Close ad

الموجة الثانية لـفيروس كورونا والتعافي الاقتصادي..!

11-1-2021 | 18:01
الأهرام الاقتصادي نقلاً عن

رغم حالة التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية فى العالم بإمكانية التعافى الاقتصادى فى العام الجارى، ولاسيما مع إقرار اللقاحات والتوسع فى استخدامها، فإن تفشى الموجة الثانية للجائحة العالمية لفيروس كورونا وتحور الفيروس، واتجاه الدول إلى إعادة الإغلاق مرة أخرى، خفضت من التفاؤل حول توقعات وتيرة التعافى الاقتصادى ومعدل النمو المتوقع فى العام 2021، حيث خفض البنك الدولى توقعاته إلى 4% بعد أن تكبد الاقتصاد العالمى انكماشا بنحو 4.3% فى العام السابق وفقا لأحدث تقرير له.

 كما خفضت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، فى تقرير آفاق النمو الاقتصادى الصادر الأسبوع الماضى، توقعاتها إلى 2.4% للنمو العالمى، مقارنة بتوقعاتها فى سبتمبر الماضى، بسبب تأثر وتيرة التعافى بالإجراءات التقيدية الراهنة فى مواجهة تفشى الموجة الثانية من الفيروس، إلا أن هناك اتفاقا على أن وتيرة التعافى ستصل ذروتها فى الربع الأخير من العام.

ما تجب الإشارة إليه فى هذا الصدد، هو التحذير الذى أطلقته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية - إلى الحكومات - من التفكير فى خفض الإنفاق العام بعد انتهاء الجائحة، ونصحت بالعكس فى ظل التأثير الاقتصادى لتلك الجائحة حيث تقول إنه يجب أن يشجع الحكومات على زيادة الإنفاق العام وخفض الضرائب، والا تسارع الدول فى اتخاذ سياسات مالية تقشفية من أجل تقليص العجز بالموازنة العامة وخفض الدين العام للعودة إلى المستويات التى كان عليها قبل تداعيات الجائحة، بل الاستمرار فى انتهاج سياسات توسعية، كى لا يؤثر ذلك على التعافى الاقتصادى خاصة أن أسعار الفائدة ستظل منخفضة لفترة طويلة، وذلك حسب كبيرة الاقتصاديين بالمنظمة لورانس بون، التى نصحت بالتخلص من فكرة وجود مجموعة قواعد مالية تصلح أن تطبق على جميع الدول للعودة إلى مستويات الدين المستهدفة.

وهو ما ينقلنا إلى الحديث عن السياسات الاقتصادية والتدابير والإجراءات التى اتخذتها مصر فى التعامل مع الموجة الثانية من الجائحة، حيث استمرت السياسات المالية للدولة والسياسة النقدية للبنك المركزى فى انتهاج التيسير النقدى والكمى بالتيسير على الشركات ودعمها لدفع النشاط الاقتصادى، فى ظل السياسات الاقتصادية الرشيدة التى تتبناها الدولة فى مواجهة الجائحة العالمية، الحفاظ على صحة المواطنين ومواجهة تفشى الفيروس، مع دفع وتيرة النشاط الاقتصادى، وهى السياسة المتوازنة التى نفذتها مصر فى "التعايش مع الفيروس" وحققت نجاحا مشهودا فى الموجهة الأولى للفيروس، على المستوى الصحى فى الحد من انتشار الفيروس مع زيادة كبيرة فى الإنفاق العام على الصحة والإجراءات الوقائية والاحترازية، إلى جانب المضى قدما فى تنفيذ المشروعات القومية فى البنية التحتية والبناء والتشييد والبنية التحتية بشكل عام، والقطاعات الاقتصادية الأساسية الإنتاجية والخدمية، حيث شهد الإنفاق العام فى قطاع تكنولوجيا المعلومات زيادة كبيرة ساهمت بدورها فى النمو الكبير فى التجارة الالكترونية والتوسع الهائل فى الخدمات المالية التكنولوجية، وهو ما أسفر عن تحقيق مصر ثانى أعلى معدل نمو اقتصادى فى العالم فى ظل الانكماش الاقتصادى الذى ساد غالبية اقتصادات العالم.

واقع الأمر فإن هذا النجاح ما كان يتحقق دون إرادة سياسية تمتلك المبادرة والسرعة فى التعامل مع التطورات بفضل الرؤية الرشيدة، حيث كانت مصر من أوائل الدول التى أعلنت عن حزمة إجراءات متكاملة لمواجهة تداعيات الأزمة، التى اتخذت شكل المبادرات الرئاسية التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي وكلف الحكومة والبنك المركزي بتنفيذها، واتسمت بالاستباقية، ما وفر لها سبل ومقومات النجاح، وكان فى مقدمتها تخصيص 100 مليار جنيه تمثل 1.8% من الناتج المحلى فى امتصاص الآثار الناتجة عن الجائحة العالمية وتداعياتها على الاقتصاد المصرى، إلى جانب المبادرات الخاصة بتأجيل الضرائب والرسوم عن بعض القطاعات الاقتصادية المتضررة والصناعية وإطلاق مبادرات لتوفير حزم تمويلية منخفض الفائدة لقطاعات الصناعة والمقاولات والسياحة والزراعة والتطوير العقاري، التى قام البنك المركزى بإطلاقها والإشراف على تنفيذها مع البنوك لضمان سرعة وإزالة أى عوائق.

كما كان لخفض المركزى للفائدة بـ400 نقطة أساس 4% خلال العام الماضى أثره الإيجابى فى دفع النشاط الاقتصادى بتشجيع الاقتراض وخفض تكلفة الإنتاج وتحفيز الاستهلاك المحلى، إلى جانب خفض الأعباء عن كاهل الموازنة العامة بشكل ملحوظ ما أسهم بدوره فى تقليص نسبة العجز، كما نشير فى هذا الصدد إلى أنه رغم خفض الفائدة فإن العائد الحقيقى على الودائع المصرفية لايزال مرتفعا بفضل نجاح السياسة النقدية فى خفض معدل التضخم إذ سجل 5.3% فى أكتوبر و6.3% فى نوفمبر الماضيين، ويتوقع أن يصل نحو 6% فى الربع الأخير من العام الماضى وهو الحد الأدنى لمستهدفات البنك المركزى التى أعلنها العام 2019، كما أن توقعات بنوك الاستثمار ترجح تراجع إلى 4.9% فى نهاية العام المالى الجارى.

وفى السياق نفسه فإن المبادرات الرئاسية، ولاسيما سياسة التيسير النقدى والكمى للبنك المركزى والسياسة المالية بتأجيل الضرائب والرسوم عن بعض القطاعات، بدأت تؤتى ثمارها فى انخفاض معدل البطالة إلى 7.3% فى الربع الثالث من العام الماضى بعدما تزايدت بشكل مؤقت فى الربع الثانى بسبب تداعيات الجائحة العالمية، كما ارتفع الائتمان المحلى بمقدار 29.9 مليار جنيه خلال شهر نوفمبر الماضى، حيث بلغ إجمالى الائتمان المحلى 5.015 تريليون جنيه، مقابل 4.985 تريليون جنيه فى أكتوبر السابق عليه، كما ارتفع الائتمان المحلى منذ بداية العام وحتى نوفمبر 2020، بقيمة 909.303 مليار جنيه وفقا لبيانات البنك المركزى الصادرة مؤخرا.

ولعل مد البنك المركزى العمل بمبادرتى العملاء المتعثرين من الأشخاص الاعتبارية وشركات السياحة إلى نهاية يونيه المقبل، إلى جانب ضمانة وزارة المالية لإقراض البنوك قطاع السياحة المتضرر من تداعيات الجائحة بفائدة 5% لتمويل رأس المال العامل، تعكس مضى الحكومة قدما فى دفع النشاط الاقتصادى كأولوية وهدف رئيسى للسياسة النقدية لمواجهة تداعيات أزمة "كوفيد-19"، وبهدف تحقيق الأهداف المرجوة من المبادرات باستفادة أكبر عدد من العملاء المتعثرين الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة بما يسهم فى دعم ومساندة واستعادة تلك الشركات نشاطها وتوفير فرص العمل وتشجيع الأفراد على الاستهلاك لأهميته كمحرك للنمو.

بين السطور

البرنامج القومى لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى، يكتسب أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة، ويحقق مردودا واسعا على أكثر من صعيد، وفى مقدمتها الارتقاء بجودة خدمات النقل، وتعميق صناعة السيارات والصناعات المغذية واستغلال البنية التحتية الحديثة والطرق الجديدة إلى جانب خفض تكاليف دعم المواد البترولية فى الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى تشجيع استخدام الغاز الطبيعى الذى يوفر نحو 50% من تكلفة البنزين والسولار، كما يحقق عائدا أفضل لأصحاب السيارات الأجرة والميكروباص، إلى جانب تقليل معدل التلوث والحفاظ على البيئة، كما أن البرنامج يقلل الضغط على العملات الأجنبية من خلال خفض استيراد السولار الذى يمثل عبئا على الخزانة العامة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
دروس من تأجيل تعديلات التسجيل العقاري..!

توجيه الرئيس بتأجيل تطبيق تعديلات قانون التسجيل العقارى لمدة لا تقل عن عامين، قرار صائب لاقى ترحيبًا كبيرًا من الجميع وأثلج صدور المصريين، لقد جاء التأجيل

عندما يجني المصريون ثمار النمو .. تطوير العشوائيات والريف نموذجًا!

هذه هى المرة الأولى التى نتابع فيها اهتمامًا بهذا المستوى من رأس الدولة بتطوير المناطق العشوائية، ليس هذا فحسب، بل الأهم أن يصطحب رئيس الجمهورية نصف وزراء

مأساة المصريين مع ظاهرة توظيف الأموال!

أعادت مأساة النصب التى وقع فيها الأهالى ببعض القرى بمركزى مغاغة وبنى مزار بمحافظة المنيا فى توظيف أموالهم مع "مستر حسين" -كما يطلق عليه ضحاياه- إلى الذاكرة

الأكثر قراءة