هل شاهدت المناظرة الرئاسية بين ترامب وبايدن فجر أمس؟ إذا لم تكن، فهذا أفضل. ليست مناظرة وليست رئاسية. يمكنك تخيل ماذا كانت إذا شاهدت يوما برنامج «الاتجاه المعاكس» على «الجزيرة».. سب وشتيمة ومقاطعات وفوضى. لكن الأمانة تقتضى القول إنها لم تشهد اشتباكا بالأيدى أو قذفا بأكواب الزجاج، لوجود مسافة بين المتناظرين بسبب كورونا.
كان مقدم المناظرة كالأطرش فى الزفة. غير قادر على السيطرة على الصراخ أو الألفاظ الخارجة. نسى المنظمون كتابة تحذير على الشاشة: ممنوع لأقل من 18 عاما ومرضى القلب. اتبع ترامب استراتيجية عدم السماح لبايدن بإكمال أى فكرة، فقاطعه عند كل إجابة لدرجة أن بايدن صرخ بوجهه: اخرس يارجل. أنت أسوأ رئيس بالتاريخ. ترامب أراد سحبه إلى الوحل، أى تبادل السب والاتهامات، وعندها سيفوز لا محالة، لكن بايدن تنبه معظم الوقت واستعاد هدوءه، وكان يضحك على ترامب قائلا: هات ما عندك. بايدن المتقدم بالاستطلاعات، كان مطلوبا ألا يخطئ، وهذا ما فعله تقريبا. لم يكن متميزا بل مستقرا.
العبء كان على ترامب الذى أرضى جمهوره بمعاملة بايدن كأضحوكة غبية فاسدة، لكنه لم يجتذب المتأرجحين، الذين هم وغالبية المشاهدين لم يفهموا شيئا نتيجة الصراخ والمقاطعات. كانت المناظرة كالسيرك تتعلق عيون المشاهدين بالألعاب والحركات وليس بالمضمون المكرر والكاذب فى أغلب الأحوال، وهذا ليس جديدا على المناظرات الأمريكية. لكن ترامب زاد من البهارات والشطة كى يلهب حماس الناخبين خاصة اليمين، تماما كالمصارعة، التى ينتهك فيها المصارع القواعد أكثر مما يحترمها، ومع ذلك يعشقه الجمهور.
لا جديد فى النقاش.. برامج وسياسات المرشحين حول كورونا والرعاية الصحية والعنصرية وغيرها، معروفة، لذلك تركز تقييم المرشحين حول مدى القدرة على مواجهة الخصم، وهل نجح أحدهما بتوجيه ضربة خطافية حتى لو كانت غير قانونية للفوز؟.
استطلاعات ما بعد المناظرة، أعطت بايدن أفضلية لكن هذا حدث قبل 4 سنوات لصالح هيلارى كلينتون، وفى النهاية فاز ترامب. صراع الديكة قد يبهر المشاهدين. وحده التصويت يحسم. المناظرة تسلية وتشويق وإثارة قبل 3 نوفمبر المقبل.
نقلا عن صحيفة الأهرام