** حسم ليفربول لقب الدوري الإنجليزي "البريمييرليج" لمصلحته، قبل سبع جولات من نهايته، مستفيدًا من سقوط أقرب منافسيه مانشستر سيتي أمام تشيلسي بالخسارة 1/2، ليعود الدرع إلى الريدز بعد غياب 30 عامًا بالتمام والكمال ولتصبح مباريات الفريق المقبلة كلها "تحصيل حاصل"، وإن كانت ستتحول إلى فرصة لنجمنا المصري محمد صلاح لإضافة المزيد من الأرقام القياسية إلى سجله مع ليفربول، مع استمرار المنافسة أيضًا على لقب هداف المسابقة، وما أجمل أن يحرز هذا اللقب للموسم الثالث على التوالي!.
وما أروع أن يشار إلى "أبو مكة" بالبنان في كل مكان في العالم، وخاصة من نجوم كبار ومخضرمين في هذه اللعبة الشعبية الأولى، والذين يضعونه بين أفضل عشرة لاعبين في العالم، إن لم يكن من الخمسة الأوائل.. نعم يستحق نجمنا المصري كل التقدير والإعجاب والإطراء الذي يحصل عليه في كل مكان يذهب إليه، ليصبح بالفعل "فخر مصر والعرب وإفريقيا".
وعلى أية حال، فإن ذلك لم يحدث في يوم وليلة وإنما كان نتاج عرق وكفاح وإرادة وتصميم وإصرار على أن يكون مختلفًا عن كل الآخرين، لعبًا وخلقًا وبطولات وإنجازات وأرقامًا قياسية لم يسبقه إليها أحد، ولولا أننى أخشى أن أتهم بالمغالاة والمبالغة والمصادرة على المستقبل، لقلت: لن يلحق به أحد في قادم الأيام والأجيال!.
قصة نجمنا الفرعون المصري محمد صلاح مع النجومية الحقيقية والتألق اللافت تستحق أن تكتب وتروى لكل الأجيال الشابة ليتعلموا كيف يتغلبون على الصعاب والظروف غير المواتية من أجل تحقيق النجاح، مهما كانت البدايات شديدة الصعوبة.
أتصور أن رحلة الكفاح هذه، بدأت تؤتي ثمارها، برحيله على سبيل الإعارة من تشيلسي الإنجليزي إلى فيورنتينا ثم روما الإيطاليين.. كانت تجربته الإنجليزية الأولى مع البلوز باهتة ليس لعيب فيه وإنما بسبب مدير فني برتغالي يزعم أنه الرجل الخاص (جوزيه مورينيو) ولكنه لم ينجح في اكتشاف إمكانات نجمنا، ولعل هذا ما خلق داخل صلاح روح التحدي والرغبة في إثبات الوجود والتأكيد على أنه قادر على النجاح في الدوري الإنجليزي، فاتخذ من إيطاليا "منصة انطلاق" لتعريف العالم كله به وبإمكاناته الكبيرة كلاعب موهوب وشديد التأثير مع أي فريق يلعب له، ولهذا لم تفارقه على الإطلاق الرغبة في العودة مرة أخرى إلى أرض الإنجليز، ليثبت للجميع هناك أنه لم يفشل فيها وإنما الظروف هي التي لم تخدمه، بسبب مدرب لم يستطع أن يطوّع إمكاناته ليصبح نجمًا كبيرًا، وتلقفه بعد العودة إلى إنجلترا قادمًا من إيطاليا، مدير فني عبقري اسمه يورجن كلوب، استطاع أن يخرج كل المواهب الدفينة في "أبو مكة" وأن يطور أداءه تحت قيادته في إستاد أنفيلد معقل ليفربول، فكانت بداية رحلة الإبداع والتألق الحقيقي.
وعلى امتداد المواسم الثلاثة الأخيرة، نجح صلاح في أن يبهر بأدائه ومهاراته وأهدافه ليس المصريين أو الإنجليز وحدهم وإنما العالم كله، وتوالت إنجازاته وأرقامه الشخصية الرائعة مع "الريدز"، وبدأها في إنجلترا بلقبين متتاليين كهداف للدوري الإنجليزي "البريمييرليج"، ولقب وصيف البطل في الموسم الثاني بعد مانشستر سيتي، وعلى المستوى الأوروبي بدأها بلقب وصيف بطل الشامبيونزليج التي انتزعها ريال مدريد الإسباني، ثم بطل متوج لأوروبا في الموسم الماضي، بخلاف حصوله على أفضل لاعب في إفريقيا مرتين متتاليتين، وتواجده بشكل ثابت في قائمة أفضل خمسة لاعبين في العالم، أو قائمة أفضل عشرة على أقصى تقدير، وها هو ذا يحقق هذا الموسم حلمه الخاص بالحصول على بطولة الدوري الإنجليزي مع ليفربول.
واسمحوا لي أن أسألكم: ألا تتفقون معي على أن محمد صلاح "حالة خاصة جدًا" في الكرة المصرية يندر تكرارها، وربما يستحيل تكرارها فعلًا باعتبارها "رابع المستحيلات" بعد "الغول والعنقاء والخل الوفي"؟!، أظن ــ وليس كل الظن إثمًا ــ أن أحدًا لن يفعل ما فعله صلاح، ولن يحقق ما حققه من إنجازات جماعية وفردية في أقوى دوري في العالم.. وأظن أيضًا أنه ليس من المقبول أو المنطقي أن أضعه في "أي مقارنة" من "أي نوع" مع كتيبة النجوم الكرويين المصريين من مختلف الأجيال على امتداد قرن من الزمان، والذين شهد لهم التاريخ بالموهبة والتألق والإبداع، وأقول عبارة ربما أكون قلتها من قبل ولكنها تلح على لساني: إنني أحمد الله كثيرًا أن "أبو مكة" لم يكن لاعبًا لا في الأهلي ولا في الزمالك، وإلا كانت "قصته الجميلة" تحولت إلى "كابوس ثقيل" يؤجج نيرانه فئة المتعصبين هنا وهناك، وهم ــ كما تعلمون ــ كثيرون!!.