على مدى الـ 15 عاما الماضية، يخرج علينا موتورون من الدنمارك وحتى فرنسا فى حملات ممنهجة تستهدف فى المقام الأول الإساءة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصولاً للاستهزاء والتشويه للدين الإسلامى وربطه بالإرهاب، واستمرت تلك الحملات من بداية قيام صحيفة دنماركية عام 2005 بنشر رسوم كاريكاتورية شملت 12 صورة تسيء للرسول الكريم صلوات الله عليه، وبعدها أعادت صحف نرويجية وألمانية وفرنسية وغيرها فى عدة دول أوروبية نشر تلك الرسوم المسيئة، والتى أدت إلى تحريك العالمين العربى والإسلامى للتنديد بهذه الحملات المروعة وتصاعدت الاحتجاجات فى مختلف الدول التى تعبر عن الغضب للدفاع عن نبى الأمة صلى الله عليه وسلم، وشهدت عمليات الانتقام والتهديدات بالقيام بأعمال انتقامية مما أدى لموجة من الاضطرابات وسوء العلاقات مع تلك الدول والشعوب العربية والإسلامية، وفى عام 2015 نشرت صحيفة شارلى إبدو الفرنسية الرسوم المسيئة للمصطفى صلى الله عليه وسلم مما دفع لعمليات إرهابية كرد فعل على تلك الجريمة التى ارتكبتها الصحيفة، وشهدت فرنسا عدة عمليات إرهابية تنتقم من محررى الصحيفة الفرنسية وهى العمليات التى نرفضها جميعا، والتى لا يجب ترك التنظيمات الإرهابية أو تغذيتها ولا دعمها لاستغلال غضب المسلمين حول العالم فى القيام بتنفيذ مخططاتها الإرهابية والإجرامية واستهداف الأبرياء، وهى جرائم لا علاقة لها بالدين الإسلامى الذى يحرمها.
وبعد حالة الهدوء والمحاولات التى قام بها الكثيرون للتعايش السلمى والمواطنة والتآخى بين الشعوب ومواجهة محاولات الإساءة للأديان السماوية وبالرسل، فوجئ المسلمون من جديد بحملة تشويه من صحيفة شارلى إبدو الفرنسية خلال الفترة الأخيرة استمراراِ لنهجها المعادى للإسلام ونبى الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، وخرج الرئيس الفرنسى ماكرون مدافعا عن حرية الرأى والتعبير، وبعدها وقعت جريمة قتل مدرس فرنسى شارك فى حملة الإساءة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، وهي الجريمة التي نستنكرها ونرفضها تماما، فالردود الغاضبة لا تعطى الحق لأى فئة أو جماعة فى القيام بعمليات قتل وتفجيرات، بل يكون التحرك كما جاء من مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذى قرر تشكيل لجنة خبراء قانونية دولية لـرفع دعوى قضائية ضد صحيفة شارلي إبدو الفرنسية لإساءتها للنبي الكريم.
مع تأكيد أن مواجهة هذه الإساءات ستكون من خلال القضاء وبالطرق القانونية مع مقاومة خطاب الكراهية والفتنة بالطرق السلمية والعقلانية والقانونية، وهي رسالة مهمة لكل المسلمين حول العالم تأتى من الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين لقطع الطريق على جماعات الإرهاب ومن يصطادون تلك القضايا فى صراعاتهم السياسية للحصول على مكاسب من ورائها كما يفعل أردوغان الذى يتحدث خطابين مختلفين، فى العلن يظهر بوجه وفى الخفاء يقدم سفيره التعزية فى المدرس الفرنسي المقتول والذي أساء لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
خطورة ما يجري على الساحة العالمية حاليا من غضب للمسلمين وهم لديهم كامل الحق فى الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فى ظل ما تقوم به بعض الدول باعتبار أن هذه الإساءة تأتى ضمن حرية الرأى والتعبير، لكنها تبريرات مرفوضة وخاطئة وقد تقود العالم لمشاكل واضطرابات وفوضى كبيرة، مما يتطلب من كل البلدان عدم تبرير تلك الجرائم التي تستهدف الإسلام والنبي محمدا صلى الله عليه وسلم، فالمسلمون ينتفضون دفاعاً عن رسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، وهذا واجب على كل مسلم، مواجهة الهجمة على الإسلام بالفكر والقانون وليس بالتحريض على العنف.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام