مصر أول دولة في العالم تخوض ٦ حروب في توقيت واحد.. حرب فى سيناء وحرب فى ليبيا وحرب فى إثيوبيا وحرب فى المتوسط وحرب ضد وباء كورونا وحرب ضد خونة الإخوان والإرهابيين، والهدف إنهاك الجيش المصرى، ومع ذلك تحيا مصر.
وتعيش الأمة المصرية حياة عادية وكأننا لا نعترف بتلك الحروب، لأن هناك مقاتلين يخوضون كل هذه الحروب بالنيابة عن الأمة، وتلك إشارة خطر، لأن الخطوط الخلفية المساندة لا تقل أهمية عن الخطوط الأولى المقاتلة، وربما يكون من المناسب إعادة دورات الدفاع المدني والخدمة العامة التي كان الشباب ملزمين بتأديتها بعد التخرج، والسؤال لماذا تم إهمالها مما خلق حالة من التراخي رغم أننا مأمورون بالاستعداد الدائم كجنود احتياطيين كل في موقعه، بحيث تكون خريطة وأجندة الوطن واضحة لدرجة العقيدة عند الأمة، والأمر الآخر أن تجريب المجرب استهلاك للوقت، ومنح الطرف الآخر مأمنا من رد فعلنا؛ بمعنى أنه إذا كانت أداة المفاوضات قد فشلت فشلاً مدوّياً، فليس من الحكمة إعادة استخدام الأداة نفسها، بينما القضية الوطنية تتآكل باستمرار، والخوف أن يظن الطرف الآخر انعدام البدائل لدى مصر أو أن المفاوضات أصبحت حالة "إدمان" يصعب علاجه وشفاؤه.
وكثيرا ما يصبح الإخفاق منحة وليس محنة؛ إذا نهضت الأمم وتداركت أخطاءها، فالذي لا يقتلنا يقوينا، وهي القاعدة التي صنعت المعجزة اليابانية بعدما استسلمت - بشروط مذلة - هي وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وصارت كل منهما قوة اقتصادية عالمية تحتل صناعتهما معظم الدول؛ حتى تلك التي انتصرت عليهما، ولكن تحقيق ذلك مشروط بالتعلم من خلال توفير المعلومات الحقيقية ومواجهة النفس بشجاعة وشفافية؛ حتى لا تتكرر الهزيمة مرة أخرى؛ لأن التاريخ لا يعيد نفسه بذات السيناريو إلا مع من لا يمتلكون عقلا أو ذاكرة.
وفِي الحرب العالمية الثانية دمر هتلر بريطانيا بالقصف، ولكن إرادة الإنجليز كانت أقوى من آلة الحرب النازية، ووقفوا وراء تشرشل، وتنازلوا عن معظم أساسيات الحياة وانتصرت إرادتهم، وفشل هتلر؛ لأن الأمة قررت التضحية؛ بعدما عرف كل مواطن ما له وما عليه.
وهكذا الأمم والحضارات لا تنهزم عند خط النار، بل تنهزم أولا في عقر دارها في داخل كل فرد في نظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأهم من كل ذلك في الروح التي تحرك أفرادها، وأقصد الإعلام الذي يصر على هزيمة الأمة دون أي معركة، إما لعدم المهنية، أو لتصفية حسابات صغيرة على حساب الأمة كلها، وقد سقطت الإمبراطورية الروسية عندما كانوا يختارون الأسوأ لكل منصب.
ويتعجب المرء من أن المنتصرين أحيانا يسكرهم الانتصار حتى يسقطوا عكس المنهزمين، كما حدث لإسرائيل بعد ١٩٧٣؛ تعلمت الدرس ونفضت عن نفسها غرور ٦٧؛ من كونها القوة التي لا تقهر، ونجحت فيما فشل فيه المنتصرون، وبنت اقتصادها وجامعاتها وشركاتها؛ لتصبح عابرة للقارات، خاصة في صناعة التكنولوجيا فيما فشلت تريليونات العرب النفطية التي صنعتها دماء شهداء أكتوبر في تحديث الأمة العربية التي حانت لها فرصة تاريخية لصناعة مستقبلها؛ ولكنها ضاعت مثل آلاف الفرص السابقة، وبعدما طردنا المحتل والاستعمار بشتى الوسائل، رحنا نركب قوارب الموت للوصول إلى حدود تلك البلدان الاستعمارية للعيش فيها، وتسابق البعض لطلب الحماية من المحتل الذي كان؛ لأننا ننسى أن أي وطن لابد له أن يتحاور مع نفسه؛ بل لابد أن يتفاوض مع نفسه، قبل أن يتحاور أو يتفاوض مع العالم.
ببساطة
جريمة رؤساء الأحياء أكبر من المخالفين
وللنيل أيضا مليون خط أحمر
نحن الوباء إن غادرنا بدون تنقية ضمائرنا
كان الاختلاط الغاية والآن الافتراق وقاية
الجغرافيا سلاح مصر في كل معاركها
تعرف المناضلين من رصيدهم في البنوك
كنيسة صوفيا بروفة للمسجد الأقصى
في دوريات أوروبا كرة بجد وفن وأدب
التوقيت كل النجاح أو كل الفشل
من زهدنا زهدناه ومن أحبنا زدناه
تغرق المركب برئيسين فما بالك بثلاثة؟!
* نقلا عن صحيفة الأهرام