Close ad

الصحفي الآلي سيتولى المهمة!

3-7-2020 | 17:07

قررتْ شركة "مايكروسوفت" مع بداية شهر يونيو 2020 ، في خطوة ستؤثر على معظم العاملين فى مجال الصحافة، تسريح عشرات الصحفيين العاملين فى موقعها الإخبارى على شبكة الإنترنت، والاستعانة بالذكاء الاصطناعى خلال الفترة المقبلة.

وبحسب صحيفة "جارديان" البريطانية، فإنّ الشركة – مايكروسوفت - ستلجأ إلى برنامج من الذكاء الاصطناعى لأجل تحديث الأخبار على موقع "إم إس إن" التابع لها، وكذلك متصفحها الرسمى، وقد تـمّ إخبار الصحفيين بأنّ خدماتهم لم تعد ضرورية فى الشركة، لأنّ الإنسان الآلى سيتولى المهمة.

ومنذ فترة قليلة تـمّ توظيف الصحفيين، وعددهم 27، والذين من المرتقب أنْ يفقدوا وظائفهم في غضون شهر، بعد أن قررتْ مايكروسوفت أنْ تتوقف عن الاستعانة بصحفيين من "البشر" لأجل نسخ وتعديل وتحرير الأخبار على المنصات الإلكترونية.

والملاحظ أنّ قرار استغناء مايكروسوفت عن الصحفيين، يتواكب مع اعتماد الكثير من الشركات بشكل عام على الذكاء الاصطناعى والعمل عن بعد، لاسيما فى ظل وباء كورونا المستجد.

وقال أحد الصحفيين المشمولين بقرار الاستغناء: "طالما قرأتُ أنّ الذكاء الاصطناعي سيحرمنا من الوظائف التي نقوم بها، وها هو يأخذ منى وظيفتى"، وقد نبه بعض الصحفيين إلى مخاطر الاستعانة بالروبوت، مشيرين إلى أنّ الذكاء الاصطناعى قد لا يستطيع تمييز المحتوى الذى يحرض على العنف مثلا.

وفي جلسة نقاشية منذ شهور، بالجامعة البريطانية في القاهرة قال على سرور (عالم بيانات لبنانى): إنّ الذكاء الاصطناعى هو مستقبل كل غرف الأخبار حول العالم، حيث تأتي الولايات المتحدة على رأس الدول الأكثر استخدامًا لهذه التكنولوجيا، تليها الدول الأوروبية والصين، وأضاف سرور أنه بحلول السنوات القليلة المقبلة، سيكون كل شىء في العالم مرتبطًا بالإنترنت.

ومنذ عام ٢٠١٨، أصبح الذكاء الاصطناعى حقيقة وليس مجرّد خيال، ولم يعد يحتل مكانــًـا في عالم الثقافة والأفكار (فقط) وإنما تعداه إلى التطبيق العملى.

لقد كانت سنة 2018 بمثابة القفزة الكبرى للذكاء الاصطناعى، بعد أن نمتْ هذه التكنولوجيا بشكل كبير على أرض الواقع حتى أصبحتْ أداة رئيسية، وتدخل في صلب جميع القطاعات والأنشطة (حتى الذهنية).

لقد خرج الذكاء الاصطناعى من مختبرات البحوث ومن صفحات روايات الخيال العلمى، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ابتداءً من مساعدتنا فى التنقل في المدن وتجنب زحمة المرور، وصولاً إلى استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدتنا فى أداء المهام المختلفة، واليوم أصبح استخدامنا للذكاء الاصطناعى يــُـهدد وجود الصحفيين حول العالم.

وتشير أحدث دراسة نشرها معهد (فيوتشر توداى) الأمريكى إلى أنّ التهديد الذى يشكّله الذكاء الاصطناعى على الصحافة والصحفيين فى المستقبل القريب بات وشيكــًـا.. وذلك نظرًا لما تتمتع به أدوات الذكاء الاصطناعى من إمكانات فى صناعة الخبر، وبالتالى فقد تــُـبطل فى المستقبل القريب مهام الصحفى البشرى!

والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستتولى أنظمة الذكاء الاصطناعى مهام جمع القصص من المصادر المختلفة؟ هل هذه الأنظمة تستطيع أنْ تحاور مفكرًا أو أديبــًـا أو سياسيــًـا؟ وإذا نجحت فهل تستطيع نقل نبض الحوار إلى القارئ؟ وهل هذا النظام يستطيع أنْ ينقل للقارئ أجواء الحديث أثناء النقاش؟ خاصة فى حالة الجدال أو الاختلاف أو الصدام؟ هل هذا النظام سيفقدنا المشاعر الباقية التي نتلمسها في هذه الحياة الجافة السريعة المادية المتوحشة؟ هل الذكاء الاصطناعي سيحل مثلا محل كاتبنا الكبير فاروق جويدة ؟هل هذا النظام يستطيع أنْ يكتب بكل هذه الانسيابية والإنسانية والحب الذي يكتب به جويدة شاعرنا العذب؟ هل ستــُـنهى الروبوتات مهنة الصحافة؟ وماذا إذا أخطأ الروبوت؟ كيف ستتم محاسبته؟ هل نحن نــُـمثل الجيل البشرى الأخير من الصحفيين؟ وسنــُـصبح من الماضى مثل ساعي البريد والمسحراتى والخاطبة والسقا والساعاتي ومبيض الأوانى النحاسية وسنــّـان السكاكين والعرضحالجي والطرابيشي ومكوجى الرجل.

إنّ التطور واللحاق بأحدث التقنيات أمر حتمي ووجوبي وضروري، لكن أصل الصحافة هو فعل إنساني.

فهل الآلي سيتولى المهمة؟ بأبعادها الإنسانية؟!

[email protected]

نقلا عن مجلة ديوان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: