من خلال بيت طيني، لايشوه التراث المعماري لمعبد دندرة الأثري بقنا، يقبع البيت الفرنسي، الذي يتواجد في محافظة قنا بصعيد مصر منذ أكثر من نصف قرن للزمان، حيث قامت البعثة الفرنسية العاملة في الحفائر، بالكشف عن الكثير من الآثار المهمة، وأجرت الكثير من الدراسات الأثرية عن المعبد الذي يحوز على شهرة عالمية.
موضوعات مقترحة
والبعثة الفرنسية المتواجدة في قنا منذ نصف قرن من الزمان، مثلت العلاقات الثقافية والحضارية التي تجمع بين فرنسا ومصر منذ قديم الزمان، حيث منوط بها أن تجري أعمال حفر واكتشافات وتوثيق للآثار داخل معبد دندرة، بالإضافة أنها تقوم منذ 15 سنة أي ربع قرن من الزمان بحفائر أثرية مهمة خارج معبد دندرة في معابد مركز قفط جنوب قنا، والتي تهدمت بسبب الصراعات السياسية التي كانت دائرة في العصري اليوناني والروماني بمصر.
وقال الأثري محمد حامد لــ"بوابة الأهرام"، إن البعثة الفرنسية قامت بدور كبير في نشر دراسات عن معبد دندرة، كما قامت بعمل حفائر لاكتشاف ما في المعبد من آثار مدفونة، حيث تمكنت العام الماضي من اكتشاف تمثال كامل في جبانة المعبد، مصنوع من الحجر الجيري بهيئة رجل جالس.
وأضاف أن التمثال، يظهر أنه من عِلية القوم الذين كانوا يعيشون في هذا الوقت في معبد دندرة، وكانت عليه الكثير من النقوش الفرعونية البارزة، كما كان يمتاز بأنه غير مهشم، حيث استطاعت البعثة الفرنسية استخراجه، واكتشافه، وتوثيقه، وتجري عليه حاليا دراسات أثرية عليه.
معبد دندرة بقنا، هو معبد الآلهة حتحور آلهة الحب والجمال عند الفراعنة، ويعود تاريخ المعبد لعصر ما قبل الأسرات، وقد عاصر تطورات كثيرة علي كافة عصور مصر المختلفة، وفي العصور الحديثة، ووقت التنقيب عن المعبد، كان المعبد مغطى بالرمال إلى النصف تقريبا، الشيء الذي حافظ على الرسومات على جدران المعبد، كما حافظ عليها من النهب، ووجدت الغرف العليا في المعبد مسكونة، وعاش فيها أناس فترات طويلة، وكانوا يوقدون النار لطعامهم والتدفئة، وكانوا يبحثون عنه عن زبل الخفاش لاستخدامه في السماد.
قام علماء الحملة الفرنسية بتوثيق المعبد في الكتاب الشهير، وصف مصر أبان الحملة الفرنسية، وقامت الملكة أوجيني ملكة فرنسا بزيارة المعبد في زيارة لها وقت افتتاح قناة السويس عام 1869م، وتضم المتاحف العالمية الكثير من مجسمات أثرية من المعبد العتيق، حيث قام ملوك ورؤساء مصر مثل الخديو إسماعيل، وغيرهم، بإهداء مافيه من مجسمات لبعض الدول، وهي العادة التي كانت جارية، ومعمول بها آنذاك.
وأوضح عبدالحكيم الصغير، مدير معبد دندرة لــ"بوابة الأهرام"، أن البيت الفرنسي والبعثة الفرنسية، تقوم بمجهود خارق لتوثيق الآثار، مضيفاً أن البيت الفرنسي يقوم بعمل رفع معماري، وجيولوجي، داخل المعبد، لعمل دراسات عن نقوش المعبد، الذي له شهرة عالمية في كافة أنحاء العالم، كما تقوم بعمل حفائر، وهي الحفائر التي توصلت للكثير من قطع الفخار، التي تمثل الحقب التاريخية التي مرت علي المعبد، وكذلك اكتشاف البعثة لتمثال خادم الكاهن في المعبد، حيث يتم تسجيل الآثار المكتشفة، ويتم إعطاء رقم لها، ويتم وضعها في المتحف المخزني للقيام بعمل دراسات أثرية عنها.
لمدة 15 سنة، تواصل البعثة الفرنسية، التابعة للمعهد الفرنسي، حفائرها بالمنطقة الأثرية بقفط جنوب محافظة قنا، في معبد الإله "مين"، بقفط جنوب قنا، والمنطقة التي تبلغ مساحتها 45 فدانًا، تحوي معوقات كثيرة للبعثة الفرنسية؛ بسبب وجود نباتات الحلفا والشوك، الذي يعرف بـ"العقول" باللهجة الصعيدية، وهي معوقات كبيرة تراها البعثة بسيطة؛ بسبب ضخامة مافي باطن الأرض، واصفة المكان، بأنه لابد أن يتحول إلى متحف مفتوح.
وقفط، هي عاصمة الإقليم الخامس من أقاليم مصر العليا، عرفت في مصر القديمة باسم "جبيتو" أي طريق القوافل، وتحولت في القبطية إلي "كبت"، و"كبيتو"، وهي نشأت في عصر الدولة القديمة لوقوعها على طريق القوافل المؤدي إلي وادي الحمامات بالصحراء الشرقية، وقد تهدمت معابدها بسبب الصراعات السياسية التي كانت دائرة في العصور البطلمية والرومانية في مصر.
الدكتورة لورا بنتلاتشى، رئيسة البعثة الفرنسية التي تُجرى أعمال حفائر أثرية بمعبد الإله "مين" إله الخصوبة، وسيد الصحراء الشرقية والأراضي الأجنبية أكدت لــ"بوابة الأهرام"، أن مدخل المعبد الجنوبي الذي يوجد في العويضات، يضم مقصورة الوحي لكليوباترا، والغرض منه، كما يقول المؤرخون، هو استشارة الوحي، وهو لم يكن مقصورًا على أوقات الاحتفالات الدينية، وإنما في كل وقت، مما يدل على أهمية المقصورة للعامة والخاصة.
تضيف لورا إن البعثة مشغولة بإبراز ما أنتجته الحفائر المستمرة منذ 15 سنة حتى وقتنا هذا، التي أدت إلى إبراز بعض شواهد من معبد الإله مين في العصر الفرعوني، وبعض الأحجار المنقوش عليها الإلهة إيزيس. بالإضافة لشواهد برتيتوس التي تعتبر من أهم إنجازات البعثة الفرنسية، مشيرة، إلي أن برتيتوس كان مديرًا للمنطقة، وعاصر 3 ملوك، لافتة إلى أن له 25 نصًا، وأن هناك نصوصًا له موجودة من قديم الزمان في أوروبا، مثل النص الذي كتبه للملك نيرون، مشيرة إلى أن البعثة، تقوم بإبراز المقاصير الأثرية، وكل مافي المنطقة من آثار قديمة، قائلة، إن كل ذرة تراب تضم أثرًا في هذا المكان الذي تهدم منذ العصر اليوناني والروماني، بسبب الصراعات السياسية.