لم يكترث المعارض الروسى أليكسى نافالنى بتهديد موسكو باعتقاله بمجرد أن تطأ قدماه أى مطار روسى قادما من المانيا، التى عولج فيها من آثار تعرضه لمحاولة تسميم كادت تودى بحياته، فقرر العودة الى بلاده رغم قناعة السلطات الروسية بأنه لن يعود خوفا من وضعه فى غياهب السجن الى أبد الآبدين وضياع مستقبله السياسى..إلا أن نافالنى كان له رأى آخر وهو أن وجوده خارج روسيا لن يشكل أى خطورة على بوتين الذى وضع الأساس لتمديد حكمه حتى عام ٢٠٣٦. ورأى المعارض الروسى أنه من الأفضل العودة لموسكو للتأثير على نتائج انتخابات الخريف المقبل.
الكرملين من جانبه استعد جيدا لعودة نافالنى، فكان أمر اعتقاله جاهزا، خاصة وان موسكو لا تريد تعكير صفو الأجواء خلال الفترة المتبقية لحين إجراء الانتخابات.. ولكن توقعات موسكو ذهبت أدراج الرياح، لأن نافالنى حقق مراده، وكان قرار احتجازه بالمطار بمثابة إشعال النار فى ثورة ربما لم تبدأ بعد. ولكن المؤكد أنها ستكون مؤثرة على مستقبل بوتين السياسى، إذ ركز نافالنى خطته فى أن يكون مصدر قلق وتوتر وإزعاج لبوتين، وقد حققت خطته النجاح المطلوب، فخبر اعتقاله ألهم مؤيديه الذين تحركوا بقوة وقرروا عدم السكوت لما يمر به ملهمهم الثائر العائد من رحلة علاج صعبة.
فموسكو تمنت أن يتراجع نافالنى عن عودته حتى تصور الأمر لجمهوره على أنه إنسان جبان ولا يتحمل مسئولية أنصاره، إلا أن المعارض الصلد أدرك الخدعة وقرر العودة ثم استغل عالم السوشيال ميديا بقوة حتى إن مقطع فيديو اتهم فيه بوتين بوقائع فساد قد حقق نحو ٤٥ مليون مشاهدة مما أثر بشدة على الكرملين الذى اتخذ قرارا مألوفا فى جميع دول العالم وهو التهديد بوقف تطبيق تيك توك الصيني.
وهنا نجح نافالنى فى تحقيق أقصى آماله بتحريك حركة الشارع ضد بوتين، ثم جاءه الفرج الأمريكى على لسان وزير الخارجية الجديد أنتونى بلينكن ليتهم موسكو بأن ما يجرى فيها سببه الاحباط الناجم عن الفساد، رافضا تعليق شماعة المظاهرات على التدخل الأمريكى فى الشئون الروسية كما ادعى الكرملين.