«الأوضاع في غزة وجهود مصر للاستقرار الإقليمي وإنفاذ المساعدات» تتصدر اتصال الرئيس السيسي و«روته» | الرئيس السيسي و«مارك روته» يتوافقان على أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف لقطاع غزة | الرئيس السيسي يحذر من أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي | خبير اقتصادي: ملف اللاجئين أحد أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي | بايدن: قانون المساعدات لـ «إسرائيل» و«أوكرانيا» يحفظ أمننا ويجعل حلفاءنا أقوى | مندوب فلسطين بالجامعة العربية: الاحتلال استخدم سياستي الفصل العنصري والإبادة الجماعية رغم التحذيرات الدولية | الرئيس السيسي يناقش في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي الوضع بقطاع غزة وجهود مصر لوقف إطلاق النار | عضو بـ«المستوردين»: «مواد البناء» تضع مصر على قمة الدول المنتجة في الشرق الأوسط | وزيرالاتصالات: لا بد من حوكمة البيانات وتوافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى | هالة السعيد: الدولة تحرص على تحفيز مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار |
Close ad

الدولة الريعية.. وهوياتها الهشة

11-2-2021 | 11:57
الأهرام اليومي نقلاً عن

أدى تدفق دماء الشهداء المصريين والسوريين في حرب التحرير الوطنية -6 أكتوبر 1973- للأراضي المحتلة من قبل العدوان الإسرائيلي، إلى انفجار عوائد النفط على نحو غير مسبوق آنذاك، وهو ما أدى إلى بعض من التحول في مواقع وموازين القوى عربياً، بين عرب النفط وعرب الماء، بين دول اليسر الريعى ودول العسر، وبين مراكز القوة الثقافية والتاريخية فى الإقليم حول مصر والمشرق العربى، وبين الدول النفطية، ولصالحها، فى الحقبة الخليجية وما بعدها، وذلك لاستخدامهم فوائضهم النفطية والمالية، فى التأثير على التفاعلات السياسية فى الإقليم العربي. وفى دعم بعضهم لبعض القوى الإسلامية السياسية، وأطروحاتهم الأيديولوجية حول مفهوم الجامعة الإسلامية والخلافة، فى مواجهة الفكرة العربية الجامعة، وهو ما أدى ضمن أسباب وعوامل تاريخية أخرى، إلى تنشيط النزاعات حول الهويات الوطنية الهشة، التى كانت فى طور التشكل التاريخى فى غالب الدول العربية ما بعد الاستقلال باستثناء المثال التاريخى المصرى، وحركتها القومية التاريخية، ودولة المخزن فى المغرب. ارتكزت هويات الدول الوطنية ما بعد الاستقلال، على التحديد السلطوى لها، وعلى بناء الجيوش، وذلك لدمج مكوناتها الأساسية، ومن خلال النظام التعليمى وكتابة تاريخها الرسمى من خلال سرديات تؤسس للذاكرة التاريخية لكل دولة فى ضوء انحيازات السلطة الحاكمة وجذورها وانتماءاتها الدينية والمذهبية والمناطقية والطائفية والعائلية والعشائرية.

دولة الريع النفطى، لم تكن فى غالبها إلا تعبيرا وإنتاجا للخرائط الجيو- سياسية النص وضعها المستعمر البريطاني, باستثناء اليمن والسعودية على الرغم من بعض الخلافات على الحدود فيما بينهما، ولم تكن الدولة فى الغالب نتاجا لتطور حركات تحرير وطنى فى مواجهة الاحتلال. تم بناء الدول حول نظم سياسية عائلية حاكمة، وتكوين قبلى كانت تسيطر عليه مع المستعمر قبل الاستقلال فى نظام الإدارة غير المباشرة البريطانى على خلاف الإدارة الفرنسية المباشرة. منحت هذه الدول الاستقلال تحت ضغوط حركة التحرر الوطنى العربية بقيادة مصر الناصرية، التى أسهمت فى إنتاج رمزيات التحرر والاستقلال العربى، فى إطار الفكرة العربية الجامعة.

التكوينات القبلية والعشائرية وتاريخها داخل كل دولة شكلت أحد أهم عوائق تشكيل هويات وطنية فى عديد البلدان، لأن الانتماءات الأولية لكل قبيلة أو عشيرة مثلت أحد محددات التعاضد الجمعى والحماية لأفرادها إزاء السلطة الجديدة بعد الاستقلال. عندما تأسست الدول مع نهاية الكولونيالية البريطانية، كان الولاء ما فوق القبلى والعشائرى، يعتمد على بعض التوافقات التاريخية بين بعض الأسر الأساسية الكبرى مع الأسرة الحاكمة. من هنا كان النفط وعوائده وفوائضه المالية الكبرى، أساسيًا لدولة الريع، التى أنفقت على بناء الجيوش، والأمن، والإعلام، والتأثير فى العالم العربى، ومجريات سياساته لتعزيز أمنها واستقرارها. يبدو أن عمليات بناء هويات وطنية، لا تزال فى طور التشكل التاريخى، على الرغم من نمو الفئات الوسطى، كنتاج للسياسات التعليمية، والصحية، وبناء الجيوش التى اعتمد بعضها على خبرات من خارج هذه الدول فى بداياتها ثم تطورت من حيث التسليح. شكل أيضا توظيف فوائض التدين الشعبى القبلى فى هذه البلدان، كأحد أدوات التماسك الهوياتى إلى جانب القبلية، والمنطقة، والإمارة. لا شك أن الريع النفطى وبعض توزيعاته أدى إلى تعزيز عملية بناء هوية ما فوق أولية.

لم تتشكل مجتمعات ذات طابع سياسى واجتماعى، تحملُ معها تعبيرات وتمثيلات لبعض القوى الاجتماعية الجديدة، لاسيما الفئات الوسطى التى نشأت وتطورت مع التعليم، وبروز دور التجار، ورجال الأعمال فيما بعد، لأنهم يعملون فى إطار الريع النفطى، وتوزيعاته، والعلاقات مع مراكز القوة داخل كل نظام سياسى فى النفط، وغيره. من هنا استخدمت طبقة رجال الدين الرسميين وخطابها الدينى التأويلى كأدوات للسيطرة الرمزية فى مواجهة الأيديولوجيا اليسارية والقومية العربية إزاء الناصرية وحزب البعث والقوميين العرب. فى هذا الإطار التاريخى تمددت بعض القوى الدينية الرسمية الداعمة للحكم، وأساسه العائلى التاريخى، ومعها التسامح التاريخى مع جماعة الإخوان الإرهابية، وبعض كوادرها ورموزها. لا شك أن الوجود الإخوانى التاريخى فى إقليم النفط، أفاد الجماعة على عديد الصعد، أولها: مراكمة الأموال، واستثمار بعضها لصالح التنظيم. وثانيها: نشر الجماعة لبعض أفكارها، وسط العمالة المصرية والعربية والإسلامية التى ذهبت إلى النفط، سعيا وراء الرزق. وثالثها: تجنيد بعض العناصر للتنظيم. ورابعها: الدعم السياسى للجماعة من قبل بعض هذه الدول. التوظيفات السياسية للدين تكثفت فى ظل هذه الأنظمة، مع انفجار الريع النفطى على نحو أدى إلى ثقل المكون الدينى المؤدلج، فى بناء هوياتها ما فوق القبائل، والمناطق على الصعيد الرمزى، دون أساسيات أخرى فى استراتيجيات بناء التكامل الوطنى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
أزمات الهوية والحروب الأهلية

استخدمت أنظمة ما بعد الاستقلال التسلطية فى العالم العربى، تحديدها للهوية الوطنية، كسردية كبرى للتعبئة السياسية وراء سياسات السلطة وكأداة لبناء شرعياتها

انشطارات الهوية الوطنية والانفجار الهوياتي

أسهمت سياسة اللا سياسة وموت السياسة التى اعتمدت على القمع المادى والأيديولوجى والرمزى فى إحداث حالة من الإنكار للواقع الموضوعى المتعدد فى تكوين غالب المجتمعات