فى يوم 27 يونيو من عام 1995، كان انقلاب حمد بن خليفة على والده، ليستولى على حكم الإمارة القطرية، وبدأت العلاقات السرية مع الكيان الصهيونى من خلال لقاءات مع جهاز المخابرات «الموساد» وزيارات سرية بين المسئولين فى الدوحة وتل أبيب، وصولا إلى إعلان إقامة علاقات اقتصادية بين الإمارة والكيان فى عام 1996 وفتح مكتب لرعاية المصالح الإسرائيلية فى الدوحة، وكانت عملية التطبيع فى مقدمة أهداف وطموحات حمد بن خليفة ليوفر لنفسه ولحكمه حماية وتبعها اللجوء للولايات المتحدة لإقامة أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط، وكانت هدفا إستراتيجيا لحاكم الإمارة ليبسط نفوذه وحكمه وحسب وصف كتاب «قطر وإسرائيل» هذه العلاقة بأنها الجسر المعلق وأن قطر هى صندوق البريد السريع والتى لعبت ومازالت الأدوار الخبيثة والقذرة فى المؤامرات على القضية الفلسطينية والدول العربية، تحولت الدوحة للمكان الآمن للسياحة الإسرائيلية حيث لا يجدون أى مشاكل فى الدخول والإقامة والتعامل مع القطريين.
ما بين الإمارة والكيان من تعاون يفوق أى توقعات منذ عام 1996 وحتى هذه اللحظة، التى يتحدثون فيها عبر أبواقهم الإعلامية فى الدوحة وتركيا، فقد وصلت العلاقات التجارية وتحديدا حجم ما استوردته الإمارة خلال هذا العام من الكيان الصهيونى إلى 11 مليار دولار وتأتى فى المرتبة الثانية بعد تركيا، وفتحت تلك الإمارة أبوابها أمام التطبيع كأول دولة خليجية يرفع فيها العلم الممثل للكيان ويعزف فيها النشيد الإسرائيلى مع زيارة شيمون بيريز للدوحة عام 1996 وحفاوة استقباله الرسمى ومنحه سيفا من الذهب المرصع بالألماس، وثمنه يكفى لتغيير حياة ألف أسرة على الأقل، لكن الهبات والمنح تعطى لمن يقتلون ويغتصبون الأراضي، وبدأت قناة الجزيرة كأول قناة عربية تفتح برامجها وشاشتها لاستضافة ممثلى الكيان الصهيونى ومن خلالها دخلوا المنازل العربية، فكانت الجزيرة هى القناة التى أصبحت بوقا لجيش الاحتلال وعبرها تشن إسرائيل هجومها على الفلسطينيين وتصفهم بالإرهابيين، وقبل الجزيرة لم يكن هناك أى تعامل إعلامى أو صحفى من الدول العربية مع الإسرائيليين الذين أصبحوا ضيوفا دائمين على شبكة الإمارة.
ومثلما تتاجر إمارة الدوحة بالقضية الفلسطينية يفعل السلطان أردوغان نفس تلك التجارة، لكن التاريخ يفضح كيف خانوا ومازالوا يلعبون الأدوار المشبوهة نفسها فى عام 1949، كانت تركيا الدولة الإسلامية التى تعترف بهذا الكيان بعد عام واحد فقط، من إعلانها وفى يناير 1950كانت أول بعثة تركية لدى الكيان وبعدها بثمانى سنوات بدأ التعاون العسكرى والاستخبارى بين الأتراك والإسرائيليين.
وبعد احتلال الكيان الأراضى العربية فى 5 يونيو 1967، كشفت تركيا عن حقيقة علاقتها مع إسرائيل، إذ رفضت التصويت على قرار لمنظمة المؤتمر الإسلامى فى المغرب يشير إلى أن الكيان «دولة معتدية» على الدول العربية، وعارضت قطع علاقاتها بإسرائيل، وفى عام 2005، زار السلطان أردوغان إسرائيل ومعه أكبر وفد اقتصادى والتقى شارون ووضع الزهور على قبر مؤسسى الكيان وأصبحت تركيا تحتضن حتى اليوم بعثتين دبلوماسيتين إسرائيليتين إحداهما فى أنقرة والثانية فى أسطنبول، ولم تنقطع العلاقات بينهما منذ عام 1949، حتى عندما قتلت إسرائيل 10 أتراك على متن السفينة التركية فى مايو 2010، ومثل كل الاخوان المنافقين يحاول أردوغان أن يظهر نفسه المدافع عن القضية الفلسطينية لكنه هو من يبيعها، فحجم صادرات تركيا لإسرائيل فى الشهور التسعة من هذا العام بلغ 5 مليارات دولار، وتعد تركيا الشريك التجارى الرابع مع الكيان الصهيونى، وخلال رئاسة أردوغان الحكومة التركية تمت عملية تطوير مناطق صناعية مشتركة مع الكيان على الأراضى الفلسطينية، وتوقيع اتفاق للتعاون العسكرى وتدريب الطيارين.. هذا جانب بسيط من حقيقة التجار ممن فتحوا أراضيهم لسياحة البغاء فى الدوحة وإسطنبول وأصبحت المنتجات الإسرائيلية تغزو أسواق الإمارة القطرية والولاية العثمانية فالتاريخ يشهد بأن الإمارة والكيان والسلطان هم الأشد عداوة للإسلام والعروبة.