Close ad

عندما يضمر الحب

19-2-2021 | 15:08
الأهرام اليومي نقلاً عن

يطرق الحب الباب فتفتح نوافذ جديدة على العالم حيث الشجر أكثر اخضرارا والسماء أكثر زرقة والورود أبهى.. تولد فورة البدايات طاقة إيجابية هائلة تشعر البعض بالقدرة على التحليق بدون أجنحة. ولأن كل جديد يصبح قديما فى مرحلة ما، ولأن كل ما هو قديم يصبح معتادا وربما غير مرئي مع مرور الزمن.. تخبو الجذوة وتبهت الألوان وتستقر حقيقة العجز عن الطيران.

أين ذهب الحب؟ هل دخل من الباب ليقفز من النوافذ التى فتحها أم أن تلك النوافذ أغلقت فى وجهه فاختنق ومات؟ أم أنه موجود ولكنه قابع فى ركن ما تعلوه أتربة الاعتياد والملل والاستعلاء على الرومانسية بحجة النضج والضغوط الحياتية وأنه هناك دائما ما هو أهم من تلك الاهتمامات الصبيانية.

كل الإجابات واردة .ففى أحسن الحالات ومع توافر الظروف المناسبة وتوافق شخصيتى الزوجين يتخذ الحب شكلا أكثر هدوءا واستقرارا بمرور الوقت ويصفه العلماء بحب الرفقة وهو نوع من أنواع التعلق طويل الأمد تسوده المودة والألفة والتحقق فى كنف الآخر.مجرد وجوده يمنح الشعور بالراحة والأمان والثقة فى المستقبل.

أى أنه حب العشرة كما نسميه و لكن للأسف غالبا ما نقصد بذلك الوصف درجة أدنى أو حبا باهتا لا طعم له! فى حين أن علماء النفس يؤكدون أنه الأقوى والأكثر تحملا للصعاب بشرط مواصلة الحوار والمكاشفة والمشاركة فى الاهتمامات بين الزوجين وتبادل التعبير عن الحب بين الحين والآخر مهما كانت المشاغل.

وفى حالات أخرى، هى الأكثر انتشارا، وتحت وطأة الانغماس فى العمل لتوفير احتياجات الأسرة والانشغال بتربية الأولاد ومتابعتهم تعليميا ورياضيا تتقلص فترات لقاء الزوجين ويفقدهما الإرهاق القدرة على التواصل ويسأمان من روتين الحياة اليومى وتكرار التعليقات والخلافات نفسها ويبدآن لا شعوريا فى تفادى أن يجمعهما مكان واحد حتى لا يطفو على السطح ما يتفاديان مواجهته من مشاكل فى العلاقة فتزداد المسافات والتباعد دون أن يلحظا.

الحب فى مثل تلك العلاقة يكون طريح الفراش يحتاج لغرفة عناية مركزة وربما وضعه على جهاز تنفس صناعى لبعض الوقت. ولكن فى أحيان كثيرة يكون الطرفان (أو أحدهما) فى حالة نكران أو ربما أكسل من أن يفكرا فى حل أو فقدا الرغبة فى الإصلاح من منطلق لا فائدة وهذا أمر لا مفر منه وإذا دخل الزواج من الباب طار الحب من الشباك.

والنتيجة الحتمية المتوقعة يضمر الحب تحت وطأة الاختناق ويتلاشى فتتحول كثير من الزيجات إلى زمالة سكن.. مقر إقامة يتشارك فيه اثنان انتهت صلاحية علاقتهما منذ أمد بعيد ولم يعد يجمعهما سوى هدف واحد هو رعاية الأبناء حتى يصلوا إلى بر الأمان.

وربما ما يجبرهما على الإقامة فى المكان نفسه هو عدم توافر بديل آخر وضيق الموارد المالية أو الخوف من مواجهة الفشل والإقدام على الطلاق. والأكثر قسوة أن يتحول مقر الإقامة إلى سجن تكبت فيه الحريات وتوأد فيه الأحلام ويتنامى شعور الكراهية إزاء السجان وكل ما يتعلق به وقد يتطور الأمر إلى أنه يكره المرء نفسه وحياته.

وبدلا من البحث عن علاج فعال قد يلجأ البعض إلى المسكنات بالبحث عن حب جديد يعيد بهجة الألوان والرغبة فى التحليق فيصبحون كالمستجير من الرمداء بالنار إذ قد تتفجر الأوضاع أكثر ويتضاعف حجم الخسائر ولكن الأكثر ورودا أن يتكرر السيناريو ويصبح الجديد قديما ويذبل الحب.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
لغة الملابس الفورية

لغة الملابس الفورية

العلاقة فيها سم قاتل!

مثلما حذر حكمدار بوليس العاصمة، فى فيلم حياة أو موت، المواطن أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس من أن الدواء - الذى من المفترض أن يخفف آلامه ويعالجه - فيه