في اليوم الخامس من شهر رمضان الموافق عام 1306 هجريًا والذي كان يوافق أيضا اليوم الخامس من شهر مايو من عام 1889 ميلاديًا عدلت الحرمة أمباركة بنت القلا - كما كتبت اسمها - وثيقة القومسيون عن شهادتها القديمة التي أدلت بها للشرطة عام 1886م مؤكدة أنها لا تدري من قتل شقيقها أحمد القلا وعمها محمد القلا في ساقية بمنطقة صفط اللبن بالجيزة.
موضوعات مقترحة
كانت الشرطة قامت بالتحفظ علي الأشقاء وهم: يوسف أبو النجا وحامد أبو النجا وحسن أبو النجا بناء علي اتهام أمباركة في قتل شقيقها وعمها بالقرب من ساقية بمديرية الجيزة كما تحفظت الشرطة أيضا علي محمد عثمان السوداني بناء علي شهادة معاون البوليس في الواقعة.
بعد 3 سنوات من السجن وفي شهر رمضان قررت أمباركة العدول عن شهادتها مؤكدة أنها كانت مندهشة ومصدومة وقت الحادثة في قضية القتل التي دونتها محاضر قومسيون أشقياء الداخلية نافية أن يكون أقرباؤها قاموا بتنفيذ واقعة القتل في شقيقها وعمها.
يقول الباحث التاريخي أحمد الشقيري لــ"بوابة الأهرام" إنه في عام 1886م هجم مجموعة من اللصوص علي مجموعة من المزارعين يقومون بإدارة ساقية لهم في ناحية صفط اللبن حيث قام اللصوص بإطلاق أعيرة نارية تجاه كل من محمد القلا، وأحمد القلا، وعلي حسن القلا، ومحمد علي سرية وشقيقه علي سرية.
إطلاق الأعيرة النارية أدي لوفاة محمد القلا وابن أخيه أحمد القلا وإصابة الآخرين بإصابات طفيفة حيث قاموا بملاحقة اللصوص دون جدوى ومن ثم تم تدوين المحضر رقم 10 ج نمرة 34 في قومسيون أشقياء مديرية الجيزة التي أرسلت أوراق القضية لقومسيون أشقياء وزارة الداخلية للنظر فيها.
قامت الشرطة بدورها باستجواب المصابين في الواقعة فلم يتهموا أحدا كما دلت الوثيقة إلا أن الحرمة أمباركة شقيقة القتيل أحمد القلا وبنت شقيق محمد القلا اتهمت أقرباء لها في تنفيذ الواقعة مطالبة الشرطة بالقبض عليهم.
يؤكد الشقيري أن أمباركة أوضحت للشرطة أن حال سماعها بالحادثة اتجهت نحو أخيها وعمها ووجدت شقيقها أحمد القلا علي قيد الحياة وقبل أن يلفظ بأنفاسه الأخيرة أخبرها بأن 3 أشخاص من أقاربه وهم يوسف أبو النجا واشقاؤه قاموا بتنفيذ الواقعة لوجود خصومة عائلية بينهم.
هل كانت أمباركة تحمل كراهية خالصة أما حبا وعشقا أوصلها لدرجة الكراهية واختلاق الكذب كي تعطي لأقاربها درسًا قاسيًا أسئلة لا تجبنا عنها وثيقة القومسيون التي أكدت أن الشرطة انساقت لشهادة أمباركة وقامت بالتحفظ علي 3 أشقاء من أقاربها بتهمة القتل بل زادت الوثيقة أن معاون بوليس الجيزة أكد في تحرياته أن مواطن يدعي محمد عثمان السوداني اشترك معهم في الجريمة.
تم سجن الـ3 أشقاء بالإضافة لمحمد السوداني بناء علي شهادة أمباركة ومعاون بوليس الجيزة ليقبعوا في السجن لمدة 3 سنوات من عام 1886م حتى عام 1889م رغم قيام مساعد نيابة الجيزة بإحالة أوراق القضية علي قومسيون أشقياء الداخلية وإعادة النظر فيها ثانية بعد شهر من الواقعة في 12 يونية من عام 1886م برقم 24.
حدثت واقعة السطو والقتل بعد احتلال مصر بـ4 سنوات حيث زاد الانفلات الأمني جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة في عهد الخديو توفيق كما يؤكد أحمد الشقيري لافتا إلى أن الواقعة حدثت في عام 1886م في وقت اكتشاف أول بئر بترولي في مصر في منطقة جمسة بالإسكندرية فيما كان العالم في شهر مايو من عام 1886م وقت تحرير الحادثة يشهد الاحتجاجات العمالية في أمريكا والذي اتخذه العالم فيما بعد عيدًا للعمال.
بعد مرور 3 سنوات وفي عام 1889م قام قومسيون أشقياء وزارة الداخلية بفتح التحقيق في القضية وتم استحضار واستجواب المتهمين الذين تم سجنهم بناء علي شهادة أمباركة ومعاون بوليس الجيزة حيث أنكر المتهمين أنهم قاموا بتنفيذ واقعة القتل.
أما أمباركة فهي قد عدلت عن شهادتها بحجة أنها اندهشت وصدمت من واقعة قتل شقيقها وعمها أما معاون البوليس فقد أكد أنه اتهم محمد عثمان السوداني ومحمد أبو النجا لأنهما كانا موجودين بالساقية في وقت الواقعة.
لماذا عدلت أمباركة عن شهادتها ولماذا كذبت في شهادتها الأولي؟ هل لأنها قامت بإعطاء الدرس الكافي والعقاب لأقاربها أم لأسباب آخري؟ كل ماهنالك أن القومسيون قرر الإفراج عن المتهمين وبعد 4 شهور من الإفراج تم استدعاء أمباركه ثانية وورثة القتلي أمام القومسيون ليتم سؤالهم ثانية هل تعرفكم عن الفاعلين الحقيقيين؟، وتكون إجاباتهم بالنفي ليقرر القومسيون تكليف الشرطة بالبحث عن الفاعلين الحقيقيين في قضية السطو والقتل التي حدثت في منطقة صفط اللبن بالجيزة وإثبات براءة المتهمين.
.