«الأوضاع في غزة وجهود مصر للاستقرار الإقليمي وإنفاذ المساعدات» تتصدر اتصال الرئيس السيسي و«روته» | الرئيس السيسي و«مارك روته» يتوافقان على أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف لقطاع غزة | الرئيس السيسي يحذر من أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي | خبير اقتصادي: ملف اللاجئين أحد أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي | بايدن: قانون المساعدات لـ «إسرائيل» و«أوكرانيا» يحفظ أمننا ويجعل حلفاءنا أقوى | الرئيس السيسي يناقش في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي الوضع بقطاع غزة وجهود مصر لوقف إطلاق النار | وزيرالاتصالات: لا بد من حوكمة البيانات وتوافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى | هالة السعيد: الدولة تحرص على تحفيز مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار | رئيس الوزراء يستعرض مع وزير المالية مقترح وثيقة السياسة الضريبية لمصر 2024 – 2030 | رئيس مركز المؤتمرات يبحث إقامة معرض مصري صيني بالقاهرة للتصدير لإفريقيا |
Close ad

الروبيكى وإعادة إحياء صناعة الغزل والنسيج

26-8-2020 | 14:46

هل يكون افتتاح مصانع للغزل والنسيج والصباغة، بالمجمع الصناعي الجديد بالروبيكي بداية لإحياء هذه الصناعة وإعادتها للحياة من جديد؟ هذا هو التساؤل المطروح على الساحة الصناعية الآن فى ظل اهتمام القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس السيسى بهذا الامر، بعد فترة ليست قصيرة من الإهمال والتردى، واصبحت على مشارف الانهيار. وذلك على الرغم من أهميتها للاقتصاد والمجتمع، خاصة وانها ترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ مصر الحديث، وهى تعد من أقدم واعرق الصناعات المصرية على الإطلاق.

بل ان معظم محاولات بناء صناعة مستقلة مصرية بدأت انطلاقا من هذه الصناعة والتى مرت بالعديد من المراحل المهمة فكانت البداية مع عصر محمد على الذى شهد توسعا كبيرا فى صناعة المنسوجات بانواعها وكانت من اهم الصناعات المدنية من حيث عدد العمال وحجم الانتاج.

وجاءت المرحلة الثانية على يد طلعت حرب بانشاء شركة مصر لغزل ونسج القطن بالمحلة الكبرى عام 1927 وحصل على لقب الباشوية عند افتتاح هذا المصنع، وساعده فى ذلك التعريفة الجمركية عام 1930 والتى هدفت الى حماية الصناعة عموما والغزل والنسيج على وجه الخصوص. وتمثلت المرحلة الثالثة فى الحقبة الناصرية التى أعطت لهذه الصناعة زخما كبيرا عبر العديد من السياسات والاجراءات.

وهذه الصناعة تتميز بتكامل حلقاتها بداية من زراعة القطن مرورا بالغزل والنسيج والصباغة انتهاء بالملابس الجاهزة وغيرها من المنتجات النسيجية، وبالتالى فهي ذات قيمة مضافة عالية، كما تتميز بقدرة هائلة على استيعاب أعداد متزايدة من الأيدي العاملة باعتبارها صناعة كثيفة العمالة. ناهيك عن ان احتمالات التوسع فيها كبيرة للغاية حيث يتزايد الطلب عليها عالميا ومحليا نتيجة لعدة عوامل، يأتي على رأسها تزايد مشاركة المرأة فى سوق العمل مع ما يعنيه ذلك من زيادة فى الطلب على نوعية معينة من هذه المنتجات وكذا التغيير فى أسلوب الحياة والتطورات الديموجرافية العالمية. ولهذا شهدت تطورات تكنولوجية هائلة بحيث أصبحت من أهم الصناعات الرأسمالية، من حيث التقدم الفني والتخصصات الرفيعة التى تتعامل مع التكنولوجيا المتقدمة.

وتاريخ مصر فى هذه الصناعة وماتملكه من امكانات زراعية وعمالة وغيرهما، كانت كفيلة بان تجعل مصر فى طليعة البلدان المتقدمة فى هذه الصناعة، ولكنها عانت الإهمال بصورة كبيرة، الأمر الذى أفقدها العديد من المزايا التنافسية التى كانت تتمتع بها، وهو ما استفادت منه البلدان الآسيوية، فعلى سبيل المثال بلغت قيمة صادرات بنجلاديش من الملابس الجاهزة فقط عام 2019 نحو 34 مليار دولار وفيتنام 31 مليار دولار والهند 17مليارا، بينما بلغت قيمة الصادرات المصرية منها 1689مليون دولار.

ومن الجدير بالذكر أن إجمالى الصادرات المصرية (البترولية والسلعية) لم تتجاوز 30 مليار. كما ان القطن المصرى المعروف بكونه افضل جودة من مثيله الامريكى يباع فى الاسواق العالمية باسعار اقل كثيرا من الامريكى.

كل هذه الامور وغيرها تتطلب دراسة المشكلات التى تعانيها صناعة الغزل والنسيج المصرية، ويأتى على رأسها اتساع نطاق التهريب حيث يتم استغلال الثغرات الموجودة فى نظم المناطق الحرة والسماح المؤقت والدروباك وتجارة الترانزيت فى التهرب من الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة، حيث تسمح هذه الانظمة بدخول المواد الخام بدعوى تصنيعها وإعادة تصديرها دون رسوم او ضرائب ويتم تهريب كميات كبيرة منها للاسواق المحلية عن طريق تغيير العينات وغيرها، فضلا عن ارتفاع نسبة الهالك التى يتم احتسابها بشكل مبالغ فيه.

هذا فضلا عن رفع قيمة فاتورة المنتجات، التي يتم تصديرها للحصول على دعم الصادرات (8% من قيمة الفاتورة) واسترداد القيمة المضافة مرة اخرى (14%) وهو ما يتطلب إصلاح نظام الدعم بحيث يذهب الى المنتج وليس الى المستهلك الاجنى. كما تعانى خللا كبيرا فى التعريفة الجمركية المعمول بها حاليا والتى تشجع الاستيراد بدلا من حماية الصناعة المحلية، خاصة فى الغزول والملابس الجاهزة. كما تعانى الصناعة من تعدد الجهات الإشرافية بدءا من وزارة الزراعة مرورا بالصناعة والتجارة والكهرباء والبترول انتهاءا بالمالية.

يضاف الى ماسبق عدم مواكبة القطن المصرى لما يحدث من تغييرات وتطورات عالمية وإقليمية تتعلق بالصناعة، والتي يشكل القطن فيها نحو75% من إجمالي التكلفة باستثناء الاجور. فمن المعروف ان القطن المصري الممتاز يستخدم في انتاج الأنواع الفاخرة من الملابس والغزول وهي تلبى طلبات فئات وشرائح مجتمعية ذات الدخل المرتفع جدا، وهو ما يؤدى الى انخفاض الطلب العالمي على هذه النوعية من الأقطان. ويرجع ذلك لعاملين أولهما ضيق الشرائح الاجتماعية التي تطلب هذه النوعية من المنتجات، وثانيهما ان التطور التكنولوجي أدى لإنتاج النوعية الفاخرة من الاقطان قصيرة التيلة وبالتالي تخفيض التكلفة ومن ثم الأسعار. كما انه لا يلبى احتياجات الصناعات النسيجية والتي تحتاج الى اقطان قصيرة ومتوسطة وذلك في ضوء الفن التكنولوجي المستخدم في هذه المصانع، بل إن استخدام القطن المصرى في هذه المغازل يؤدى الى ضياع هذه الثروة، فهو أشبه بمن يضع قطعة من الجاتوه الفاخز داخل رغيف بلدى ولنا ان نتخيل المنتج النهائي لهذه الخلطة. هذا فضلا عن أثر ذلك على تكلفة الإنتاج ـ حيث يتميز القطن المصري بارتفاع ثمنه مقارنة بالأسعار العالمية للقطن المستورد، فضلا عن ارتفاع الهالك من هذه الأقطان نتيجة لعدم ملاءمة المغازل المحلية له.

وبالتالى اصبح من الضرورى حسم الإجابة عن التساؤل الجوهري، وهو هل تستمر مصر في زراعة الأقطان طويلة التيلة والممتازة، ام يجب ان تتحول الى أصناف أخرى؟ وبعبارة اخرى هل يتم إعادة النظر في التوسّع في زراعة القطن بحيث تتم زيادة المساحة التي يتم زراعتها بالقطن قصير ومتوسط التيلة بدلاً من القطن طويل التيلة وذلك حتى يتم توفير احتياجات الصناعة من القطن؟.ان الإجابة عن هذا التساؤل ليست بالبساطة والسهولة التي يتصورها البعض لأنها تتعلق بالمئات من المزارعين والمئات من المصانع. كل هذه المشكلات وغيرها تتطلب ان تتكاتف الجهود لوضع الأطر المناسبة للتعامل معها حتى نتمكن من إقالة هذه الصناعة من عثرتها والنهوض بها مرة أخري.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
ضريبة الدخل والفصل بين السلطات

ان إعفاء المكافآت الممنوحة لأعضاء البرلمان من ضريبة الدخل يأتى أساسا لرغبة المشرع فى الفصل بين السلطات.. جاء ذلك التصريح على لسان وكيل لجنة الخطة والموازنة

كأس العالم لليد والاستثمار في الرياضة (3)

أوضحنا خلال المقالين السابقين أهمية الاستثمار فى صناعة الرياضة ودوره فى التنمية المجتمعية عموما والبشرية على وجه الخصوص، واصبح التساؤل الى اى مدى تعاملت

كأس العالم لليد والاستثمار في الرياضة (2)

أشرنا في المقال السابق الى أهمية وضع الرياضة فى خدمة التنمية البشرية بغية جعلها إحدى الأدوات المساهمة فى رفع كفاءة الأفراد والمساهمة فى تطوير الإنسان وهو