Close ad

لئلا ننسى.. أمس واليوم وغدًا

6-2-2021 | 12:54
الأهرام اليومي نقلاً عن

مر عقد من الزمن منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، واليوم نستعيد الوقائع والذكريات متسائلين عن المتغيرات التى مرت علينا وعن أوضاع اليوم، والأهم إلى أين مصر قاصدة؟ قبل ٢٠١١ تسببت البيروقراطية والفساد واللامبالاة فى عرقلة التقدم والتنمية وفى تجاهل التحديات التى تستوجب الاهتمام مثل الرعاية الصحية والتعليم والعشوائيات. كل ذلك ساق الأمور إلى ركود وبطء شديد فى التحديث والتطور ثم ساءت الأمور حتى أصبحت البلاد فى وتيرة جمود ومحلك سر. لكن الأمور لا تستمر على حالها خاصة فى مصر. سيتشكل تاريخ مصر الحديث من خلال السنوات التى تلت ثورة 25 يناير. أعقبت الثورة تغييرات لم تشهدها مصر حتى فى أحلك الأوقات وحتى فى ظل الحروب العديدة التى مرت بها. أولا سيتذكر التاريخ ثمانية عشر يوما احتشد فيها المصريون فى ميدان التحرير لتغيير المسار فى سابقة تجسِّد الشخصية المصرية الحقيقية. لكن بينما كان البعض يدعو إلى الحرية والعدالة والكرامة أطلق الآخرون سراح السجناء وهاجموا أقسام الشرطة والبعض الآخر سعى إلى نهب الممتلكات وتخريبها وحرقها، وهو تشبيه مثالى لتشابك الخير والشر مخيِّبا لآمال الكثيرين.

بدهاء بارع سُرقت ثورة ٢٥ يناير أمام أعين المصريين، وسلمت مصر والسلطة إلى الإخوان المسلمين. رئيس الدولة، مجلس الشورى، مجلس الوزراء، الدستور، والبرلمان، كانت جميعها فى أيدى الإسلاميين ــ الإخوان وغيرهم. كان من الممكن تحمل هذا الأمر لو كان هؤلاء قادرين على النزوح عن العقلية الملتوية لكن عدم قدرة الإخوان على التغاضى عن رغبتهم الأولية فى السيطرة جعلهم غير قادرين على إقامة علاقات وطيدة أو طبيعية مع الآخرين أو التعاون أو المشاركة فى إدارة البلاد. كان جهدهم بغرض واحد ألا وهو الاستحواذ على الدولة. كانت التحديات فلكية فى ذاك الوقت أيضا: اقتصاد على وشك الانهيار التام، فوضى مستمرة دمرت السياحة، و٢٥ فى المائة فى المتوسط ​​من المصريين عاطلون عن العمل. كما أصبح المصريون فى حيرة من أمرهم قلقين من الأوضاع فى سيناء ومن الهجمات الإرهابية وتقلب الاقتصاد واستيلاء الإخوان على مصر. ثم انخفضت الاحتياطيات الأجنبية للبلاد من ٣٦ مليار دولار إلى ١٤ مليار دولار، كما هيمنت الفتنة الطائفية حيث أعطى الإخوان لأنفسهم الحق فى طرد البعض من منازلهم وأذى وقتل، إذا لزم الأمر، من لم يتبعهم. كان هذا من شأنه أن يغير تركيبة مصر كما عرفناها. ولت آنذاك مصر القديمة الآمنة، حيث كان الجيران والأصحاب بالكاد يتعرفون أو يسألون عن الدين الذى يتبعه الآخرون. كانت مصر فى خطر شديد كدولة علمانية، حيث حماية حقوق الأقليات وحرية الدين سمة مميزة للدولة.

وإلى الآن لاتزال التحديات هائلة: الإرهابيون ينتظرون غفول الأعين، ويترقبون جميع الجبهات والأرجاء والحدود، والنمو السكانى المذهل يلتهم الإنجازات، والوباء الذى مكث على عاتق المصريين لشهور طوال أبطأ وتيرة النمو فى مصر كما هو الحال فى جميع أنحاء العالم. رغم كل هذا تتقدم مصر بخطوات سريعة وثابتة، لذا وجب منح الامتنان والعرفان لمن يستحقه وأن نحييهم ونشيد بهم. تبع السلبيات التى ذُكرت إيجابيات نادرا ما تحدث فى تاريخ الدول، لكن مصر ليست كأى دولة، فقد جاء ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أولا ليوقف مسار الإخوان محققا ما أبته مصر. ثم تلت سنوات ثمانٍ حدثت فيها تغييرات جوهرية عادة ما تستغرق عقودا طوالا لتحقيقها، ولولا مثابرة المصريين لما تحققت هذه الطفرة. العمل الجاد والتفانى والمثابرة هى سمات اليوم، وتمضى مصر قدمًا فى تصحيح وإصلاح جميع جوانب الحياة ومنها التعليم،والصحة، والتصنيع، والإنتاج، والزراعة، وبناء الطرق، والطاقة المتجددة. لا توجد مساحة كافية هنا لمناقشة جميع أوجه النمو. أمثلة قليلة تكفى: القضاء على التهاب الكبد الوبائى سى فى مصر من خلال علاج ملايين المصريين المصابين بهذا المرض فى بضع سنوات وإنشاء آلاف الكيلومترات من الطرق التى من شأنها تخفيف أزمة الازدحام، ومشاريع الطاقة المتجددة مثل مشروع بنبان للطاقة الشمسية وآلاف المبانى التى تم تشييدها لإيواء ذوى الدخل المحدود وتحسين مستوى معيشتهم ومشروعات زراعية وإنتاجية ومشروعات ترميم للمواقع والمتاحف الأثرية مثل قصر البارون إمبان بمصر الجديدة وقناة المريوطية بالإسكندرية والقاهرة الخديوية.

وبسبب القلق الذى عصف بالمصريين فى عام ٢٠١٢ حدث تغيير إيجابى مفاجئ بين معظم المصريين: فهم اليوم يُظهرون امتنانهم لمصر بحماس مطلق. حب المصريين لمصر أمر مفروغ منه واعتادوا وجودها كأمر مسلم به لكنهم أدركوا الخطر الذى كانت على حافته، وإلى اليوم يظهرون التفانى لمصر بالتركيز على الإيجابيات والدفاع عنها بلا خجل ضد من يهاجمها والاعتزاز بعمالها الجادّين ومنجزيها العظماء، أصبح قاسمًا مشتركًا بين جميع المصريين. إن المصريين فخورون بالجهود المصرية الحالية للخروج من جميع المآزق التى تمر بها، وفخورون بالإنجازات المنظورة التى بدأت فى انعكاس إيجابياتها على الشعب، والأهم فهم متفائلون، اليوم لأنهم يجنون حصاد عملهم. غدا.. هو حقا يوم أفضل فيه يجنى المصريون ثمار جهود اليوم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
بايدن والصين .. من يكسب في النهاية؟

احتدت الصراعات التجارية والتكنولوجية والسياسية بين الصين والولايات المتحدة حتى قبيل تولى الرئيس السابق ترامب منصبه، ثم تفاقمت بشدة فى عهده. الآن بعد أن