حمل اليوم الأول في انتخابات مجلس الشيوخ العديد من المشاهد اللافتة، التى لا يمكن أن تمر دون التوقف عندها بالتدقيق والتحليل، ولعل من أهم تلك المشاهد عودة الشباب إلى صناديق الانتخابات إذ إن لجان الاقتراع لم تخل - في غالبيتها - من تواجد لافت للشباب الذين توافدوا للإدلاء بأصواتهم في هذا الاستحقاق الدستوري الذي يضيف إلى التجربة الديمقراطية فى مصر بعدًا جديدًا؛ بل يساهم فى ترسيخ دولة المؤسسات، ويفتح الطريق أمام المزيد من العمل التشريعي والرقابة البرلمانية الرشيدة التي تدعم مسيرة التنمية التي تشهدها البلاد منذ 30 يونيو.
ولعل تواجد الشباب في صدارة المشهد الانتخابي اليوم يؤكد أن مصر بشبابها قادرة أن تواجه التحديات وتحقق المعجزات إذ إن 60% من المجتمع من الفئة العمرية الشبابية، وهو ما يوفر للدولة المصرية فرصة كبرى في التقدم والتطور بسواعد أبنائها.
لقد أسقط شباب مصر اليوم رهان الجماعة الإرهابية التي كانت تسعى إلى مقاطعة الشباب لهذه الانتخابات؛ بل وراهنت على ضعف الإقبال الجماهيرى على التصويت، إلا أن ما حدث كان صدمة لهذه الجماعة وأمثالها، بعد أن جاءت الرسالة الشعبية قوية لتؤكد وعي المواطنين وإدراكهم لقضايا الوطن.
وإذا كانت انتخابات الشيوخ كاشفة لهذه الحقائق فإنها تمثل أيضًا مرحلة جديدة في تاريخ الحياة النيابية في مصر، ولا شك أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى مزيد من العمل البرلماني الذي يواكب حجم التطور الذي تشهده مصر في جميع المجالات والذي يشكل في مجملة نقلة نوعية؛ بل جذرية في مفهوم الدولة الحديثة.
على مدى عقود كانت انتخابات الغرفة الثانية لا تحظى بإقبال كبير من الناخبين؛ بل أذكر أن بعض اللجان في انتخابات ما كان يسمى بمجلس الشورى كان عدد من يدخلها لا يتجاوز العشرات، كما أن الشباب كانوا يعزفون عن المشاركة فيها؛ لكن اليوم وبرغم حرارة الطقس، وفي ظل فيروس كورونا، فإن الإقبال أكد أن رؤية المصريين الانتخابية تغيرت، وثقافة الوعي الجمعي قد نضجت، وقناعات الشباب قد تطورت.
كما لا يفوتني الإشارة إلى المشهد الأبرز في انتخابات الشيوخ؛ هو قوة الدولة المصرية والتي تجلت في حسن تنظيم العملية الانتخابية، وتوفير كافة التدابير والضمانات التي ساهمت في إنجاحها، وتشجيع الناخبين على التوافد على اللجان بهذه الكثافة، ويقينًا فإن هذه الانتخابات في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة تبعث برسالة واضحة أن الدولة المصرية تسير بقوة وثبات نحو تحقيق أهدافها في بناء مجتمع حضاري قوي يعلي من قيم الحرية والديمقراطية.
حفظ الله مصر
[email protected]