Close ad

فى رحابة الأمل وواقعية التطبيق

16-12-2020 | 09:39
الأهرام اليومي نقلاً عن

كان رد فعل الناس على تصريحات وزير الرى، الخاصة بإمكانية استخدام الفلاح للتليفون المحمول، لرى أرضه متبايناً، فمنهم من رحب بالفكرة، وهي جميلة، أن يُوضع فى الأرض مجسات لقياس نسبة الرطوبة، ثم عن طريق القمر الصناعى يتواصل الفلاح الذى يستعمل نظام الرى بالتنقيط مع المجسات، فإذا أشارت لاحتياج الأرض للماء، فيعطى التعليمات عن طريق التليفون المحمول لتبدأ أجهزة الرى فى تنقيط المياه.

فكرة جميلة، فهي تتعامل مع التقنيات الحديثة لاستخدام الرى، والعائد كبير من وراء استخدام تلك التكنولوجيا فى توفير المياه، وكذلك الوقت والجهد.أما الفريق الآخر فعلت الدهشة وجهه، فخبراته السابقة فى التعاطى مع تلك الأفكار الجميلة لم تكن جيدة. فعلى سبيل المثال، أطلقنا العنان بأقصى درجاته، ومددنا رحابة الأمل لنهايتها، حينما أعلنت الحكومة تحديث وحدات المرور، بعد أن أنَّ المواطن من التعامل مع المرور، لدرجة أن هناك من يعمل حساب اليوم الذى يذهب فيه للمرور قبلها بعام، من شدة توتره، ومن صعوبة ما يواجهه فى ذلك اليوم، فماذا حدث بعدما أعلنت الحكومة تطوير وحدات المرور، وزادت أحجام الأمانى، عند إعلانها ميكنة نظام الدفع، وأضحى عن طريق كروت الدفع المسبق.

فما الذى حدث؟ عدد وحدات المرور المطورة قليل للغاية مقارنة بإجمالى العدد، حتى المطور، يُلجئ الناس للتعامل بالنقد أحيانا كثيرة، ولنا أن نتخيل ما يمكن أن يسببه ذلك فى فتح باب للفساد. وإذا فكرت فى سؤال أحد لماذا نتعامل بالنقد حتى الآن، لا تجد إجابة محددة، إلا أن هناك مبررا ما، مثل أن السيستم واقع، وهذا ما تجده فى جهات إدارية كثيرة، تلجأ للتعامل معها. مثل مراكز البريد التى تستخرج شهادة مخالفات للسيارات كإحدى خدماتها، وهذا ما حدث معى حينما ذهبت لثلاثة مراكز مختلفة، وكان الرد واحدا .. السيستم واقع، وحينما توجهت للرابع، استخرجت الشهادة، ولكن الفضول دفعنى لسؤال المسئول، متى عاد السيستم، فكان رده مفاجئا. أين ذهب السيستم ليعود!.

ولو مررنا بهدوء شديد على المنظومة التعليمية، خاصة المرحلة الثانوية، فلابد من التوقف عندها لتدوين ثمة ملاحظات أراها غاية فى الأهمية، أولاها، أن الفكر الخاص بتطوير منظومتها بلا أدنى شك رائع، فقد حرر الطالب من الدوران فى فلك المُدرس، وفتح له مجالاً رحباً للتزود من العلم من خلال منصات تعليمية براقة، متاحة على مدار الساعة، أما الأكثر تميزاً فهو طريقة أداء الامتحان التى ستكون أون لاين، ورغم أن منظومة التطوير بدأت منذ سنتين، وواجهت صعوبات ضخمة فى آليات التطوير والتنفيذ، وهو ما أتاح لوزارة التربية و التعليم تلافى تلك المعوقات، فإن ما يواجهه الطلاب وأولياء أمورهم مع بعض الإجراءات البسيطة، مثل تسلم الشريحة الخاصة بالتابلت، أمر يدعو للدهشة، فتقرير تسلم تلك الشريحة من جهة ما، ليذهب أولياء الأمور للوقوف فى طوابير طويلة جدا، حتى تكاد تشعر بسعادة كبيرة فور تسلم الشريحة ولمَ لا، وطول الطابور يشعرك بصعوبة نيلها، ثم يلى ذلك مفاجأة مؤلمة.

تقرير تسلم شريحة أخرى من جهة مختلفة، لخوض غمار التجربة السابقة المؤلمة مرة أخرى دون معرفة الأسباب، ورغم بساطة الإجراء، فإنه يدل على أن هناك تخبطا، ولأن الثانوية العامة فى هذا العام ، سيتم عقدها بطريقة هى الأولى من نوعها، أعتقد أنه من حق الناس أن تتوجس، فبعد كل الوعود التى أطلقتها وزارة التربية والتعليم، عن تطوير التعليم و سلاسة أدائه، ومع المعوقات التى تظهر فى عدد صغير من الإجراءات البسيطة، يضحى تسرب القلق لنفوس أولياء الأمور أمراً طبيعياً، لاسيما أن الرهان على نجاح المنظومة مرتبط بعدد من العوامل، ليست كلها فى نطاق وزارة التربية والتعليم، فماذا سيكون تقدير الموقف، لو انقطعت خدمة الانترنت، لسبب ما، والأسباب متعددة يعلمها معظمنا، وماذا لو تأخرت عودة خدمة الانترنت؟
هى أسئلة بسيطة، ولكن كما ذكرت، بدء الامتحان لكل هذا العدد فى موعد واحد على مستوى الجمهورية، ليس بالأمر اليسير، لأن كل الطلاب ليسوا بنفس الظروف فى الوقت نفسه.

وهنا أعود لما بدأت به، وأوضح لماذا علت الدهشة وجوه البعض، فور إعلان رى الأرض من خلال التليفون المحمول، ورغم شرحنا لسلاسة الأمر، فإنه يحتاج لعدد من المراحل، أولاها، تعميم نظام الرى بالتنقيط، ثانيتها التوسع فى عمل المجسات المرتبطة بالقمر الصناعى، أما ثالثتها، فهى مرتبطة بتثقيف الفلاح و تدريبه على استعمال هذا النظام الجديد عليه. لذلك لا ضير فى عرض الأفكار الجميلة وما أكثرها و أنفعها للناس وللدولة، ولكن الضير فى رسم الأحلام وتضخيم الأمانى وتصويرها فى أبهى الأطر، ولأن تلك الأمانى تدخل فى حيز واقعية التطبيق، يتعلق الناس برحابة الأمل، إلا أن فئة غير قليلة تصطدم بعدم التطبيق!
نملك من الإمكانات، والقدرات الفنية والبشرية ما يؤهلنا للتيسير والتخفيف على الناس، كما نملك من الأدوات والآليات ما يحقق طموحاتهم و آمالهم، إلا أن الواقع أحيانا، يبدو غريبا دون وجود تفسير يكشف تلك الغرابة!.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.

الأكثر قراءة