Close ad

العالم قبل وبعد 30 عاما!

13-8-2020 | 00:34

في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كانت هناك شركة عربية ملء السمع والبصر في مجال الكمبيوتر، هي "صخر"، فأين هي الآن؟ رغم أنها كانت صاحبة الفضل في إدخال الكمبيوتر للمنازل العربية، ووصفت بأنها "مايكروسوفت العرب"، لكن لم يشفع لها التواجد على الساحة لأكثر من 20 عاما على البقاء لأنها لم تتطور، فاختفت.

في هذه الفترة تواصلت مع أحد خبرائها، وكان أستاذا في هندسة القاهرة، وأتذكر"متعجبًا" ما قاله لي آنذاك بأنه بدل أن يتواصل مع عائلته تليفونيا يراسلهم إلكترونيا، طبعا كان يقصد "الإيميل" وكان الكلام بالنسبة لي "سحر وشعوذة"، في وقت كنا نرى الكمبيوتر "صندوق الدنيا"!!

هذا "الإيميل" الذي يقصده، اخترعه فتى هندي هو شيفا أيادوراي في سن الـ14، وسجل كبراءة اختراع عام 1982 باسم "EMAIL"!، تماما مثلما أبدع مواطنه الهندي ساندر، الذي لم يمتلك يوما جهاز كمبيوتر، وأصبح مديرا تنفيذيا لشركة "جوجل"، وكان له الفضل الكبير في إنشاء متصفح جوجل الخاص "كروم"، الذي يستخدمه معظم البشر حاليا، ثم مسئولا عن تشغيل نظام أندرويد الذي أصبح موجودا في أكثر من مليار جهاز حول العالم.. إنها قصة تؤكد أن لا حدود للأحلام، حين تفكر العقول وتبدع لتصنع المستقبل، وأخرى تتوارى لأنها فقدت بوصلة الرؤية!!

المهم، في محاضرة شهيرة في عام 1984، تنبأ فيها نيكولاس نيجروبونتي، العالم الشهير بمعهد ماساتشوستس للتقنية، بالتطور التقني الذي سيشهده العالم خلال الثلاثين عاما المقبلة، والمذهـل أن كل ما ذكـره تقريبا أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليوم، برغم أن ما قاله وقتئذ كان محل تندر وسخرية، وفي أبسط الأحوال كان محل اتهام بالمبالغة.

بعد 30 عاما من هذه المحاضرة عاد نيكولاس ليذكّـرنا بما قاله قبل 30 عاما ومستوى تحققه، حيث أثبت الزمن صدق توقعــاته المدروسة بعنـاية، خصوصا فيما يتعلق بالشق التقني والعلمي.

ومن بين ما تنبأ به التطورات الهائلة في إمكانيات شاشات التلفاز، والكتب الإلكترونية وشاشات اللمس، وتوغل الحواسيب في حياة البشر وإنترنت الأشياء، وهو يُذكر الناس كيف أنهم كانوا يعتبرون علماء الحاسوب "تافهين"!

يعود الرجل بنا إلى عام 1976، في حادثة الطائرة الفرنسية المختطفة إلى عنتيبى في أوغنده، دون الخوض في تفاصيلها السياسية، موضحا أن من ذهبوا لتحرير الطائرة نجحوا في ذلك لأنهم تمرنوا على نموذج حسي للمطار، حيث طلبت الحكومة الأمريكية منهم تمثيل العملية حاسوبيا، وعندما وصلوا إلى عنتيبى عرفوا كيف يتحركون لأنهم "كانوا هناك من قبل" من خلال المحاكاة.

تنبأ نيكولاس بأن عالم الحواسيب والنشر سيجتمعان معا، وهو ما حدث بالفعل اليوم في تحول الوسائط المتعددة لشاشات عرض متقدمة وتحولت الصحافة معها إلى تجارة، لكن مجلة نيوزويك تهكمت حينها على توقعاته، إذ ذكرت مقالة لها عام 1995" يتوقع نيجروبونتى أننا قريبا سنقتني الكتب والصحف مباشرة من الإنترنت"!!

وفي إشارة إلى أن الباحث قد يواجه معوقات في أي مكان في العالم، حتى في أمريكا نفسها، بل وفي معهد ماساتشوستس للتقنية، يقول نيكولاس إن طالبا أعد أطروحة للدكتوراه، يمكن تشبيهها بـ"توجيه سيارة من المقعد الخلفي"، حينها قال مكتب البراءات بالمعهد "لا تعطوه براءة اختراع" لأن ما يقوله سيسبب مشاكل تأمينية كبيرة، لكنهم لم يدركوا آنذاك أن هذه الأطروحة كانت بدايات نظام تحديد المواقع!

والأهم من ذلك أن نيجروبونتى عمل ما يمكن وصفه بـ"تحول مسار" في مجال الحواسيب نحو التعليم، في إطار مشروع بعنوان "حاسوب لكل طفل" لتحقيق رؤية "تعليم بدون مدارس"، والغريب أنهم عملوا التجربة، طبعا في وقت مبكر من الثمانينيات، على أطفال في بيئات فقيرة جدا، إثيوبيا وكمبوديا، والأكثر غرابة أنهم قدموا الأجهزة للأطفال بدون تعليمات تشغيل، فاستطاعوا تشغيلها واستخدام 50 تطبيقا خلال 5 أيام، بل وحفظوا من خلالها بعض الأناشيد خلال أسبوعين، لكنهم بعد ذلك في امتداد للتجارب، استطاعوا قرصنة نظام أندرويد في 6 أشهر!.

وكانت له استنتاجات مهمة من هذه التجارب على الأطفال، في جملة بليغة جدا لها أبعاد كبيرة، مفادها أنه يمكن بملياري دولار فقط ربط 100 مليون شخص في الدول الفقيرة، وتحديدا إفريقيا بشبكة الإنترنت، لكن سبب اختياره مليارين فقط، لأن هذا المبلغ هو مقدار ما كانت تنفقه أمريكا في أفغانستان أسبوعيا!.

هذا العالم لم ينس أن يقفز قفـزة زمنية أخرى لـ30 عاما المقبلة ليدلي بتوقعـاته، إذ يعيب علينا طريقة تعلمنا القراءة، ويعتبر أن طريقة استخدامنا لأعيننا في تخزين المعلومات واستهلاكها غير فعالة كما يجب، لذا يرى أن "المستقبل هو البلع"، بمعنى أن من يرغب، مثلا، في تعلم أي لغة أو غيرها يمكنه تناول "حبة" تحتويها، فيصل مفعولها عن طريق مجرى الدم إلى الدماغ، حيث توضع المعرفة في مكانها الصحيح!!

شخصيا لا أستبعد حدوث ذلك وأكثر، بل أؤكده، لأنه سيحقق مراد الله في خلقه حتى يصلون إلى مرحلة "حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا .." صدق الله العظيم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

أنف وثلاث عيون!

هناك قصة شهيرة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس تحمل هذا العنوان، لكننا هنا نتقاطع مع عنوانها في الاسم فقط، فعيون إحسان عبدالقدوس كن ثلاث نساء تقلب بينهن

أول فندق في الفضاء!

ربما يصبح حلم السفر في المستقبل في رحلات سياحية، بالطبع لدى فصيل من أثرياء العالم، ليس إلى شواطئ بالي أو جزر المالديف أو البندقية، بل إلى الفضاء.. نعم إلى الفضاء، هذا الحلم سيضحى حقيقة فى عام 2027!

الجلد الإلكتروني!

يبدو أن عالم تكنولوجيا المستقبل ستحكمه "الشرائح"، لكن شتان بين مخاوف من شريحة زعم معارضو لقاحات كورونا بأنها ستحتوي على شريحة لمراقبة وتوجيه كل أفعالك،

..واقتربت نهاية كورونا!

لم يحظ لقاح من قبل بجدل مثلما حظي لقاح كورونا، لأسباب كثيرة، أولها السرعة التي تم بها التوصل إليه، على عكس لقاحات لأمراض أخرى، ربما مضى على تفشيها مئات

يوم بدون محمول!

هل فكرت يوما التوجه إلى عملك من دون هاتفك المحمول؟ قد يفكر في ذلك من أنفق عمرًا في زمن الهاتف الأرضي، لكن من نشأوا في زمن المحمول سيرون الفكرة ضربًا من

أيهما الأكثر طرافة .. الرجال أم النساء؟!

على مدى التاريخ تحفل حياة الأمم بسير الظرفاء، وتتسع هذه المساحة لتشمل أشخاصًا خلدهم التاريخ، إما لفرط سذاجتهم كأمثال جحا، أو لكثرة دعاباتهم وكتاباتهم و"قفشاتهم"

إلا المخ يا مولاي!

رغم أن المخ كان ولا يزال لغزًا يحير العلماء، فإن الدراسات ما زالت تتوالى لفهم هذا العضو الرئيسي في الجهاز العصبي لدى الإنسان، والذي يتحكم في جميع الأنشطة

عبيد مايكروسوفت!!

في عام 1995 نُشرت رواية بعنوان "عبيد مايكروسوفت" تشبه تمامًا رواية جورج أوريل 1984، غير أن الأخيرة ذات أبعاد سياسية، أما الأولى فهي ذات أبعاد تكنولوجية،

الأكثر قراءة