Close ad

المرأة فى الحياة النيابية 2020 (1)

3-1-2021 | 10:39
الأهرام اليومي نقلاً عن

يدور الآن في تونس صراع حاد بين حزب النهضة, الاخوان, على جانب والمنظمات النسائية ويساندها الاتحاد التونسي للشغل ومنظمة حقوق الإنسان على الجانب الآخر. ومواضيع الصراع عديدة ومتنوعة و منها إدانة الارهاب، بجانب تلك الحقوق التي كانت النساء التونسيات قد حصلن عليها صبيحة استقلال البلاد عام 1956 على يد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وعلى الجانب الآخر، في الوقت نفسه، باتت النساء السودانيات يشعرن بالكثير من الحريات الشخصية منذ نجاح الثورة السودانية التي ازاحت بنظام عمر البشير. فقد عاد الثوب السوداني الملبس الرسمي للمرأة يسيطر على الشارع دون أي متابعة أمنية تلاحق النساء. هكذا تبدلت الأمور في البلدين منذ ثورة الياسمين في تونس وثورة الشعب المعلم في السودان.

اما في بلدنا مصر فقد مرت قضية المرأة بمراحل عديدة بدءا من المشاركة الكبيرة في ثورة 25 يناير الى أن جاءتها اختناقة كبيرة خلال عام حكم الاخوان عندما ارتفعت اصوات تنادي بإلغاء سن زواج الفتيات ثم اباحة ختان الاناث الى ان حدث التحول الكبير بعد ثورة الثلاثين من يونيو وصدور دستور 2014 الذي قدم للمرأة حقوقا أكثر مما كانت تطالب بها قبلا وتحديدا رفع نسبة عددها في المجالس النيابية وفي المواقع التنفيذية.

وبالفعل جاء عام 2020 بالرغم من الضائقة المرضية التي ألمت بالإنسانية الا أنه استمر عام انتفاضة جادة في مسيرة المرأة المصرية.فقد استمر الوجود النسائي في المجالس النيابية بنسبة الربع مع ارتفاع نسبتها في المواقع الوزارية حتى باتت تحتل ثمانية مواقع وزارية منها مواقع أساسية كوزارة التخطيط، ثم اتى عام 2020 بنائبة عضو منتخبة في القائمة في مجلس الشيوخ لمقعد نائبة لرئيس مجلس الشيوخ. ولابد للاعتراف أن هذا الزخم النسائي لم يكن في ذهن القيادات النسائية منذ أن تقدمت هدى هانم شعراوي عام 1923 الى رئيس الوزراء المصري تطالبه بتحقيق مبدأ حصول المرأة المصرية على حقوقها السياسية وبجانب حق التعليم المتساوى مع الذكور.

حتى في تلك الفترة التى انتعشت فيها حركة النساء المصريات بعد تأسيس المجلس القومي للمرأة عام 2000 فقد ارتفعت المطالب الى نسبة 15% في المجلس النيابي على أن تزيد النسبة في المجلس المحلية. وإذا قارنا النسبة المتحققة الآن مع النسب التي كنا نطالب بها فسوف نجد فارقا كبيرا مما يعطى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ميزة تفوق ميزات الآخرين والأخريات.

ولكن علينا أن نسجل أن دخول المرأة الى البرلمان لم يكن باستمرار منحة من الرئيس الجالس على سدة الحكم، بالرغم من انه كان باستمرار بقناعة وبقرار منه، وانما كان نتيجة لمطالب النساء المصريات وتحديدا الحضريات. فالحركة النسائية المصرية لم تكن حركة جماهيرية تضم الريفيات والعاملات وربات البيوت بالرغم من استمرارها جزءا لا يتجزأ من الحركة الديمقراطية في البلاد. إذا انتعشت الحركة الديمقراطية في البلاد صاحبتها الحركة النسائية ومع تراجع الحركة الديمقراطية تراجعت الحركة النسائية. وطالما استمرت الحركة الديمقراطية محاصرة، على مدى عقود زمنية طويلة، استمرت الحركة النسائية تدور في صفوف الحضريات وبالتحديد في صفوف المثقفات ذوات الاتصال بالحركات النسائية في الخارج سواء كان هذا الاتصال بالاطلاع والقراءة او بالاتصال المباشر.

وعلينا أن نتذكر أن دخول المرأة المصرية الى الحياة النيابية عام 1956 لم يكن بالصورة التي نشاهدها الآن. كانت النساء النائبات يدخلن البرلمان على قدم وساق كما يدخلها الرجال. كن يخضن المعركة البرلمانية على مقاعد فردية. تماما كما فعلت راوية عطية وامينة شكري ونوال عامر وكريمة العروسي وغيرهن القليلات. الى أن جاء عام 1984 وبدأنا نعرف نظام القائمة المغلقة التي جعلت من المرشحين والمرشحات أفرادا في مجموعة انتخابية تابعة لحزب من الاحزاب. ومنذ ذلك العام تراجعت أعداد النساء البرلمانيات اللآتي يخضن المعارك الفردية ليكسبن في كل مرحلة مقعدين او ثلاثة يضافوا الى المقاعد السابقة. وبات دخول المرأة الى البرلمان جزءا من القائمة وليس على المقاعد الفردية التي تحتاج الى العمل والتي تصنع وتصيغ ما نعرفه كقيادات برلمانية.

وتأكدت مقولة إن الوجود النسائي البرلماني في مصر يتوقف على الرئيس الذي يجلس على سدة الحكم، إذا كان هذا الرئيس يؤمن بقضايا المرأة فتح لها أبواب المجالس النيابية، اما إذا لم يكن من المؤمنين بهذه القضايا العادلة فسوف تعود البلاد الى الحالة التي تقف الآن عليها المرأة التونسية. وقد يقال دائما إن الدولة وتحديدا رئيسها إذا فتح الباب امام المرأة وسهل لها دخول الحياة النيابية فإن الواجب عليها ان تعمل هي بشدة حتى تحافظ على هذا المكسب وتزيد منه في الدورات التالية. بمعنى أن الرئاسة تضمن فقط الوجود النسائي في البرلمان وانما لا تضمن نجاحها المستمر في الحياة النيابية. وهذا في واقع الامر كلاما صحيحا كما انه لم يحدث الى الآن في بلادنا. لأن البرلماني او البرلمانية لا يصنعان داخل جدران البرلمان وانما يصنعان في الدوائر التي ينتخبون فيها. وامامنا في ساحاتنا البرلمانية نماذج صارخة لذلك سواء من الرجال او الاناث. وتأتي نوال عامر كنموذج لهذه العينة من البرلمانيات. فبالرغم من أننا لا ننتمي الى ساحة سياسية واحدة الا انني اعترف انها كانت برلمانية ناجحة. ثم نأتي الى اكثرهن لمعانا في الانتخابات الاخيرة وهي النائبة نشوى الديب عن دائرة إمبابة والتي نجحت من الجولة الاولى وبأصوات تصل الى ما يصل الى 85% من الأصوات الكلية للدائرة. وهنا نطرح سؤالا لماذا دخلت نسبة 25% من عدد أعضاء البرلمان بالقائمة بسهولة بينما لم تنجح الا ثلاث عضوات على المقاعد الفردية على طول مصر وعرضها؟.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
القرية المصرية

عشنا زمانا ونحن نتابع سياسيينا يتحدثون عن ازالة الفوارق بين القرية والمدينة. كما عشنا وتابعنا اعدادا من المثقفين المصريين الذين سافروا للدراسة فى الخارج

الريف المصري في مشروع قومي

استمرت الحكومات المصرية منذ زمن طويل تقدم لنا برنامج إدخال مياه الشرب النظيفة الى الريف المصرى كأحد مشاريعها الكبرى. اتذكر عام 1950 العام الذى شهد آخر

الدولة والهوية المصرية

تحدث الرئيس السيسي في الندوة التثقيفية الـ32 للقوات المسلحة عن أهمية الحفاظ على الدولة المصرية التي تفرض حمايتها علينا جميعًا من أي تدخل قد يصيبها من العدو

الاحتياج لنمو دور المجتمع المدني

ربما تكون المرة الأولى التى يقف فيها الشعب المصرى موحدا أمام قضية داخلية تفرض عليه من جانب غير عسكري. وعندما نشير الى وحدة الشعب المصرى فإننا نعنى جميع

دارين خليل وأخواتها

في المسيرة المصرية الحديثة احتلت قضية المرأة جانبا ملحوظا فيها. فبدءا من النهضة الاقتصادية المصرية التي غرسها الوالي محمد على استمرت قضية المرأة تظهر وتخبو

المسلسل الذي تابعته طوال الشهر الكريم

تعرفت على الصحفي صالح مرسي عام 1956، كان صديقًا لزوجي، وبالتالي ارتبطت عائلتانا بصداقة، دعمتها فيما بعد عضويتنا في التنظيم الطليعي؛ التنظيم السياسي لعبدالناصر.

"نقفل الشباك واللا نفتحه؟!"

أستعير هذا العنوان من عبارة وردت في إحدى مسرحيات الراحل لطفي الخولي في ستينيات القرن الماضي ولاقت استحسانا جماهيريا واسعا، والعبارة كانت "أقفل الشباك واللا أفتحه؟!".

الأكثر قراءة