عقب مقتل جورج فلويد الأمريكي الأسود تحت ركبة شرطي أبيض في 25 مايو الماضي واندلاع الاحتجاجات المناهضة للعنصرية، رصدت منظمة صحفية أمريكية 300 حادثة تعرضت لها الصحافة، بينها 49 حالة قبض علي الصحفيين و192 هجوما علي أطقم صحفية وتحطيم عشرات المعدات. تلقت الصحافة حصتها من العنف، لكنها لم تعش دور البطولة بل وجدت من أبنائها من مارس نقدا ذاتيا للحال الذي وصلت إليه وأدي لانصراف القراء وفقدانها جزءا معتبرا من مصداقيتها.
الانتخابات الرئاسية 2016، كانت نقطة سوداء بتاريخ هذه الصحافة. غطت الحملات الانتخابية ورافقت المرشحين ولم تترك كبيرة أو صغيرة إلا وأفردت لها مساحات كبيرة. لكنها لم تبذل جهدا كبيرا لمعرفة مزاج الناخب الأبيض بالتحديد، وكيف غلبت عليه ميوله العنصرية وخوفه من وضعه المعيشي، فصوت لترامب رغم أن الإعلام كان مقتنعا بأن هيلاري فائزة.
ثم جاء 2020 بأحداثه المؤلمة، من تفشي كورونا إلي الاضطرابات العنصرية، ففشلت الصحافة مجددا، كما يقول الصحفيان مارك هيرتزجارد وكايل بوب بدراسة عن أزمة الصحافة الأمريكية. انشغل الصحفيون باللحظي، ولم يحفروا عميقا في الأسباب. البحث عن التريند كان الأساس.. عدد الاصابات والوفيات، فشل الحكومة، نقص الأجهزة وهكذا. ترامب وضع الأجندة وسار الصحفيون وراءها.. يهاجم هذا ويتهم ذلك، ليضيع الجوهر، ويتم التركيز علي القشور. الأمر تكرر مع الاحتجاجات العنصرية.
فوجئت الصحافة بأن النظام الصحي فاشل وغير كفء، وأن المواطنين غير قادرين علي تحمل الأعباء الاقتصادية، وفوجئت بأن العنصرية منتشرة وأن السود يواصلون الموت والسجن والمعاناة. لم تركز علي هذه القضايا، كانت الصحافة تتفاعل مع الأحداث لكنها لا تبحث بمسبباتها. لم تطلق أجراس إنذار بل أمضت وقتها تجيب عن سؤال: ماذا حدث؟، ولم يستغرقها سؤال: لماذا حدث؟
في مصر، انتخابات مجلس الشيوخ علي الأبواب. سباق المرشحين والأحزاب للفوز مهم لكنه ليس الأهم. هناك سباق المواطنين من أجل العيش ومواجهة المشكلات التي فاقمها الوباء. المطلوب حفر صحفي شاق بالأرض وغوص في بحر التحديات التي تواجه الناس وليس فقط التركيز علي نجوم البرلمان الجدد.
نقلا عن صحيفة الأهرام