Close ad
25-1-2021 | 10:56
الأهرام اليومي نقلاً عن

تابعت النقاش الدائر حول مصير شركة الحديد والصلب. بعد أن أصبحت المسألة قضية رأى عام. واهتم بها المصريون سواء من يوافقون على البيع أو يرفضونه. ومن يوافقون يمكن وصفهم بالأقلية. هذا ليس البيع الأول ومنذ سنوات يدور هذا النقاش. كلما جرى التفكير فى بيع صرح من صروحنا الصناعية. ومهما استمر الجدل واستطال النقاش, فإن القرار المتخذ يُنفَّذ فى الواقع. وكأن الجدل طقس اجتماعى لا بد منه.

استهلكت متابعة النقاشات جزءا كبيرا من وقتى. رغم أن الوقت مشكلة المشكلات بالنسبة للإنسان. ومع هذا كانت متابعة الناس فيها قدر من الاهتمام. كلٌ يبحث عن موقف يتخذه أو قضية يتخندق وراءها. أما أنا فلم أمر بهذه الحيرة لأن موقفى المبدئى ثابت. فكل ما أنجزه المصريون يجب الحفاظ عليه والإضافة له بمعرفة كل جيل يأتى. باعتبار أن المنجز ملك للوطن. فى قضيتنا أتصور أن البيع يجب أن يشكل آخر الحلول. خصوصا عندما يدور الجدل والنقاش حول صرح من صروح الصناعات الوطنية المصرية.

أحاول ألا أتخندق مع أى اتجاه من الاتجاهين. وأبحث لنفسى عن طريق ثالث يخرجنا من هذه الأزمة بأقل الخسائر. لم أكتب العبارة السابقة لأحاول إخفاء موقفى الثابت من القضية. الذى يتلخص فى رفض البيع جملة وتفصيلا. لسبب بسيط أنه ليس الحل الوحيد الذى يطرحه علينا الواقع الراهن. إما أن نلجأ إليه أو أمامنا ومن خلفنا وحولنا الطوفان. لكل مشكلة حل، إذا اعتبرنا أن الحديد والصلب قد أصبح بمنزلة مشكلة فى حياتنا اليومية. وأننا لا نتمكن من الاستمرار فى الحياة ما لم نجد حلا لها. ولكنى أقول إن لكل مشكلة حلا حتى للقضية الراهنة.

سمعت عن نزيف الخسائر اليومى الذى يُذْكَر كنوع من الضغوط على أعصابنا. حتى ننظر للقضية بأنه لا حل سوى البيع: هنا والآن. وأنها إن لم تُحل اليوم قد لا تُحل أبدا. أعود للخسائر وأجبر نفسى على تصديقها. لأن حدوثها نوع من اللامعقول. ولكن حسب كلامهم هذا هو الحاصل فى أرض الواقع. دون أن يحددوا المسئول عن هذه الخسائر وهل حوسب أم لا؟.

إذا: ما الحل؟! هذا هو سؤال الأسئلة فى قضية الحديد والصلب الراهنة. التى لا يمكن المرور عليها مرور الكرام. ولا بد من التوقف أمامها بإجابات محددة. ترفض الحلول الوسط ولا تغرق فى تفاصيل اللحظة الراهنة. وتحاول إدراك الحالى وصولا إلى مستقبل أفضل لصناعة كانت ومازالت من أهم الصناعات ليس فى مصر وحدها ولكن فى العالم كله.

المطروح علينا دون زيادة ولا نقصان هو بيع أصول الشركة بيعا نهائيا وباتا. أى تصفيتها بلغة أهل السوق. فهل هذا هو الحل الذى لا حل سواه؟! من المؤكد أن هناك حلولا أخرى يمكن التوصل إليها بقليل من الجهد والعناء. تابعت الوزير المسئول الدكتور هشام توفيق فى حديثين تليفزيونيين مع الإعلامى المعتز بالله عبد الفتاح، والإعلامى شريف منير عامر. وما قاله فى الجلسة العامة لمجلس النواب. ولم أجد سوى الكلام عن محاولة إنقاذ الشركة وتقييمها. وذلك من خلال جهات أجنبية. ثم الانتهاء إلى فكرة البيع. ولاحظت أن الوزير يدافع عن البيع باعتباره لا حل سواه. أو لكونه الخيار الأمثل للخروج من مأزق الشركة.

لم يفكر أحد فى الطريق الثالث. ولا حتى وزير قطاع الأعمال نفسه. وأقصد بالطريق الثالث الذى لا يبقى الحال على ما هي عليها. فالإبقاء ضد المنطق وضد الأصول. وأيضا لا يوصلنا إلى البيع. الذى يعنى خسارة لصناعة مهمة. السؤال الأول عندما نصل للطريق الثالث: لماذا لا يتم التخلص من مساحات الأراضى الهائلة التابعة للشركة؟ ومن الواضح أنه لا فائدة من وراء الاحتفاظ بها سابقا سوى الوجاهة الاجتماعية. وأيضا لِمَ لا يتم التصرف فى المخازن الكبرى التى تمتلكها الشركة؟ هل يُعقل أن يكون هناك مخزن للخردة على مساحة ضخمة من الأفدنة؟ مع أن التصرف الطبيعى مع الخردة هو التخلص منها فورا ولو كانت تباع مرحبا. لأن هذا يعنى دخلا يستفيد منه العاملون فى الشركة. على أن يتم التخلص من الخردة من خلال مزايدة علنية تراعى فيها أصول الشفافية التى لا بد من وجودها فى مثل هذه الحالات.

من المؤكد أن الإبقاء على الخردة وتخزينها خطر على المكان. وعلى صحة من يعملون به ويترددون عليه. ومع تقادم امتلاء المخازن تزداد المخاوف الصحية. إذن الحل هو البيع أولا بأول لما فى هذه المخازن. وفى هذه الحالة سيكون الموقف يمكن التعامل معه باعتبار أن ما جرى فيه حل طبيعى. لا يحدثنى أحد عن العمالة. فكل عامل وراءه بيت مفتوح وفيه أفواه تستحق الإعالة. خاصة إن كانوا فى فترات تعليمهم أو فى شبابهم. أعرف أن هناك بعض العمال قد يقبلون بمبدأ التعويضات. وهو رهان خاسر. لأنه مهما كانت أرقام مبالغ التعويضات ضخمة وفلكية. فإنها سرعان ما ستتبخر بأى شكل من الأشكال. وبالتالى ينضم العمال أو الذين كانوا عُمالا إلى العاطلين عن العمل والأمل. فإن كانوا قد تركوا العمل باختيارهم ورضاهم ودون أى ضغوط عليهم من أحد. فإنهم سيصبحون إن عاجلا أو آجلا عبئا على المجتمع. فالعمل رسالة أكثر من كونه هدفا. ثم إن العاطل عن العمل خطر على المجتمع. خصوصا أننى لاحظت عند النشر التركيز على عدد العمال الحالى. وعدد العمال الذين لا بد من التخلص منهم دون ذكر لمن يعولون من المصريين. وطبيعة أعمارهم. حتى ندرك ماذا يمكن أن يحدث بعد تسريحهم من العمل.

هذه شهادتى أكتبها بصدق وإخلاص لمصلحة بلادى. وأنا لا أقول تبقى الحال على ما هي عليه. ولا أحب البيع. ولكن إعادة النظر فى حجم ممتلكات الشركة والتخلص من كل ما لا يخدم العملية الإنتاجية. وهو أكثر من الكثير. فهل من مجيب؟!.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قريتنا بين الأصالة والمعاصرة

إن كنت من أهل الريف مثلى سابقا. ستدرك أهمية بل خطورة مشروع الرئيس عبدالفتاح السيسي، باني مصر الحديثة لتطوير القرية المصرية. وأخذها من أحضان العصور الوسطى

أدهم

فس طفولتي شغلتني كثيراً حكاية أدهم الشرقاوي. انتمى لقرية قريبة من قريتي. تتبعان مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة. ومن شدة انشغالي بالموال وحرصي على الاستماع

والد مصري

في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، جرى تحويل روايتي: «الحرب في بر مصر» إلى فيلم: «المواطن مصري» كان المرحوم المخرج صلاح أبوسيف قد اختار عنوان الفيلم

المئوية الثانية لديستويفيسكي

قررت هيئة اليونسكو اعتبار عامنا المئوية الثانية لفيدور ديستويفيسكي 11 نوفمبر 1821 – 9 فبراير 1881 باحتفالات في العالم. وتقول اليونسكو في أسباب قرارها:

تركيا .. الحرب في كل الجبهات

تركيا.. الحرب في كل الجبهات