كوصية أخيرة من مبدع على بعد خطوات من الله، صعد الشاعر أمل دنقل خشبة المسرح بصعوبة شديدة؛ بسبب المرض اللعين الذي يكاد يفتك به.. لم يكن شاعرنا يود الذهاب لهذه الأمسية خوفًا من نظرة الشفقة في العيون، بعد أن سقط شعر رأسه.. وأصبح يمشي بصعوبة شديدة بمساعدة عكازه.
كما نقص نصف وزنه، لكنه أمام تشجيع زوجته عبلة الرويني ذهب وألقى قصيدته الشهيرة "لا تصالح"؛ كوصية أخيرة للجموع المحتشدة في ذلك اليوم من شهر أكتوبر عام 1982.
لا تصالح ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل ترى؟
هي أشياء لاتشترى..
وأمام التصفيق الحاد ترك أمل عكازه، ووقف على قدميه كقصيدته العفية.. استمد من القصيدة قوة، واستمدت القصيدة ألقها من وهج روحه والكلمات، وبعد الندوة استمرت معه حالة النشوة والقوة؛ حتى إنه عندما عاد إلى غرفته بالمستشفى صعد الطوابق السبعة على قدميه دون مساعدة من أحد.
كانت وصيته الأخيرة؛ لأنه بعد شهور قليلة مات.
منذ قصيدة كلمات سبارتكوس الأخيرة التي كتبها في أبريل 1962، أصبحت قصائده ودواوينه القليلة هي رسائل أو وصايا من أجل الحرية والكرامة، فهو يحمل المجد للشيطان؛ لأنه تمرد واستطاع أن يقول لا أمام الذات الإلهية؟! فهل هناك جرأة أكثر من ذلك؟!
وأن الله عز وجل لم يقتل الشيطان لأنه قال "لا"، وإنما جعله روحًا أبدية لا تموت
فمن يقول "لا" من حقه الحياة أيضًا.. وعند الله من حقه الخلود.
المجد للشيطان معبود الرياح
من قال "لا" في وجه من قالوا نعم
من علم الإنسان تمزيق العدم
من قال "لا".. فلم يمت
وظل روحًا أبدية الألم.
لكن هذا غير موجود عند البشر، فإنهم لايغفرون أبدًا عندما تعارض أو تقول "لا":
معلق أنا على مشانق الصياح
وجبهتي بالموت محنية
لأنني لم أحنها حية
كتب أمل دنقل هذه القصيدة بعد استفتاء من تلك الاستفتاءات الشهيرة التي كان يحصل فيها الزعيم على 99,99% عام 1962، وكان المعارض الوحيد فيها إما ميت أو شيطان.
من يقول "لا" يعلق على مشانق القيصر في مقابل الذين ينالون الأمان ممن يقولون نعم، لكنهم معلقون على مشانق الخنوع:
يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
لاتخجلوا..
ولترفعوا عيونكم إليَّ
لأنكم معلقون جانبي
على مشانق القيصر..
ويكون الحل عند شاعرنا -المولود بقرية القلعة بمحافظة قنا عام1940- هو الانحناء.
فهل كان من ولد لأب من رجال الأزهر بصعيد البلاد العنيد يقصد مايقول.. بالطبع "لا"..
إنه فقط يقرأ الواقع المر.. الذي لا ينتهي من القياصرة:
إذا رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها
فعلموه الانحناء
علموه الانحناء
ولاتحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر جديد!
لم يكد أمل دنقل يبلغ العاشرة من عمره حتي مات أبوه؛ فتعلم من اليتم والألم والصراع مع الأهل حول الميراث أن يكون رجلًا، كما تقول عبلة الرويني في كتابها "الجنوبي"، واشتهر بين أقرانه الصغار بأنه لا يعرف الابتسام.
وعلمه حصار الظالمين وظلم الأقربين الانتباه الشديد للناس، وعلمه أن يكره الظلم والزيف:
هل أنا كنت طفلًا
أم أن الذي كان طفلًا سواي؟
هذه الصورة العائلية
كان أبي جالسًا
وأنا واقف تتدلى يداي!
رفسة من فرس
تركت في جبيني شجًا
وعلمت القلب أن يحترس..
التحق أمل دنقل بكلية الآداب جامعة القاهرة، لكنه تركها بعد عام وعمل موظفًا بمحكمة قنا، ثم عمل في جمارك السويس، ثم الإسكندرية، وكان من الطبيعي أن يتمرد على كل هذه الوظائف ويتركها، شيء واحد كان يريده متمردًا إنه الشعر.
عندما وقعت هزيمة 1967 أدرك شاعرنا أنها الكارثة التي طالما حذر من وقوعها؛ نتيجة لحكم الفرد وغياب الحرية والنقد..
استدعي قصة زرقاء اليمامة تلك السيدة التي كانت ترى الراكب من مسيرة ثلاثة أيام، وكانت تنذر قومها دائما قبل هجوم العدو، فلا يفاجئهم إلا وقد استعدوا له، حتى احتال بعض الأعداء وقطعوا شجرًا وأمسكوه أمامهم بأيديهم قبل الغزو، ونظرت زرقاء اليمامة وقالت لقومها: إني أري الشجر قد أقبل إليكم!!
فقالوا لها: لقد خرفت وذهب عقلك.. فكذبوها وفي الصباح باغتهم العدو.. واقتلعوا عينيها.. وماتت.
وعلي لسان زرقاء اليمامة أدان النظام العربي المهترئ ضعفه وانهياره وهوانه
في ديوانه الموجع.. "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة":
أيتها العرافة المقدسة
جئت إليك
مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلي
وفوق الجثث المكدسة منكسر السيف،
مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يازرقاء
عن وقفتي العزلاء بين السيف والجدار!
عن صرخة المرأة بين السبي.. والفرار؟
كيف حملت العار..
ثم مشيت دون أن أقتل نفسي؟!
دون أن أنهار؟!
كانت كلمات أمل أقوى من الرصاص، كانت تنفجر فتسري في العقول والقلوب وتشعلها بالغضب:
ها أنا في ساعة الطعام
ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان
دعيت للميدان
أنا الذي ما ذقت لحم الضأن
أنا الذي لاحول لي أو شأن.
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان
أدعى إلى الموت
ولم أدع إلى المجالسة!
أمل دنقل الذي كان فقيرًا من الوظيفة ومن المال، ولايملك ثمن كوب الشاي أو فنجان القهوة.. كيف تستمع السلطة إليه؟ كيف وهو يعيش أغلب أوقاته في الشوارع والمقاهي والأزقة والحواري وتاريخ الأرصفة هو تاريخه الشخصي، إنه صورة لمجاذيب الفن والشعر الذين لا يلتفت أحد إلي ما يقولون إلا بعد الموت، موت الفنان وموت الحقيقة:
أيتها العرافة المقدسة
ماذا تفيد الكلمات البائسة
قلتِ لهم ماقلتِ عن قوافل الغبار
فاتهموا عينيك يازرقاء بالبوار
قلتِ لهم ماقلتِ عن مسيرة الأشجار
فاستضحكوا من وهمك الثرثار!
وحين فوجئوا بحد السيف
قايضوا بنا،
والتمسوا النجاة والفرار!
***
نحن نعرف العهد القديم والعهد الجديد، لكن ماذا عن العهد الآتي؟! إنه عهد أمل دنقل الذي بشر به في ديوان بهذا الاسم عام 1975، عهد أو ديوان صلاته صرخة ضد العسس في كل عصر ومكان:
أبانا الذي في المباحث
نحن رعاياك
باق لك الجبروت
وباق لنا الملكوت
وباق لمن تحرس الرهبوت
في هذا العهد يتحسر على حال العقل الذي تدرجه السلطة في قوائم من يكرهون الوطن، ويوقفه الجند علي الحدود:
أصبح العقل مغتربًا
يتسول يقذفه صبيه بالحجارة
يوقفه الجند عند الحدود
وتسحب منه الحكومات جنسية الوطن
وتدرجه في قوائم من يكرهون الوطن..
قلت فليكن العقل في الأرض
لكن لم يكن
سقط العقل في دورة النفي والسجن
حتى يجن
ورأى الرب ذلك غير حسن..
وقد تحولت قصيدة أغنية الكعكة الحجرية التي كتبها عام 1972 تأييدًا لمظاهرات الطلبة التي طالبت بالحسم ضد إسرائيل، تحولت إلى منفستو الحركة الطلابية في ذلك الوقت، وأدى نشرها في مجلة سنابل التي كان يصدرها الشاعر محمد عفيفي مطر إلى إغلاق المجلة:
أيها الواقفون على حافة المذبحة
أشهروا الأسلحة!
سقط الموت،
وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح!
المنازل أضرحة
والزنازن أضرحة
والمدي.. أضرحة
>>>
في عام 1975 ذهبت الصحفية الشابة عبلة الرويني لإجراء حوار مع أمل دنقل لجريدة الأخبار، ولم تسمع لتحذيرات الكثيرين من عصبيته.. وبعد الوجل والخوف كان الحوار والإعجاب أيضًا.. لكن الزواج كان مسألة شائكة جدًا فهو فقير إلا من الموهبة، وهي قادمة من مدارس الراهبات الفرنسيات وتنتمي لأسرة محافظة وثرية..
حاول أمل دنقل أن يشرح الموقف المحير قائلا: إنني أتكلم عن ثمن كوب الشاي الذي لابد أن أدعوك إليه، إني أتكلم عن ثمن علبة السجائر التي لابد من توافرها معي حتي لا أستعير سجائرك، إن القاص يحيى الطاهر عبدالله يغضب حين يرى معي علبة سجائر كاملة، إن علبة السجائر ليست فقط رمز ثراء بيننا بل إشارة إلى ثراء مريب يستدعي غضب قصاص كبير مثل يحيي.. إنني أتكلم عن الجوع الذي يحاصرني يومين، فأنام هربًا منه، ثم أستيقظ للقائك.. إنك تعملين وأنا لا أعمل.. إن اختياراتي ليس عليك أن تتحملي تبعاتها وعذاباتها..
وتقول عبلة الرويني: كأني لم أسمع شيئا من هذا الذي انفجر داخله بعد سنتين من معرفته، كنت أعتبر ذلك دخولًا في تفصيلات هامشية لا تمس جوهر الحب وجوهر الحقيقة.. قلت له: أمل إننا سنتزوج ليس فقط انتصارًا للحب، ولكن انتصارًا لاختياراتك:
إنني أول الفقراء الذين يعيشون مغتربين يموتون محتسبين لدى العزاء..
قلت: فلتكن الأرض لي.. ولهم!
وأنا بينهم
حين أخلع عني ثياب السماء
فأنا أتقدس ـ في صرخة الجوع ـ فوق الفراش الخشن!.
وتقول عبلة الرويني إن العلاقة بيننا كان يسودها التوتر والقلق، يكتب لها يومًا لو لم أكن أحبك كثيرًا ما تحملت حساسيتك لحظة واحدة.. تقولين عني دائمًا ما أدهش كثيرًا عند سماعه.. إنني لا أبحث فيكِ عن الزهو الاجتماعي ولا المتعة السريعة العابرة.. ولكني أريد علاقة كما لو كنت جالسًا مع نفسي في غرفة مغلقة..
وتقول: ظللنا فترة طويلة نبحث عن شكل مريح للحب بيننا، ولم نجده في أغلب الأحيان، فما نكاد نلتقي إلا ونتشاجر، وكأن ما بيننا غضب وعناد ساطع، كنا أشبه بالمتنافرين دائمًا، في لحظة نحشو العالم في جيوبنا، ونلملم كل الأوراق الخضراء وصوت العصافير ولحظة أخرى نمزق كل الأوراق ونذبح العصافير..
ويقول لها: قد لا تعرفين أنني ظللت إلى عهد قريب أخجل من كوني شاعرًا؛ لأن الشاعر يقترن في أذهان الناس بالرقة والنعومة، وفجأة ها أنت تطلبين مني دفعة واحدة، أن أصبح رقيقًا وهادئًا وناعمًا يعرف كيف ينمق الكلمات..
وبعد الزواج العجيب تقول عبلة: أمل زوج كسول لا يفكر في حياتنا كأسرة، وكأن كل ما في الأمر أنه بدلًا من أن كان يحيا بمفرده، أصبح يحيا مع صديق آخر، لا تشغله مشاكل ولا مواعيد ولا أي شيء، يحترف الصمت، ويهرب من كل أشكال الحوار، وكل ما يشغله هو كيف يقرأ ويكتب في هدوء..
كان يعمل بمنظمة التضامن الأفرو أسيوي بمرتب لا يتجاوز30 جنيهًا، وكان راتبي50 جنيهًا، بينما إيجار الشقة المفروشة كان50 جنيهًا غير أجر الشغالة 10 جنيهات.. أي مكان ينبغي أن نعيش بـ20 جنيهًا فقط:
قلت ليكن الحب في الأرض
.. لكنه لم يكن
أصبح الحب لمن يملكون الثمن
ورأى الرب ذلك غير حسن
..
كان ديوانه "أقوال جديدة على حرب البسوس" موجهًا ضد الصلح مع إسرائيل..
يقول أمل دنقل: حاولت أن أقدم في هذه المجموعة حرب البسوس التي استمرت أربعين سنة رؤيا معاصرة.. وقد حاولت أن أجعل من كليب رمزًا للمجد العربي القتيل أو الأرض العربية السليبة التي تريد أن تعود للحياة مرة أخرى، ولا ترى سبيلًا لعودتها إلا بالدم.. وبالدم وحده..
وهذه المجموعة عبارة عن قصائد مختلفة، استحضرت شخصيات الحرب وجعلت كلًا منها يدلي شهادتها التاريخية حول رؤيتها الخاصة..
وكانت الوصايا العشر التي قالها كليب لأخيه الأمير سالم الزير بعد أن غمس إصبعه في الدم وخط على البلاط هي:
لا تصالح على الدم حتى بدم
لا تصالح..
ولو قيل رأس برأس
لا تصالح..
ولو حرمتك الرقاد صرخات الندامة
لا تصالح..
ولو توجوك بتاج الإمارة
لا تصالح..
و
لو قال من مال عن الصدام
ما بنا طاقة لا متشاق الحسام..
ويستشهد بقول اليمامة ابنة كليب ردًا على الوفود التي سعت في الصلح...
أنا لا أصالح حتى يقوم والدي
ونراه راكبًا يريد لقاكم أبي لا مزيد!
.
أريد أبي عند بوابة القصر
فوق حصان الحقيقة منتصبًا من جديد
ولا أطلب المستحيل
ولكن العدل
لقد حاولت كثيرًا أن أعرف الكيمياء التي تتحكم في حسن استقبال القصيدة ـ يقول أمل ـ لكني لم أدرك كنهها، فكم من قصيدة أعجبت بها، لكنها لم تلق اهتمامًا مثل أقوال اليمامة ومراثيها، بينما هناك قصائد كثيرة لم أكن راضيًا عنها فإذا بها تصبح أشهر قصائدي:
أقول لكم أيها الناس كونوا أناسًا!
هي النار، وهي اللسان الذي يتكلم بالحق!
إن الجروح يطهرها الكي
والسيف يصقله الكير
والخبز ينضجه الوهج
فجأة أصيب أمل دنقل في الأربعينيات من عمره بالمرض اللعين لكن ذلك لم يمنعه من كتابة الشعر، بل جاء ديوانه الأخير أوراق الغرفة 8 ذروة الإبداع عنده، وبه اكتملت رسالته أو فلسفته التي كرس لها عمره القصير.
لقد عاش تجربة جمالية جديدة أطلق عليها إعادة اكتشاف الجمال في نفس الإنسان، حيث جاء شعره الأخير يقطر شجنًا وحزنًا نبيلًا واختفت منه الخطابة والقضية السياسية لمصلحة الإحاسيس الإنسانية بضعفها وقلقها الذي قاد الشاعر إلى حقيقة الوجود والعدم.
عاش أمل بالحجرة رقم 8 بمعهد الأورام عامًا ونصف العام، كانت أكثر مدة يعيشها في مكان واحد، فلم يعش في أي شقة مثل هذه المدة..
وعندما زاره يوسف إدريس طلب منه قصيدة لنشرها مع المقال الذي سيكتبه عنه في الأهرام.. فأعطاه قصيدة (ضد من):
في غرف العمليات
كان نقاب الأطباء أبيض
لون المعاطف
تاج الحكيمات أبيض
أردية الراهبات، والملاءات
لون الأسرة
أربطة الشاش والقطن
قرص المنوم، أنبوبة المصل
كوب اللبن
كل هذا يشيع بقلبي الوهن
كل هذا البياض يذكرني بالكفن!.
وكانت قصيدة "الجنوبي" هي آخر ما كتب والتي تنبأ فيها بموته:
فالجنوبي يا سيدي يشتهي
أن يكون الذي لم يكنه..
يشتهي أن يلاقي اثنتين
ا
لحقيقة والأوجه الغائبة..
وبالفعل التقى بحقيقة الموت في صباح السبت 21 مايو..1983 وكان وجهه هادئًا، وهم يغلقون عينيه التي طالما كانت تشع بالإبداع، مات وعمره 43 عامًا... انطفأ الجسد لكن جذوة أشعاره وقصائده لن تنطفئ أبدًا، بل إنها ستعيش مادام هناك ظلم وقهر، وهي أشياء لن تروح من أوطاننا أبدًا.
وكتب عنه يوسف إدريس.. لن أطلب منكم الوقوف حدادًا، فنحن إذا وقفنا حدادًا، سيكون الحداد على عصر طويل قادم، حدادًا على العصر الذي سيمضي حتى يشب فيه رجال لهم شيم الرجال الذين كان يراهم أمل دنقل... وكرم الرجال الذين كان يحلم بهم أمل دنقل، وشرف ونبل وإنسانية وشجاعة ورقة الرجال الذين استشهد أمل دنقل، وهو يراهم هم البشر ويحلم برؤيتهم.
بعد كل هذه السنوات من الرحيل الجسدي أود أن أزف إليك في الأبدية بأن الشعب المصري يسير على الوصية، لم يصالح رغم المعاهدات والسفارات والابتسامات المزيفة.. فهل هو سحر القصيدة، أم روح الشعب التي لمستها في إبداعك العبقري؟!