صدق أو لا تصدق.. هناك شحنات من "اللندين المسرطن" موجودة في ميناء الأدبية بالسويس منذ 17 عامًا، ولم يتحرك أحد للتخلص منها، ومازالت حتى الآن مصدر خطر على صحة العاملين في الميناء.
موضوعات مقترحة
وتفجرت هذه القضية الخطيرة من جديد، بعد تصريح الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة بأن شركة مصرية عرضت على الحكومة التخلص من هذه الشحنات، لكنها رفضت العرض، إذ إنه لا توجد شركة في مصر لديها القدرة على التخلص الآمن من هذه المادة، ويجب أن تقوم بهذه المهمة شركة دولية تتحمل تبعات أي خطأ في عملية التخلص.
وأكد فهمي أن مصر والبنك الدولي بصدد طرح مناقصة دولية لاختيار الشركة التي ستتولى التخلص منها، حيث تم تقدير التكلفة وحصر الأماكن والمنشآت التي يمكن أن تستقبلها، بالإضافة إلى إجراء دراسة تقييم التأثير البيئى بالتعاون مع محافظة السويس.
وأضاف وزير البيئة، أن إجراءات الطرح، والمناقصة، والدراسات، تتم بواسطة خبراء دوليين، وأنه تم الانتهاء من كراسات المناقصات الدولية بعد تعديلها، وهي الآن موجودة بالبنك الدولي، ومن المقرر الموافقة عليها، وطرح المناقصة خلال أسبوعين.
وأضاف فهمى، أن الوزارة ستحصل على موافقة النيابة العامة لنقل "اللندين"؛ لأن هناك شقًا قضائيًا في المشروع، خاصة أن هذه المواد بمثابة "أحراز" في حوزة النيابة، ولا يمكن فتحها إلا بموافقتها، فالتخلص من الحاويات سيكون بطريقة، والمواد المسرطنة بطريقة أخرى، والمواد المعبأة بطريقة ثالثة.
وأشار فهمي إلى أن عملية نقل المخلفات الدولية تنظمها اتفاقية "بازل" ومصر موقعة عليها، وملتزمة بإبلاغ الاتفاقية بخطوط سير الشحنة والمحطات التي ستتوقف بها، وتحصل مصر حاليًا على موافقة هذه الدول، بالإضافة إلى موافقة بازل؛ ولذلك فإن الإجراءات تتطلب وقتًا؛ لأن في كل دولة سيمر عليها الشحنة بها جهة معنية مكلفة بالتفاوض مع مصر.
وترجع قصة هذه الحاويات التى يبلغ عددها 10 حاويات بوزن 220 طنًا، إلى عام 1999، حيث وصلت وقتها إلى ميناء الأدبية عن طريق مستورد استوردها من فرنسا، واستخدم الأراضي المصرية كـ"ترانزيت"، لإعادة تصديرها إلى بعض دول إفريقيا، وتم اكتشاف أن الحاويات تضم مبيدات حشرية بها مادة "اللندين" المسرطنة، والمحظور دخولها إلى البلاد، وتمت محاكمة صاحب الشحنة والشركة المستوردة، إلا أنهما حصلا على البراءة في عام 2006، واختفيا بعد ذلك، وبعدها أعلنت هيئة مواني البحر الأحمر عن مناقصة دولية؛ للتخلص من الحاويات، وفق اتفاقيتي "استكهولم وبازل" العالميتين، ثم جرى التفاوض مع شركة "لافارج" الفرنسية بالمنطقة الصناعية بالعين السخنة؛ لإعدام الشحنة في أفرانها عالية الحرارة، وسط رفض تام من جميع الشركات الواقعة بطريق العين السخنة خوفًا من إصابة عمالها بأضرار من المواد الناتجة عن إعدامها.
وبرغم كل ذلك ظلت المشكلة قائمة دون حل، ولم يراع أحد أن الميناء يستقبل يوميًا مواد غذائية وسلعية وشحنات حيوانية، من الممكن أن تتلوث بـ "اللندين"، فمتى تتخذ الحكومة خطوات واقعية للتخلص من هذه المادة المميتة؟ ولماذا لا تتم إعادة محاكمة مستورديها؟ فالأمر خطير، ولايمكن السكوت عنه.