Close ad

الثروة الزرقاء

9-2-2021 | 18:59
الأهرام اليومي نقلاً عن

ظهرت فكرة الاقتصاد الأزرق فى مؤتمر الأمم المتحدة (ريو+20) للتنمية المستدامة، الذى عقد فى ريو دى جانيرو فى يونيو 2012، وقد انبثقت أصول الاقتصاد الأزرق من مفهوم الاقتصاد الأخضر، حيث تميل إستراتيجيات الاقتصاد الأخضر إلى التركيز على قطاعات الطاقة والنقل والاهتمام بالزراعة والغابات، بينما يركز الاقتصاد الأزرق على قطاعات مصايد الأسماك والموارد البحرية والساحلية.

وبالتالى تشجيع الإدارة المثلى للمحيطات أو الموارد الزرقاء بما يحسن رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية مع الحد بشكل كبير من المخاطر البيئية والندرة. وبشكل أكثر تحديداً، فإن الاقتصاد الأزرق وفقًا للبنك الدولى هو الاستخدام المستدام لموارد المحيطات من أجل تحقيق النمو الاقتصادى وتحسين سبل المعيشة وتوفير الوظائف مع الحفاظ على صحة النظام البيئى للمحيطات, أى أنه تتشعب منه جميع الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالمحيطات والبحار والسواحل (مثل الشحن والموانئ ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة الساحلية).

ونظراً لأن الماء يغطى أكثر من 70٪ من سطح الأرض، يَعتبر العلماء المحيطات الرئة الحقيقية للكوكب لما توفره الأعشاب البحرية من إنتاج الأكسجين فى العالم (نحو 54٪) وما تقوم به البحار من تنظيم المناخ لكوكب الأرض فضلاً عن أنها تحتوى على ما يقدر بنحو 80٪ من التنوع البيولوجى على الكوكب. وبالطبع، تنادى المنظمات الدولية فى مجال الاقتصاد الأزرق إلى توجيه التمويل نحو الاستثمارات والمشاريع المتوافقة مع الأطر القانونية الدولية والإقليمية والوطنية والتى تتخذ جميع التدابير الممكنة لحماية التنوع البيولوجى وزيادة الإنتاجية والحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام وتوفير فرص عمل أساسية، على أن يتم ذلك فى إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص لتعجيل التقدم نحو اقتصاد أزرق مستدام. إلا أنه يجب الأخذ فى الاعتبار أن النمو السريع غير المستدام للاستثمارات الزرقاء يمكن أن يؤدى إلى مخاطر بيئية وخسائر فى رأس المال الطبيعي، مما يؤدى إلى تآكل قاعدة موارد المحيطات والبحار وخلق مخاطر تنظيمية وسوقية ومادية، حيث يتأثر نحو 66٪ من البيئة البحرية بالأنشطة البشرية، فضلاً عن وجود نحو 100-300 مليون شخص معرضون لخطر متزايد من الفيضانات بسبب فقدان الموائل الساحلية. بالتالى، فإن من الضرورى البدء فى معالجة القضايا التى تسبب المشكلات البيئية والتى تتضمن بعض العوامل الرئيسية التى تسبب تغيرات إيكولوجية فى المياه الساحلية والسطحية.

على الجانب الاقتصادى، فالهدف الأساسى من مبادرات الاقتصاد الأزرق هو تحويل المجتمع من الندرة إلى الوفرة وإحداث تأثير عالمى وإقليمى ووطنى لزيادة الأمن الغذائي، والحد من الفقر فى المجتمعات الساحلية، ودعم الإدارة المستدامة للموارد المائية، نظراً لكونها توفر المصدر الرئيسى للغذاء لما يقرب من نصف سكان العالم خاصة أن مسألة المدخلات الغذائية من تربية الأحياء المائية يُعتبر مصدر مدخلات حيويا فى البلدان النامية. بالإضافة إلى اعتماد الصناعات الرئيسية مثل الشحن وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة الساحلية على صحة المحيطات، فمصايد الأسماك حول العالم توفر نحو 200 مليون فرصة عمل (نصفهم تقريبًا من النساء).

إن الاقتصاد الأزرق يمكن أن يكون محركًا اقتصاديًا فعالاً بشرط أن تتم إدارته على نحو مستدام ووعى بالمخاطر المحتملة، وهذا ينطوى على منع الممارسات الضارة وزيادة الوعى بالقيمة الحقيقية لرأس المال الطبيعى للمحيطات والبحار وتوضيح المنافع المتوقعة والعائدة على السكان. حيث يمكن أن يقلل الاستثمار فى الاقتصاد الأزرق المستدام من فقدان التنوع البيولوجى والتخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة التى تشتد الحاجة إليها فى الوقت الحالى فضلاً عن العوائد الاقتصادية المتوقعة له ولن يتأتَّى ذلك إلا فى حالة اتباع الشفافية فى الآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية (الإيجابية والسلبية) الناتجة عن تلك الاستثمارات.

وبما أن الاقتصاد الأزرق أخذ يجتذب المستثمرين وشركات التأمين والبنوك وصناع السياسات بشكل متزايد خلال الآونة الأخيرة كمصدر جديد للفرص والموارد والازدهار، نخلص إلى أن معظم دول العالم فى الفترة المقبلة ستجعل الاقتصاد الأزرق من أولوياتها لتحقيق الاستفادة الاقتصادية والاجتماعية المثلى من خلال إنشاء فرص وحوافز لدعم الاستثمارات الزرقاء مثل التمويل المختلط والحوافزالضريبية والاستثمارية المشروطة والمرتبطة بالأنشطة التجارية، لما يمكن أن يُمثله الاقتصاد الأزرق من دور حيوى فى سد الفجوة الغذائية والوظيفية فى العديد من البلدان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: