Close ad

مصروفات الراسبين فرصة لتصحيح الأجور في الجامعات

30-8-2020 | 02:24

أصدر المجلس الأعلى للجامعات قرارا مهمًا بفرض رسوم على الطلاب الراسبين بالجامعات وأشار القرار إلى أنه سيكون هناك استثناء لبعض الحالات يفضل أن يكون هذا الاستثناء للظروف الصحية الطارئة بشرط أن يرتبط ذلك بشهادة صحية من المستشفى الجامعي التابع لها الطالب بل والأفضل رفع هذه الرسوم مع تكرار الرسوب وهذا القرار خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية في مجال التعليم.

لأنه ليس من العدل أن يتحمل الشعب نفقات تعليم طالب لا يهتم بالتعليم ويعد التعليم والصحة تحديدا أهم أركان العدالة الاجتماعية بشرط توافرهما بشكل جيد لكل مواطن، ويلخص ذلك جون رولز أحد علماء العدالة الاجتماعية في أمريكا بجملة مهمة تصف العدالة الاجتماعية بأنها تعنى بتوفير الفرصة لابن حارس العقار للوصول لأعلى المراتب العلمية والعملية مثله كمثل ابن صاحب العقار والعمارة من خلال توفير تعليم جيد ورعاية صحية جيدة لجميع المواطنين بلا استثناء، وهذا ما نجحت فيه بامتياز مصر الستينيات؛ حيث يقول عالمنا الكبير أحمد زويل لقد تعلمت في مدارس وجامعات الحكومة تعليم جيدًا جدًا وحصلت على الماجستير ثم سافرت الى أمريكا فوجدتهم يسبقون مصر بخطوة واحدة؛ لذلك استطعت خلال عام واحد فقط تجاوز هذه الخطوة والتفوق عليهم.

والسؤال الآن: هل مازال التعليم الحكومي والخدمة الصحية في مصر على نفس المستوى؟ للأسف مع سياسات الانفتاح والخصخصة تم انغلاق وتراجع في مجال التعليم بشكل خطير يهدد الأمن القومي ومستقبل الأمة العربية؛ لأن التعليم في مصر للعرب جميعا وليس لمصر فقط، ومصر مطالبة بتوفير المعلم والطبيب والمهندس وغيرهم لكل أشقائها.

وفى هذا استفادة وخير للجميع مصر وأشقائها؛ حيث يعد التعليم أفضل أنواع الاستثمار على الإطلاق؛ حيث تؤكد دراسة حديثة للبنك الدولي أن كل دولار ينفق على التعليم يكون عائده سبعة عشر ضعفا، وأعتقد أن العائد في مصر سيكون أكبر لأن جميع الدول المحيطة تقريبا في حاجة للمعلم والطبيب والمهندس المصري؛ ولذلك غاب أهم بعد للعدالة الاجتماعية وهى الركن الأساسي في تماسك المجتمع وحيويته.

ومن هنا تأتي أهمية إصلاح منظومة التعليم بشكل جذري والإنسان هو أساس نجاح أو فشل أي منظومة وإصلاح التعليم يبدأ بإصلاح التعليم الجامعي الذى يبدأ بمواجهة مشكلات عضو هيئة التدريس؛ لأن إصلاح الجامعة يعنى إصلاح الخريجين بأن يكون خريج الجامعة على مستوى متميز؛ سواء في كليات الطب أو الهندسة أو التربية أو التجارة وكل التخصصات الأخرى، وهذا يعنى إصلاح كل المهن والتخصصات بالمجتمع، وإهمال أستاذ الجامعة يعنى تدنى مستوى الخريجين في كل التخصصات؛ ولذلك فإن الاهتمام بمشكلات أعضاء هيئات التدريس حق مجتمعي لكل فرد في المجتمع.

ولذلك نتمنى أن يكون قرار فرض رسوم على الطلاب الراسبين بداية لتوفير التمويل اللازم لإصلاح هيكل الأجور المتدني لأعضاء هيئات التدريس؛ لأنه صدر من عقود وأصبح وسيلة لطرد المتفوقين؛ لأنه عندما يكون راتب المعيد المتفوق في مرحلة البكالوريوس نحو ثلاثة آلاف جنيه فقط، في حين يحصل زميله الأقل في التقدير العلمي على أجور أعلى بكثير في أماكن حكومية أخرى مثل البنوك والبترول والكهرباء وخلافه؛ لذلك يرفض الكثيرون الآن التعيين بالجامعة، ثم يكون راتب الدكتور الذى حصل على الدكتوراه وأنفق الكثير من المال والجهد نحو ستة آلاف والأستاذ القديم لا يتعدى عشرة آلاف فقط، والنتيجة العزوف عن الوظيفة سواء بالهجرة أو البحث عن سناتر أو عمل آخر وعدم التفرغ للجامعة.

وهنا يخسر المجتمع أبناءه المتفوقين علميًا ويخسر الجميع لمصلحة من استمرار هذه الأوضاع غير الطبيعية وفى العالم كله مرتبات أعضاء هيئات التدريس هي الأعلى في أي دولة؛ ولذلك نتمنى ألا تضاف المصروفات الجديدة للصناديق الخاصة والتي من الأفضل الغاؤها وضمها للميزانية العامة؛ ليستفيد منها الجميع ويمكن توفير موارد مالية أخرى مقترحة مثل فرض ضريبة من 5 إلى 10% على الجامعات الخاصة والتعليم الخاص ليساهم القادرون في رفع مستوى التعليم الحكومي، ثم إلغاء التعليم المفتوح وإعادة نظام الانتساب بحيث يكون نفس مقررات وامتحانات التعليم الجامعي.

وبالتالي يتم الحصول على نفس الشهادة مع التوسع في التعليم عن بعد في التخصصات المناسبة؛ لإتاحة الفرصة لطلاب الدول المجاورة بمصروفات مناسبة.

ويجب أن تتوسع الجامعة في خدمة المجتمع والصناعة وغيرها من قطاعات بمقابل نقدى مثل تعليم اللغات والحاسب وحل مشكلات الصناعة وغيرها وتوفير مكاتب استشارات علمية، كما يمكن للدولة أن تلجأ للضرائب التصاعدية من خلال رفعها ولو 2% سنويا لمدة خمس سنوات لتوفير ميزانيات التعليم والصحة.

وأخيرًا يجب أن يرتبط ذلك بواجبات أعضاء هيئة التدريس؛ بمعنى أن يكون هناك نظام للتفرغ التام مقابل عائد مادي أكبر، وربط ذلك بعدد معين من ساعات التدريس، وعدد معين من الإشراف على الرسائل العلمية، وعدد معين من الأبحاث لخدمة المجتمع والممولة والكتب المعاصرة، ويشترط على من يتفرغ لذلك أن يتعهد بعدم مزاولة أي عمل آخر خارج هذا النطاق؛ سواء مكتب أو عيادة أو خلافه مقابل أجر أعلى والله الموفق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة