Close ad
25-10-2020 | 14:22

رد الفعل الإثيوبي العصبي والمتشنج على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن سد النهضة، يقدم دليلا إضافيًا على إصرار أديس أبابا على متابعة سيرها في الاتجاهات والمسارات الخاطئة، وتحصنها خلف متاريس التهديد والوعيد، والتهرب من الإقرار بأخطائها ومخالفاتها الواضحة والبادية للعيان، وإخلالها بمقتضيات وشروط المسار التفاوضي حول أزمة سد النهضة، وضربها عرض الحائط بآليات وأسس القانون الدولي.

فـالحكومة الإثيوبية لم ترد لا من قريب أو من بعيد على اتهام ترامب لها بعدم الالتزام باتفاق جرى التوصل إليه، وهو ما دفع واشنطن لتوقيع عقوبات مالية عليها، وأن انتهاكها للاتفاق الذي عكفت بلاده على إعداده زاد من خطورة أزمة سد النهضة، وأنه لا يمكن لأحد لوم مصر على تهديدها بـتفجير السد.

فى المقابل، اكتفت إثيوبيا بإصدار بيان اكتظ بعبارات إنشائية وعنترية من عينة أنه لا توجد قوة بمقدورها منع أديس أبابا من مواصلة بناء السد، أو المساس به، وأنها لن تخضع للاستعمار... إلخ، فضلا عن استدعائها السفير الأمريكي لدى العاصمة الإثيوبية للاحتجاج على ما أعلنه ترامب، خلال اتصال هاتفي بينه وبين رئيس الوزراء السوداني.

ووسط لهجة التهديد والتحدي الإثيوبية لن تعثر على عبارة واحدة تنفى صحة ما قاله الرئيس الأمريكي، وكيف لها أن تنفى وكل شيء مثبت بالورقة والقلم وبالتاريخ، فبعد جولة مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان في فبراير الماضي بالولايات المتحدة تم الإعلان عن التوصل لاتفاق حول آلية عمل سد النهضة، ووقعت مصر آنذاك بالأحرف الأولى عليه تأكيدًا لرغبتها فى تسوية الأزمة عبر التفاوض، بينما غاب الوفد الإثيوبي عن الجولة الأخيرة المخصصة لتوقيع الاتفاق المشار إليه، ثم زادت في غيها بالبدء في عملية ملء السد بدون اتفاق مع القاهرة والخرطوم.

ألم يكن ذلك هروبًا واضحًا من التزاماتها واستحقاقاتها لبلوغ هدف إيجاد حل سياسي للأزمة، وسعيها لفرض حلول غير واقعية تتجاهل المصالح المصرية والسودانية بأزمة تتعلق بأمر مصيري وإستراتيجي لمصر والسودان؟

ولماذا تغفل أديس أبابا أن الجانب المصري ومنذ البداية أكد تمسكه ـ ولا يزال ـ بالمسار التفاوضي لإنهاء الأزمة، ومراعاته لمطالب ومستلزمات التنمية الاقتصادية في إثيوبيا، وأنه مد حبال الصبر طوال جولات التفاوض، وسعى دائمًا للعثور على نقاط التقاء تلبي وتراعى مصالح جميع الأطراف المعنية بدون أن يجور طرف على آخر بقضية لا تتصل بالحاضر فقط لكنها ممتدة للمستقبل ولحقوق مشروعة للأجيال القادمة؟
ولا يمكن لأحد منازعة مصر في حقها التاريخي بمياه النيل، التي تمثل شريان حياة الشعب المصري منذ آلاف السنين، وأيضًا حقها التام والكامل في حماية حصتها من مياه النيل والبالغة 55,5 مليار متر مكعب بكل الوسائل الممكنة، والتي تكفلها القوانين والأعراف الدولية، وأنه يحق للقاهرة الشعور بالانزعاج والغضب من المواقف والإجراءات الأحادية الإثيوبية، وأن تطالب وتلح في صياغة اتفاق قانوني ملزم يضمن تدفقات مناسبة من المياه، وآلية قانونية لحل النزاعات قبل البدء في تشغيل وملء سد النهضة.

إن أمام إثيوبيا فرصة أخرى سانحة لتصحيح المسار والعودة إلى جادة الصواب، وذلك بالتزامها بالمواثيق والقوانين الدولية، والوقوف على أرضية مشتركة مع مصر والسودان، وتوافر إرادة حقيقية وصادقة من جهتها، لإنهاء الخلافات الناشبة بملف سد النهضة، فسياسة فرض الأمر الواقع ستجلب عليها مزيدًا من المشكلات والمتاعب والأزمات، لا سيما وأن أديس أبابا تقف في خندق بمفردها متجاهلة مواقف ودعوات القوى والمنظمات الإقليمية في القارة السمراء، وكذلك القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وعليها أن تحسب وتقدر جيدًا التوابع التالية لإغلاقها نافذة الفرص.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الوحش الأفغاني

بين جبال أفغانستان الشاهقة يختبئ مقاتلو تنظيم داعش خراسان الذى أعلن مسئوليته الشهر الماضي عن العملية الإرهابية التي استهدفت مركزًا للتسويق قرب العاصمة

الأكثر قراءة