مازال القادة الشعبويون اليمينيون بالعالم يجدون صعوبة فى تقبل خسارة ترامب وتولى بايدن رئاسة أمريكا. ترامب كان حامل لواء الشعبوية. احتموا به وشعروا بالفخر عندما التقطوا الصور معه بالبيت الأبيض. الآن، ذهب عنهم الغطاء، فماذا سيفعلون؟. حسنا.. ربما فقدوا زعيما لهم، لكنهم لم يفقدوا قضيتهم. الشعبوية باقية بل وستزدهر خلال العقد الحالى على الأقل.
فى عام 2020، كان هناك مليارا شخص يحكمهم زعماء شعبويون. الزعماء الشعبويون وعلى رأسهم ترامب، اعتمدوا تقريبا حملة مشتركة أساسها: مهاجمة العولمة والمهاجرين والإعلام «المزيف» ودغدغة مشاعر الناخبين بأن القادم أفضل طالما لن يشاركنا فيه الأجانب ولن تحكمنا النخب الليبرالية. لكن الشعبوية لم تكن نتيجة لوصول ترامب ومن على شاكلته للسلطة، بل كانوا هم عرضا لها. إنها، كما تقول بيبا نوريس الأستاذة بجامعة هارفارد، تزدهر فى زمن الأزمات الاقتصادية. استعادت قوتها مع الأزمة المالية العالمية 2008، ثم أوصلها كورونا للذروة، بعد تسببه فى أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ليتراجع نصيب الفرد من الناتج لمستويات عام 1870 وفقا للبنك الدولى.
ترافق مع ذلك تزايد رهيب فى عدم المساواة الاقتصادية. وبينما تضاعفت ثروات المليارديرات، زاد الفقراء فقرا ومرضا وموتا. المتضرر الأكبر هم الشباب بفقدان كثير منهم وظائفهم، وهو ما تتم ترجمته بصناديق الاقتراع. هنا تلعب مواقع التواصل الاجتماعى دورا شديد الخطورة فى خلق مناخ داعم للمد الشعبوى، إذ تطلق العنان لموجات الرفض ونظريات المؤامرة وصب اللعنات على المهاجرين والأقليات.
كورونا أطاح بترامب لسوء معالجته الأزمة، لكنه كان سببا فى ارتفاع شعبية زعماء آخرين. وحسب الاستطلاعات، استعاد بوتين وأردوغان وبولسونارو (البرازيل) شعبيتهم التى فقدوها بداية الوباء. لقد صححوا أخطاءهم وواصلوا تأجيج النعرات القومية الشوفينية ليثبتوا أنهم يستطيعون البقاء رغم أن المدافع الأول عن حركتهم ذهب مع الريح.
الشعبوية استفادت من ترامب لكنها مستمرة بعده لأن المستنقعات التى تتوالد فيها لم يتم تجفيفها بعد. عالم كورونا وما بعده سيملؤها بمياه آسنة من الغضب والكراهية والاستياء. يشعر الشعبويون بالحزن على رحيل ترامب لكنهم سيواصلون رفع الشعلة.