فى سبعينيات القرن الماضى، دخل الاتحاد السوفيتى عصر الركود العظيم. سياسيون فى أرذل العمر وسياسات عتيقة وتراجع اقتصادى غير مسبوق. عانى بريجنيف المرض والشيخوخة لكنه ظل متشبثا بالقيادة حتى توفى عام 1982، ليخلفه أندروبوف المسن ويتوفى بعد عام و3 أشهر، ثم تشيرننكو الذى مات بعد 13 شهرا، ليتسلم الراية جورباتشوف محاولا الإصلاح لكن الامبراطورية سقطت بعد سنوات قليلة.
مع الفارق الكبير، تبدو أمريكا 2021 مسنة باستثناء نائبة الرئيس كامالا هاريس(56 عاما) بقية القيادات من العواجيز. بايدن 78 عاما ورئيس مجلس النواب بيلوسى 80 عاما. زعيم الأغلبية الجمهورية بالشيوخ ماكونيل 78 عاما وزعيم الأقلية الديمقراطية 70 ربيعا. أمريكا بلد مؤسسات، والسياسى مهما تجاوز دوره كترامب يتم ردعه وتصحيح أخطائه، وبالتالى، ليس هناك قلق من انهيار على غرار ما حدث للاتحاد السوفيتى.
لكن هناك حالة إحباط بين القيادات الوسطى بالحزبين الكبيرين. أعضاء الكونجرس يستمرون فى وظائفهم سنوات طويلة. توزيع المناصب حسب الأقدمية غالبا، كما يقول المحلل السياسى الأمريكى ستيفن كولنسون. أى سياسى شاب عليه الانتظار طويلا ليتبوأ منصبا لأن الكبار لا يتركون لهم المجال. القضية تفجرت أخيرا عندما نشرت مجلة نيويوركر مقالا عن مخاوف الديمقراطيين بشأن ذاكرة وقدرات السيناتور ديان فينشتاين(87 عاما) العقلية، وهى سيناتور منذ 28 عاما.
وفينشتاين والعواجيز الآخرون مستمرون لأنهم منتخبون لكن اختيار المرشحين وتوزيع المناصب داخل الكونجرس منوط بقيادات الحزبين. كانت هناك قيادات شابة، بينها رؤساء مثل كلينتون وأوباما وبوش الابن، لكن المفاصل الرئيسية بأيدى السادة العواجيز. المفارقة أن أمريكا أمة شابة، معظم الابتكارات العلمية والتكنولوجية التى بهرت العالم من اختراع وتصميم شبابها، لكنها فى السياسة محافظة تفضل حكمة الشيوخ على حيوية الشباب.
فلاديمير ميدفيديف، الحارس الشخصى لحكام الكريملين بالعصر السوفيتى، أصدر قبل سنوات كتابا(ترجمه د.نبيل رشوان) بعنوان: حكم العواجيز، رصد فيه كيف انتهى الحكم الشيوعى إلى حكم أقلية عجوز فى الأعمار والأفكار. الأوطان بحاجة للشباب حتى لا نتحسر يوما مرددين قول الشاعر: ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب.