حسب دراسة حديثة، استعانت الصحافة البريطانية في صفحاتها الأولى خلال أسبوع بـ 111 مصدرًا للمعلومات والرأي لم يكن بينها سوى شخص أسود واحد.
لا يختلف الأمر كثيرًا عن الاهتمام بالمرأة.. الإعلام البريطاني يسيطر عليه الرجل الأبيض وتتراجع فيه مساهمات الأقليات.
ماذا عن صحافتنا وإعلامنا؟
للأسف، الدراسات نادرة وحبيسة أرفف المكتبات المتخصصة. لكن أي متابع أو مهتم، سيدرك أن صحافتنا فئوية منذ عقود طويلة لدرجة أن أحدًا لم يعد يلاحظ، وإن لاحظ لا يهتم. الصفحات الأولى نموذج صارخ. كل المصادر رجالية ورسمية تقريبًا، المتخصصون مستبعدون، والمرأة لا مكان لها، إلا لو كانت مسئولة.
حتى المصادر الرسمية هناك فوارق بينها، المستوى الوزاري يسيطر، ما دون ذلك، يمكن الاستعانة به إذا غاب الوزير، لا يحلم باحث أو متخصص أو مواطن أن يصبح مصدرًا في الصفحات الأولى. الحكم على الكلام تحدده الوظيفة، وليس قيمة الكلام.
ثم إن هناك اعتقادًا لدى نسبة معتبرة من الصحفيين أن صناع الأحداث، هم طبقة الرسميين العليا، وأي كلام دون ذلك، لا يستحق سوى الصفحات الداخلية، إن وُجد له مكان.
ومع ذلك، فإن المتخصصين والمواطنين، الذين يستعين بهم الإعلام محظوظون؛ لأن هناك ملايين غيرهم لا ينالون هذا الشرف. لقد تم اختيارهم بناء على شروط كثيرة أهمها انتماء الباحث لجامعة كبرى وحبذا أجنبية، وأن يكون مقيمًا بأحد أحياء القاهرة الراقية. لا عجب أن كثيرين يشعرون أن الإعلام لا يعبر عن آلامهم وطموحاتهم. عندما تحدث مشكلة، لا يجدونه، وإن جاء، فالحدث لا يحتل الصدارة المحجوزة بدورها لأحداث بالقاهرة، وتحديدًا وسط البلد.
غياب المصادر الشعبية والمتخصصة ينزع عن الإعلام دوره في أن يكون همزة وصل بين الحكومة والناس، وهذا شرط وجوده. وكما تقول الكاتبة البريطانية جين مارتنسون: المسألة ليست إحصاءات وأرقامًا عن مدى الاهتمام بمشاركة أوسع فئات ممكنة في تغطياتها بل تتركز في سؤال: كيف تريد الصحافة استعادة مكانتها وتوزيعها، وهي لا تعكس تنوع وتعددية المجتمع الصادرة من أجله؟.
[email protected]
* نقلًا عن صحيفة الأهرام