Close ad

في اليوم العالمي للرجل .. "آر يو أوكى"!

19-11-2020 | 17:45

هناك الكثير من الرجال والنساء قد لا يعرفون أن هناك يومًا عالميًا للرجل؛ فالرجال في هذا الأمر دائمًا منسيون، ولكن في حقيقة الأمر فإنه في يوم 19 نوفمبر من كل عام يحتفل العالم بـاليوم العالمي للرجل، وهو يوم خاص بالرجال يتم الاحتفال بهم في (القانون الدولي الإنساني)، ويأتي هذه السنة تحت شعار "رجال يحتذى بهم"، ولا يخفى على أحد أن مصر- والحمد لله - لها الصدارة في الرجال الذين يحتذى بهم من علماء وأطباء وأدباء ومفكرين.. إلخ، وفي جميع المجالات.

وقصة هذا الاحتفال بدأت من "ترينيداد وتوباغو"؛ حيث يتصادف يوم 19 نوفمبر مع يوم ميلاد والد الدكتور "جيروم تيلوكسينغ"، وهو الذي أعاد إطلاق هذا اليوم العالمي مجددًا عام 1999، وفاءً لوالده وعرفانًا بفضله وتضحياته، ثم أخذت تحتفل به دولة بعد أخرى حتى وصل عدد الدول التي تحتفل به إلى 46 دولة حول العالم ومن ضمنها مصر، ويأتي الاحتفال بهذا اليوم قبل يوم واحد من الاحتفال باليوم العالمي للطفولة، ولا أدري إن كان هذا مقصودًا أم مصادفة؟!

ولكن من حق أي سائل أن يسأل: ما الهدف من الاحتفال بالرجل في هذا اليوم؟

ولنا أن نقول إن معالجة قضايا الشباب والكبار، وتسليط الضوء على الدور الإيجابي ومساهمة الرجال في الحياة الاجتماعية والأسرية، وتعزيز المساواة بين الجنسين، تأتي على رأس أهداف الاحتفال بالرجل.

ولكن ما أزعجني أنه في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات للمطالبة بـحقوق المرأة، فقد أثبتت تقديرات منظمة الصحة العالمية أن عدد ضحايا الانتحار عام 2016 بلغ نحو 793 ألف شخص حول العالم، وأكثرهم من الرجال، خاصة من هم دون الـ45 عامًا.

ففي بريطانيا - على سبيل المثال - ينتحر 84 رجلًا كل أسبوع، أي بمعدل 12 رجلًا يوميًا، وفقًا لما جاء في صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، والأكثر غرابة أن الصحيفة نفسها أشارت إلى أن متوسط انتحار الرجال في بريطانيا يزيد بنحو ثلاثة أضعاف على متوسط انتحار النساء! والمحير في الأمر أنه على الرغم من أن مرض الاكتئاب أكثر شيوعًا بين النساء، فإن للرجال النصيب الأكبر من حالات الانتحار.

والسؤال: لماذا معدل الانتحار يزيد لدى الرجال على النساء؟ فهل يعجز الرجال عن تحمل ضغوطات الحياة؟ أم أن هناك أسبابًا أخرى؟.

ويرى الخبراء أن الأسلوب الخاطئ الذي تربى عليه الرجال منذ الصغر؛ وهو كتمان المشاعر والتحلي بالشدة والتظاهر بالقوة على التحمل، وعدم الإفصاح عن معاناتهم، يُعد كل هذا من أهم العوامل التي تزيد مخاطر الانتحار؛ بينما النساء لا تجد أي غضاضة في التنفيس عن مشاعرهن ومشكلاتهن والتحدث عنها والإفصاح بها لدى الآخرين.

وهذا الأمر يبدأ - للأسف - منذ الطفولة، إذ نقول لأولادنا الذكور "إنما البكاء للنساء وليس الرجال"، و"الرجل لا يبكي"، وبهذا نحن نربيهم منذ الصغر على كتمان مشاعرهم؛ وعدم البوح بها؛ حتى يصيروا أقوياء!.

ويرى آخرون أن سبب زيادة الانتحار عند الرجل عن النساء يعود أيضًا إلى أن الأمهات تتحدث مع بناتهن أكثر مما يتحدثن مع أبنائهن الذكور، لا سيما عن المشاعر والأحاسيس؛ مما يترتب عليه إخفاء الأولاد الذكور مشاعر الضعف وعدم الاعتراف بها، وقد يكون الرجال أيضًا أكثر تحفظًا من النساء حيال زيارة الطبيب النفسي عند معاناتهم من المشكلات النفسية.

ويرى بعض الخبراء أن الأخطر من كل ذلك هو لجوء بعض الرجال للعلاج الذاتي؛ فتزيد معدلات تناول الخمر وإدمان المخدرات بين الرجال، وهذا قد يعكس محاولة للهروب من اليأس الذي يتملكهم، وكل هذا يزيد من مخاطر الانتحار.

وهناك إحصاءات لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، تؤكد أن الرجال أكثر عرضة للإفراط في المشروبات الروحية، مما يؤدي إلى زيادة الاكتئاب؛ وبالتالي زيادة احتمالات الإقدام على سلوكيات اندفاعية، علاوة على أنه من المعروف أن إدمان الخمر يزيد من مخاطر الانتحار.

ويرى آخرون أيضًا أن هناك عوامل أسرية ومادية قد تزيد من احتمالات الإقدام على الانتحار، بالإضافة إلى أن الشعور بالعزلة قد يؤدي أيضًا إلى الانتحار؛ ولذا هناك برنامج في أستراليا - على سبيل المثال - يدعى "أصدقاء في مجال البناء" يهدف إلى رفع الوعي بمعدلات الانتحار بين عمال البناء، وقد خصصوا يومًا قوميًا للاطمئنان على الآخرين، وهذه المبادرة أطلقتها مؤسسة تدعى "آر يو أوكى" (هل أنت بخير؟) لدعم كل من يواجهون مصاعب في الحياة من خلال التحدث إليهم.

وأخيرًا، أنتهز الفرصة  بمناسبة حلول "اليوم العالمي للرجل" وأدعو مؤسساتنا الدينية والأهلية والخيرية إلى أخذ المبادرة في هذا الأمر، وإعداد برامج ترفع الوعي لدى الشباب، وتشجعهم على التنفيس عن همومهم، وتصحح المفاهيم الخاطئة، وتؤكد أن التعبير عن المشاعر دليل على القوة وليس الضعف، وتزرع فيهم الأمل وروح الإصرار والعزيمة والإيمان والعمل والانتماء للوطن، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم!!

فهل نحن فاعلون؟!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
د. إسلام عوض يكتب: تجسس الأزواج

مع وجود الاختلاط في المدارس والجامعات والعمل، وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتدني الأخلاق، كثير من الأزواج أو المخطوبين يتشككون في سلوكيات بعض

د. إسلام عوض يكتب: فاصبر على ما لم تُحط به خُبرا (2 - 3)

إن الله إذا أحب عبدًا امتحنه، وليس هناك امتحان للعبد أبلغ من الحزن، فعند الابتلاء تنكشف للعبد عدة حقائق؛ أولاها قوة إيمانه وصبره وتحمله، وثانيتها حقيقة كل من حوله ومدى إخلاصهم أو نفاقهم