Close ad
22-5-2016 | 18:22
لم يكن الوقت متأخرًا كثيرًا عندما تلقيت خبر الموافقة على لقائي مع ملك سوزايلاند مسواتى الثالث – على هامش اجتماعات المؤتمر الوزارى الخاص بالتكامل في إفريقيا – ضمن وفد من المشاركين في المؤتمر تتقدمهم دكتور دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقى.

وقد أبلغني مسئول البرتوكول بذلك في العاشرة مساء وبعد انتهاء يوم عمل شاق بالمؤتمر، وعندما سألته عن موعد اللقاء قال سيكون غدًا، ولكن دون تحديد موعد له، واكتفيت بذلك لإدراكي صعوبة اللقاءات مع الرؤساء أو الملوك، نظرًا لارتباطاتهم الكثيرة.

وفى اليوم التالي وبعد انطلاق جلسات المؤتمر وتحديدًا في منتصف اليوم، علمت أن لقاء الملك سيكون في السابعة مساء في القصر الملكي، وكانت سعادتي غامرة بهذا اللقاء – برغم لقائي عددًا من الرؤساء من قبل – ولكن كان هذا اللقاء له أهمية خاصة لدي لعدة أسباب يأتي في مقدمتها الحجم الكبير من الشائعات والأخبار التي يتم تداولها حول الملك، خاصة ما يتعلق منها بحياته الشخصية وزوجاته البالغ عددهن خمس عشرة زوجة – في ذلك التوقيت – والاحتفالات الضخمة التي تتم إقامتها سنويًا لاختيار زوجة للملك، بالإضافة إلى ما يتردد حول كيفية وجود ذلك العدد الكبير من الزوجات في القصر الملكي وامتلاك كل زوجة جناحًا خاصًا بها في القصر.


وتحدثت كثيرًا مع عدد من المسئولين والسكان المحليين في مملكة سوازيلاند حول مراسم اختيار الملك لزوجاته، ولمست حبًا كبيرًا من الناس للملك بسبب تواضعه والتحامه بهم ومشاركته لهم في المناسبات القومية، ولكنهم أكدوا لي أن الاحتفالات السنوية لاختيار زوجة للملك، والتي تقام في نهاية شهر أغسطس، وأوائل سبتمبر يتم التحضير لها طول العام، حيث تحلم كل فتاة في المملكة بأن تصبح زوجة للملك وبالتالي تكون ملكة، ويتم انتشالها وعائلتها من براثن الفقر المدقع في البلاد للأبد، حيث تشارك في الاحتفالات والتي تستمر ثمانية أيام أمام القصر الملكي أكثر من خمسين ألف فتاة يظهرن فيه شبه عاريات تقديرًا للملك والملكة الأم المعروفة أيضًا باسم أنثى الفيل العظيمة.

وعلى مدى الأيام الثمانية وهي عمر الاحتفالات، يقوم الملك مسواتي الثالث – 48 سنة والذي تولى مقاليد الحكم في عام 1986- وهو الابن الوحيد لوالدته (انتونبي) المعروفة أيضًا باسم - انغوسيكاتي لاتفاولا- وكانت أصغر زوجات الملك سوبوزا الثاني والذي كان له 70 زوجة و210 طفلًا، وعند وفاته كان لديه حوالي 1000 حفيد – بتفقد عشرات، بل آلاف الفتيات؛ لاختيار إحداهن لتكون زوجة له، وسط مظاهر ضخمة من الزينة والرقص والموسيقى التقليدية، وانتشار عدد من الأسواق التقليدية على مشارف مكان الاحتفالات للاستفادة من تجمع الأهالي من مختلف مناطق المملكة، حيث يعتبره البعض فرصة لبيع منتجاتهم للحضور؛ سواء من السكان المحليين أو من الأجانب الذين تتم دعوتهم لحضور الاحتفال المهم.

وبرغم عشرات التساؤلات التى ازدحم بها ذهني قبيل لقائي الملك مسواتي الثالث فإن حدتها بدأت في التلاشي بعد وصولي إلى القصر الملكي، حيث وجدته على مساحة كبيرة من الأراضي، ولكنه ليس فخمًا -كما توقعت- فهو قصر متواضع ليس به مظاهر كبيرة للترف، سواء في المداخل أو الحدائق المنتشرة به، وكانت المفاجأة عندما دخلت إلى القاعة الرئيسية في القصر الملكى، حيث وجدتها قاعة عادية للغاية بها سجادة ضخمة مزركشة بألوان زاهية ومتعددة، وتضم القاعة أيضًا خشبة مسرح صغيرة، وانتظرنا نحو خمس عشرة دقيقة قبل وصول الملك، والذى سبقته مراسم استقبال عبارة عن أصوات عالية تعلن عن وصوله بطريقة تقليدية خاصة بالمملكة.

وعقب دخول الملك إلى القاعة ووقوفه في منتصفها استعدادًا لاستقبالنا بدأ مدير المراسم في تقديم الملك أولًا، وكان عندما يذكر اسم الملك يردد الحضور من المسئولين في المملكة عبارات جماعية في نفس الوقت باللغة المحلية؛ مما ذكرني بالفيلم الشهير لفريد شوقي وفؤاد المهندس "صاحب الجلالة" حيث كان الراحل فؤاد المهندس يقول تقريبًا نفس الكلمات عندما يذكر اسم الملك، حيث اكتشفت أن الكلمات التى يقولها المسئولون عبارة عن دعاء للملك بدوام الصحة وطول العمر.

والتقيت الملك بعد مراسم ليست طويلة ودار حوار قصير بيننا، أشاد خلاله بمصر ودورها في القارة الإفريقية، وهى كلمات دائمًا ما تذكر في مثل هذه المناسبات للمجاملة، ولكن اللافت للنظر هو تهافت عدد من السيدات والفتيات المشاركات في الاحتفال للالتقاط صور مع الملك، والاقتراب منه بسبب شهرته الكبيرة في منطقة الجنوب الإفريقي، برغم سعي رجال الأمن والمراسم إلى تحجيم ذلك، فإن الملك نفسه رحب وأعطى الفرصة للجميع للاقتراب منه، والتقاط الصور التذكارية معه، وربما كان بعضهن تحلم بأن تكون ملكة في المستقبل.
[email protected]
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: