في 23 سبتمبر عام 1939 غادر فرويد الحياة وترك تراثًا هائلًا اختزله الكثيرون بنظرياته عن الكبت الجنسي ودور الغريزة الجنسية في الأمراض النفسية وتأثيرها على حياة الفرد؛ ونختلف معه، وقد تعلمنا أخذ ما يفيد البشر من أي إنسان؛ وقد قدم فرويد - بعيدًا عن نظرياته الجنسية - العديد من الفوائد ونعرضها بالأسطر التالية:
حياة فرويد جديرة بالتأمل؛ فكان يرغب في أن يتخصص في التشريح وبدأه ولم يستمر؛ فكان سيستغرق وقتًا طويلًا واحتاج للمال، فاتجه لطب الأعصاب واتجه لمشواره "الحقيقي" في الحياة..
مما كشفه أهمية التعامل مع مشاعرنا ومع وعينا الداخلي لتفسير تصرفاتنا وفهمها لمراقبتها والسعي للتحكم بها وعدم السماح لها لأخذنا في طريق يضرنا..
ونبه لزلات اللسان وللأحلام لدورها في كشف ما يدور في اللاوعي داخلنا..
ونستطيع جميعًا الاستفادة من التداعي الحر وهي الطريقة التي أسسها فرويد للتعرف على أنفسنا؛ وتتلخص في أن يترك المريض نفسه يسترسل في الكلام والأفكار بلا أية قيود ولا شروط؛ فيتكلم بكل ما يأتي على عقله ويذكر كل التفاصيل بصراحة تامة حتى لو كانت بسيطة أو محزنة أو مخجلة؛ والهدف الكشف "بوضوح" عن التجارب السابقة لمعرفة دورها في معاناته بالحاضر لمواجهتها ومنعها من مواصلة إضراره..
ويمكننا فعل ذلك بتسجيل ما نريده أو بكتابته ثم التخلص منه لاحقًا..
مع ملاحظة أن الكلام يخفف التوتر ويريح العقل من قيود الاحتفاظ بما يؤلمه..
ونتفق مع فرويد في مقاومة عقولنا للتغيير، وإن كان للأفضل؛ ويفسرها بأن العقل "يخاف" الجديد ويرفضه، وينادي بمنع أي تعطيل للتقدم وينبه لضرورة استمرار التطور طوال الحياة مع التكيف وإعادة النظر في أهدافنا وخطواتنا..
ونؤيد فرويد في قوله بأننا الأعداء الحقيقيون لأنفسنا؛ حيث الاعتداءات بين البشر، وكان ذلك أثناء الحرب العالمية الأولى، ورغم تضرره من النازيين فقد رفض تأييد أمريكا، وأكد أن ثقافتها تنادي بالهوس المرضي بالمادة وكان محقًا..
يرى فرويد أن الشخصية تتكون من الهو والأنا والأنا العليا؛ والهو هي الغرائز الفطرية والمكتسبة وتسعى للمتعة وتتجنب الألم، ولا تعبأ بالأخلاق وهي لا شعورية..
والأنا هي شخصية الإنسان المعتدل بين الهو والأنا العليا؛ فيشبع بعض غرائزه، ويراعي القيم ولا يتخطاها، ويحترم الواقع، ويمثل الحكمة ويتحكم في النشاط الإرادي للفرد ويوازن بين رغبات الهو وضوابط الأنا العليا؛ وعندما يفشل يتوتر ويلجأ لآليات الدفاع النفسية..
ينبهنا فرويد لخطورة آليات الدفاع النفسية، والتي يلجأ إليها العقل الباطن - بلا وعي منا - ومنها الإنكار كأن ينكر أحد تألمه أو ضعفه أو إدمانه أو حاجته للتغيير ومنها التبرير والإسقاط؛ كأن نتهم غيرنا بما نعاني منه، وكل ذلك يزيد الإضطرابات النفسية ويعقدها، والمواجهة تحررنا وتساعدنا..
أما الأنا العليا فهي اتباع الأخلاق والمبادئ وتجنب تام للغرائز والشهوات، وتمثل الضمير وتهتم بالمثالية وليس المتعة وتعارض الهو والأنا..
يرى فرويد أن الإنسان يعيش متوافقًا عندما يوازن بين الأنا والهو والأنا العليا، ويضطرب عدما يتغلب الهو أو الأنا العليا على الشخصية..
ولنتجنب الاضطرابات النفسية فلنستمع لنصائح فرويد:
· التشاؤم يؤدي للضعف والتفاؤل يقودك للقوة.
· نحن نسعى لتجنب الألم أكثر من سعينا للسعادة.
· الأطفال في قمة الأنانية فهم يحسون بحاجتهم بشدة ويناضلون بقسوة لإشباعها.
· الكلاب تحب أصحابها وتعض أعداءها بخلاف البشر الذين يخلطون غالبًا بين الحب والكراهية.
· نهاية ألم أسنان تجعل الشخص سعيدًا، لكن الضرس السليم لا يكاد يشعره بالسعادة.
· قبل أن تقرر أنك مكتئب تأكد أنك غير محاط بالأغبياء.
· في كم المزاح كثير من الحقائق.
· اهتم بمن يهتم والبقية غرباء.
· ما تتركه بالمنطق لا ترجع إليه بالعاطفة.
· ما تحاول إخفاءه من مشاعرك؛ قد يكون الجزء الحقيقي منك.
· لتستمر العلاقات لابد من الحب والاهتمام ومساحة من الثقة.
· كثرة الكتمان والتظاهر بالقوة يجعل قلوبنا هشة تبكي لأتفه الأسباب.
· ليس كالألم؛ يجعل الناس يتغيرون.
· ما أجمل أن يكون لديك صديق يخالفك الرأي؛ لأنه يهتم بصدق بمصلحتك.
· قد نضطر لاختيار قرار سيء لتجنب الأسوأ.
· لا تلوم الآخرين على سوئهم؛ ولُم نفسك لأنك ما زلت تفكر بمن لا يستحق.
· لن تجد السعادة وأنت غارق في حديثك عن الألم.
· من مهلكات النفس؛ تعلقك بمن لا يستحقك.
· لا يؤذي الإنسان أكثر من كبت المشاعر السلبية طويلا.
· إن سعادتنا لا تعتمد على غيرنا؛ بل على قدرتنا على إيقاظها بداخلنا.
· إن لم تختر ما تريده بالحياة؛ فسيختار لك غيرك.
· إذا خذلك من حولك؛ جدد العواطف بقلبك بحب نفسك.
· الكثيرون يفهمون الحرية تمرد وخروج عن الأدب؛ وهي مساحة ثقة تعطى للذات.
· التفكير الزائد ببعض الأمور التافهة يجعلها مهمة؛ بينما لا يتطلب الأمر إلا نظرة سريعة.
· لا يخيب الظن إلا من أعطيته أكثر مما يستحق.
· إذا كنت ممن يضع رأسه على وسادته؛ وليس بقلبه حقد أو غل على أحد فأنت من أسعد الناس.
· الشخص الوحيد الذي يجب أن تقارن نفسك به هو أنت في الماضي.
· الجمال يولد بأشكال عديدة؛ فقط غير زاويتك وستراه بكل مكان.