظم محافظات الجمهورية من الأسمدة الكيماوية، جنباً إلي جنب مع شركة تم تأسيسها في مدينتي القاهرة والإسكندرية لإنتاج السماد من المخلفات البرازية، ومن زبل الحمام، ومن دماء وقرون الحيوانات.
كانت الشركة تنقل المخلفات بواسطة مضخات، وتقوم بعمل ترشيح للمواد، من خلال إضافة الفحم مخلوطًا بالرمل، أو الطين المحروق، ومن خلال المواد الكيماوية ينفصل حمض الفسفوريك من المواد، وأكثر ما يستخدم فى المواد الكيماوية لفصله عن طريق الجير لسهولة الحصول عليه ولرخص ثمنه.
في عام 1896م، أي منذ أكثر من 120 سنة، ضربت أزمة سماد مصر، التي كانت تعتمد علي صادرات القطن والقمح والسكر، وسط أزمة غلاء فى سعر طن زبل الحمام "روث طيور الحمام"، الذي كان يتم الاعتماد عليه كسماد عضوي وحيد في أراضي الوجه القبلي، متزامنة مع قيام الحكومة برفع ضرائب، وصفت وقتها بالمرتفعة علي كل فدان، حيث قررت الحكومة فرض 100 قرش صاغ على كل غلة فدان، وهو ما دعا الحاجة لرحلة علمية لاكتشاف بديل.
أزمة السماد منذ 120 سنة، أدت بسلطة الاحتلال الإنجليزي التي سيطرت علي جميع مقاليد الأمور بمصر، إلى إرسال المستر فولر، مدير الزراعة في سلطة الاحتلال، للبحث عن حلول، حيث نشرت الصحف والمجلات الثقافية آنذاك، مثل مجلة المقتطف، رحلته واكتشافه، الذي وصف بأنه عظيم، حيث اكتشف فولر، أن من أعالي الصعيد، ويقصد حتي محافظة قنا، يوجد كنز كبير من الأسمدة في الجبال علي جانبي النيل لا ينفذ.
وأكد فولر، أن الكنز، والذي يقصد به غالبًا - جبال الفوسفات الممتدة من السباعية حتي قنا في وقتنا الحالي - مشحونة بنترات الصودا، وهي من أفضل الأسمدة، وأكد مولر، أن هذا الكنز المتواجد علي نهر النيل في قنا قادر علي توفير أسمدة كيماوية، تغني مصر عن الأسمدة.
المستر فولر، مدير الزراعة، بعد رجوعه من رحلته، كتب تقريرًا تم نشره في كافة الصحف أيضًا في نفس العام 1896م، حيث أكد بإحصائية، أن الأراضي المصرية التي لا تسمد تبلغ نحو أكثر من الثلث، مشيراً إلى أن العالم الفرنسي جرار، حين زار مصر في بداية القرن التاسع عشر لم يذكر استخدام السماد في أراضي الصعيد، وإن كان ذكره في الوجه البحري، لافتا أن جرار لم ينتبه للسماد الموجود في أراضي الصعيد، لأنه لا خصوبة للأرض إلا بالسماد.
سعر طن زبل الحمام "روث الحمام"، وصل سعر الإردب منه لنحو 150 قرشًا آنذاك، وقام المسيو غاي لواك، وهو من أوائل العلماء الأجانب الذين قاموا بتحليل المادة الكيماوية في زبل الحمام المصري، ووجده يحتوي علي نحو 4% من النتروجين.
وأكد المستر فولر، أن من رأيه أنه ليس في نهر النيل، ولا في الطمي نسبة كبيرة جدًا من النيتروجين، ولكن الكمية القليلة منه تكفي لاصلاح الأراضي كثيراً، لافتا إلى أنه لو بلغ سمك الطين سنتيمترًا، صار النيتروجين كافيًا لزراعة القمح، مضيفًا أن هذا من فائدة الري الحياض، أي الأراضي التي لا تزرع سوي مرة واحدة في السنة.
مستر فولر، مدير الزراعة المصرية، أكد أن القرش الصاغ يشتري من زبل الحمام نحو كيلو واحد من النتيرات، لافتاً إلى أن الزبل الذي يوضع للذرة يعادل نحو 200 كيلو من نترات الصودا، والذي يوضع للذرة يعادل 100 كيلو، لافتاً إلى أن العادة في بلاد الإنجليز التي ينتمي إليها، أن يسمد فدان القمح والشعير 120 كيلو من نترات الصودا.
وأوضح، أنه تم أخذ عينات من السماد والسباخ في أماكن كثيرة من أراضي الصعيد، مثل العرابة المدفونة في أبيدوس، فوجد فيها مابين 37 و4% من النترات والنتروجين، مثلما تم أخذ عينات من أسوان وأخميم، لافتاً إلى أن مقدار الأسمدة المتواجدة في زبل الحمام وروث البهائم هى مقدار 2% فقط.
.
بالإضافة لهذه الأسمدة، كان يوجد مسحوق القرون الذى أنتجته الشركة التي تم تأسيسها في مدينتي القاهرة والإسكندرية، من خلال سحق قرون الحيوانات، فقد كان يحتوى مابين 8 إلى 14% من الأزوت، وكان غير قابل للذوبان، لذا كان يخلط بأسمدة الخيل أو الجير قبل استخدامها فى الأراضى، أما السماد الخصوصى الذى أنتجته الشركة فى مصر، فكان يتكون من الدم الجاف، ومسحوق اللحوم والعظام، وكان الطن يباع منه بمبلغ 500 قرش، كما كانت تنتج سماد زبل النعام، حيث كانت الشركة تملك مزرعة لتربية النعام بالمطرية تضم 1000 نعامة، وقد عرضت الشركة زبل النعام للبيع بعد تركيب أسمدة من مخلفاتها.