Close ad

الحد الأقصى للدخول.. الواقع والمأمول

7-10-2020 | 15:41

لاتزال مسألة الحد الأقصى للدخول تثير العديد من التساؤلات والإشكاليات، خاصة فى ظل مشكلات التطبيق. وذلك على الرغم من صدور العديد من القوانين والأطر التنفيذية المنظمة لها،ويأتى على رأسها القانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول، والقواعد التنفيذية لأحكامه الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014. والذى جاء تطبيقا للمادة الـ 27 من الدستور، حيث نصت على تقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن حياة كريمة، وحد اقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر. ومع تسليمنا بأهمية قانون الحد الأقصى للدخول، إلا أنه يعانى مشكلات عديدة أدت إلى عدم تطبيقه بطريقة تحقق العدالة المنشودة، وأبرزها أنه يتحدث عن العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة المختلفة، الأمر الذى يفهم منه أنه لا ينطبق على غير العاملين بأجر، مثل أعضاء مجالس الإدارة من ذوى الخبرة، وبذلك يكون قد أغفل تماماً الهدف الأساسى من وضع الحد الأقصى وهو الحفاظ على المال العام. والأهم من ذلك أنه يُعطى رسالة سلبية بأن الهدف هو معاقبة الموظف العام مقارنة بنظيره الذى يعمل خارج الجهاز الإداري.

إن القواعد التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء عن الجهات التى يطبق عليها القانون المذكور قد جاءت على سبيل الحصر وليس المثال، وبالتالى لم توضح موقف العديد من الجهات ذات الطبيعة الخاصة والوضعية القانونية المختلفة. الامر الذى أدى الى استبعاد جهات كثيرة، خاصة بعد صدور العديد من الاحكام والفتاوى الخاصة بعدم إخضاعها استنادا للنص الدستورى القائل إنه ينطبق على العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، وهى أجهزة السلطة التنفيذية ولا يجوز امتداده لغيرها وفقا لنص المحكمة الإدارية العليا. ومما زاد من تعقيد الوضع ما جاء فى المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 85 لسنة 2020 الخاص بربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020/2021 والتى سارت على نفس قانون الربط للعام المالى السابق فأكدت رفع صافى الحد الأقصى إلى خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى للدرجة السادسة فى بداية التعيين، والذى يتقرر بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء، الصادر فى يوليو 2019 رقم 1627 بتقرير الحد الأدنى للأجور للموظفين والعاملين لدى أجهزة الدولة والهيئات الاقتصادية، وحدده بـ 2000 جنيه للدرجة السادسة. وتبرز المشكلة فى كونها لا تتسق مع القانون رقم 63 لسنة 2014، إذ أنها تخاطب الجهات الداخلة فى الموازنة العامة والهيئات الاقتصادية فقط، بينما القانون الثانى يتعامل مع هذه الجهات وغيرها مثل الهيئات العامة والأشخاص الاعتبارية العامة وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام والأجهزة التى لديها موازنات خاصة والعاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو كوادر خاصة. هذا فضلا عن ان قوانين ربط الموازنة هى قوانين شكلية تنتهى سنويا بانتهاء السنة المالية، وليست موضوعية مثل قانون الحد الاقصى لذا يتطلب الامر النص على هذه المادة سنويا او تعديل القانون 63 لسنة 2014، وهو الاصح.

عموما فإن تطبيق هذه المادة ترتب عليه وجود عدة حدود قصوى لصافى الدخل، أولها 42 ألف جنيه يطبق على غير المخاطبين بقانون ربط الموازنة، والثانى 70 ألفا يطبق على أجهزة الموازنة والهيئات الاقتصادية، فضلا عن وجود هيئات ليس لها حد أقصى من الأساس.

يضاف إلى ما سبق عدم توحيد المصطلحات فبينما يتحدث القانون عن صافى الدخل نجد بعض القرارات الوزارية تتحدث عن الحد الأقصى للأجر مثل قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 422 لسنة 2020 الخاص بمساعدى ومعاونى الوزراء، وكذلك القرار الوزارى رقم 110 لسنة 2017 الخاص بالتعاقد الوظيفى وغيرهما، وشتان الفرق بين الأجور والدخول!. حيث يتضمن الدخل بالاضافة الى الاجر، جميع ما يتقاضاه من أموال الدولة أو من أموال الهيئات أو الشركات التابعة لها أو الشركات التى تسهم هذه الجهات فى رأسمالها. هذا فضلا عن أن القانون قد استثنى من تعريف الدخل مصاريف الانتقال، وهى مسألة رغم أهميتها إلا أنها تفتح الباب واسعا للتحايل على القانون، خاصة بعد التعديلات التى أدخلها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1026 لسنة 2013 على لائحة بدلات السفر ومصاريف الانتقال. وقد حاول القرار الوزارى رقم 9 لسنة 2014 والصادر عن رئيس مجلس الوزراء وضع حدود لهذه المصاريف بخمسة آلاف جنيهً شهرياً وبحد أقصى اثنتا عشرة جلسة سنوياً، إلا أننا نرى ضرورة التحديد القاطع لهذه المسألة.فضلا عن ان القانون لم يتحدث عن مكافأة تحقيق الأهداف أو الأرباح، بما يعنى أنها مستثناة من هذه المسألة، وهو ما يضرب بالقانون عرض الحائط، حيث ستعد هذه هى الوسيلة المثلى لتحقيق أى زيادة على الحد الأقصى. ومن هنا، فإننا نقترح إما أن يتم وضع ضوابط محددة لهذه العملية تطبق على الجميع وإما يتم وضع سقف محدد لا يمكن تجاوزه.كما لم توضح القواعد التنفيذية أسس المحاسبة التى سيتم التعامل بها. فهل ستتم المحاسبة على الأساس النقدي، أى حين يحصل الشخص على المبلغ، أم على أساس استحقاق، أى عندما يتقرر له مبلغ محدد. فعلى سبيل المثال، إذا قررت الجمعية العمومية صرف مكافأة فى شهر نوفمبر من العام وقامت الجهة بالصرف فى شهر يناير من العام الذى يليه، فعن أى سنة مالية سيتم التعامل؟ هل السنة التى تقررت فيها المكافأة أم السنة التى صرفت فيها؟ ومن المشكلات المهمة أيضا ما نصت عليه المادة الرابعة من القواعد التنفيذية والتى ألزمت العامل برد المبلغ الزائد إلى الوحدة الحسابية للجهة التابع لها خلال ثلاثين يوماً، والسؤال عن الأفراد والأشخاص المستقلين من ذوى الخبرة، ماذا يفعلون؟ وإلى أى جهة يتم الرد؟

تنص القواعد التنفيذية على قيام الجهة الإدارية باستقطاع قيمة الزيادة من أى مبالغ مستحقة للموظف فى موعد غايته شهر ديسمبر من العام التالى لعام الصرف، ولكنها لم تحدد كيف يمكن الحصول على باقى المستحقات إذا كانت مستحقاته خلال السنة، لا تفى بالمبالغ المطلوبة. لذلك أصبح من الضرورى العمل على تلافى سلبيات التطبيق وتعديل القانون بما يسمح بحل جميع هذه المشكلات.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
ضريبة الدخل والفصل بين السلطات

ان إعفاء المكافآت الممنوحة لأعضاء البرلمان من ضريبة الدخل يأتى أساسا لرغبة المشرع فى الفصل بين السلطات.. جاء ذلك التصريح على لسان وكيل لجنة الخطة والموازنة

كأس العالم لليد والاستثمار في الرياضة (3)

أوضحنا خلال المقالين السابقين أهمية الاستثمار فى صناعة الرياضة ودوره فى التنمية المجتمعية عموما والبشرية على وجه الخصوص، واصبح التساؤل الى اى مدى تعاملت

كأس العالم لليد والاستثمار في الرياضة (2)

أشرنا في المقال السابق الى أهمية وضع الرياضة فى خدمة التنمية البشرية بغية جعلها إحدى الأدوات المساهمة فى رفع كفاءة الأفراد والمساهمة فى تطوير الإنسان وهو

الأكثر قراءة