Close ad
20-8-2020 | 15:52

أثار مقالي، فى الأسبوع الماضي، فى نفس هذا المكان، عن البحيرات، العديد من التساؤلات بين القراء فى مصر، خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، فانزعجت لاكتشاف أن نسبة كبيرة من المصريين لا يعلمون، للأسف، شيء عن هذا المشروع القومى الكبير، المتمثل فى واحد من أهم قرارات السيد رئيس الجمهورية بإعادة 11 بحيرة مصرية إلى سابق عهدها؛ بتنقية وتطهير مياهها، والقضاء على أى تعديات عليها، بغرض توفير المناخ المناسب لزيادة المخزون السمكي، من ناحية، وتهيئتها لتكون ملاذاً وملجأ للطيور المهاجرة من أوروبا، من ناحية أخرى.هذه البحيرات هى البردويل، وإدكو، والبرلس، والمنزلة، والملاحة، وقارون، ووداى الريان، وسيوة، والبحيرات المرة، وبحيرة التمساح، وبحيرة ناصر... فهل يعلم العامة أننا نمتلك هذه الثروة الهائلة من البحيرات على أرض مصر، التى توفر لنا هذا المخزون الغذائى الهائل من الأسماك،أو الطيور المهاجرة من برد الشتاء القارس.

فلو تناولنا، بحيرة البردويل، على سبيل المثال،الواقعة فى سيناء،على البحر الأبيض المتوسط، أغنى بحيرات العالم، وليس مصر فحسب، بالأسماك البورى والدنيس والسمك الموسى، فقد تمت إزالة عوائق بإجمالى 3480 طنا، وتمت إعادة فتح بوغاز البحيرة الذى يغذيها من البحر المتوسط، كما تم تطهيرها من الإطماء المتكرر، الذى يؤثر سلبياً على حركة وصول أمهات الأسماك لوضع البيض والتكاثر. يعمل فى البحيرة، عند كتابة تلك السطور،خمس كراكات، إحداها هولندية، تعمل بصفة دائمة، على مدى اليوم، لتطهير البحيرة، وتم إنشاء مصنع للثلج، وآخر للفوم، إضافة إلى محطة تحلية لخدمة المنطقة، ومدرسة ثانوية للأسماك، وشملت عملية التطوير إزالة جميع المزارع السمكية، العشوائية، التى أقامها الأفراد، خلال فترة ما بعد 25 يناير، وتطاولهم بتجفيف جزء من مساحتها،وتم إنشاء مطار البردويل بجوارها لتصبح منطقة اقتصادية متكاملة، فاستعادت بحيرة البردويل،اليوم، مكانتها كأهم مصدر للأسماك المتميزة.

بحيرة ثانية تم فيها بذل الكثير من الجهد، لإعادتها لما كانت عليه من قبل، هى بحيرة المنزلة، أكبر البحيرات المصرية من حيث المساحة، والتى تولت القوات المسلحة إزالة التعديات عليها، التى بلغ عددها 4500 تعد، وتم تطهير بوغاز الجميل الذى يغذى البحيرة بالمياه، وتمت، أيضاً، إزالة جميع مزارع الأسماك العشوائية، وتم القضاء على البؤر الإجرامية للخارجين على القانون، وتم فرض السيطرة، الكاملة،على البحيرة، لأول مرة، منذ أكثر من 20 عاماً.وعلى غرار بحيرة البردويل، يعمل، حالياً، فى بحيرة المنزلة خمس كراكات، لتعميقها، بمستويات متباينة، بما يؤهل كل منطقة منها لاستقبال أنواع مختلفة من الأسماك، وفقا لمتطلبات الأعماق المناسبة لكل نوع.كما تم القضاء على كل مصادر التلوث، وأهمها مصرف بحر البقر، الذى كان يصرف، فى البحيرة، 5،6 مليون متر مكعب، وكاد يقضى على الثروة السمكية بالبحيرة تماماً. وبدلاً عن تلويث البحيرة، أسست مصر أكبر محطة معالجة للصرف الصحي، فى العالم، لتلك المياه، وتم ضخها فى ترعة سيناء، مخلوطة بمياه النيل، لرى 400 ألف فدان زراعى فى شمال سيناء. وللحفاظ على البحيرة من أعمال التعديات، تم عمل كورنيش سياحى حولها،ليصبح متنزهاً للأهالي، كما تم تنظيم الصيد للطيور المهاجرة التى تصل كل عام إلى هذه البحيرة من أوروبا وهكذا عادت بحيرة المنزلة لتكون أكبر مصدر لإنتاج الأسماك فى مصر ولحماية الطيور المهاجرة.

أما بحيرة قارون فيجرى العمل بها لتعود لأصلها،كمنتجع شتوى للزائرين، والسائحين؛ فتم رفع كفاءة، وتجديد، محطات معالجة الصرف الصحي، التى تصب فى البحيرة، وهما مصرفا البطس والوادي، كما يتم، حالياً. تنفيذ مشروع ضخم لاستخراج الأملاح من البحيرة، لإزالة الملوحة، لتعود لها أنواع الأسماك، التى فقدتها فى الفترة السابقة. ونجحت القوات المسلحة فى إزالة كل التعديات والمزارع السمكية العشوائية،، ويجرى استكمال الطريق الساحلي، شمال البحيرة، لإيقاف أى تعديات مستقبلية. ومرة أخرى تعمل كراكات هيئة قناة السويس لإعادة البحيرة إلى سابق عهدها،لزيادةإنتاجها المميز من الأسماك، ولتعود ملجأ للطيور المهاجرة، كما كانت من قبل.

وفيما يخص بحيرة السد العالى فتحظى، هى الأخرى، باهتمام كبير لتطوير إنتاجها من الأسماك، فى الفترة المقبلة، وإعادة تطوير مصنع الثلج، والتغليف، والتعبئة. ومثلما يتم فى هذه البحيرات يتم فى باقى بحيرات مصر، فيتم إنشاء مفرخات سمكية، لتجديد هذه الثروة السمكية فى كل بحيرات مصر، بالاستعانة بالخبرات الأجنبية،وعلى رأسها الصين. مع تأكيد ضرورة إنشاء مصنع للثلج فى كل منطقة، ومصنع للفوم، طبقاً لاحتياجات كل بحيرة، إضافة إلى مصانع لتعبئة وتغليف الأسماك، خاصة لنوعيات التصدير. وفوق كل ذلك، يتم حالياً إعداد قانون لتنظيم العمل بالبحيرات، وقد عرض مشروعه على مجلس الشعب لمناقشته والموافقة عليه.

وفى النهاية لا أجد الكلمات المناسبة، الوافية،لإعلان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووعده للشعب المصري، بأن تعود بحيرات بلادنا إلى ما كانت عليه، خاصة من حيث المساحة، بإزالة التعديات، وتطوير الإنتاج ... وأبسط ما يمكننى قوله، من وجهة نظرى المتواضعة،فى حق هذا المشروع القومى العملاق، إنه أهم المشروعات الإنتاجية، والاجتماعية، والبيئية والاستثمارية لمصر فى الوقت الحاضر.



نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الصفقة العسكرية الأمريكية لمصر .. المغزى والمفهوم

مع تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن مهام منصبه، في البيت الأبيض، في أواخر الشهر الماضي، وافقت إدارته على صفقة صواريخ تكتيكية من طراز (RAM) بلوك 2، والمعدات

الحرب فى الفضاء أصبحت على الأبواب

كأن الأرض والبحر والسماء لم تعد كافية للقتال والحرب، فبدأت القوى الكبرى في استحداث ميادين جديدة للحرب، واختارت، هذه المرة، الفضاء الخارجي، ساحة له، وأعلن

هل ستعود مجموعات الفكر الأمريكية للأضواء مرة أخرى؟!

مع عودة الحزب الديمقراطي، مرة أخرى، للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انتخاب جو بايدن رئيسا لها، تساءلت دوائر الرأي عن عودة دور مجموعات الفكر والرأي،

الأكثر قراءة