لعلكم تذكرون النكتة المصرية القديمة عن التركي المتكبر الذي لم يكن يملك من المال أو الجاه ما يستطيع به التحكم في عباد الله فاشترى عددا من القلل وملأها بالماء وجلس بجوارها على قارعة الطريق، وكلما هم شخص بالشرب من إحداها نهره قائلا.. لا تشرب من هذه القلة.. اشرب من تلك.
تذكرت هذه النكتة البليغة، وأنا أتابع تعليقات الساسة الأتراك بشأن المبادرة التي انطلقت من مصر أخيرا لحل الأزمة الليبية برعاية الرئيس السيسي، وبحضور قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
فالأتراك يهاجمون المبادرة ويرفضونها ولكنهم في الوقت نفسه، كما جاء على لسان وزير الخارجية جاويش أوغلو يطالبون الولايات المتحدة بلعب دور نشيط في التوصل لوقف إطلاق النار وفي المحادثات السياسية بين الأطراف الليبية، أليس هذا ما جاء في المبادرة؟.
ووفقا لما جاء في بيان الكرملين بعد اتصال تليفوني بين الرئيس بوتين ونظيره التركي، فقد شدد أردوغان على الحاجة إلى فرض وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا في أقرب فرصة ودون شروط مسبقة، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2510 الذي يؤكد سيادة واستقلال وسلامة ووحدة الأراضي الليبية.
أليس هذا ما قيل في القاهرة؟، إنها نظرية القلل مرة أخرى ولكنها ليست نكتة هذه المرة، فهم يعلمون يقينا أن ما جاء في مبادرة القاهرة هو المقبول دوليا ولكنهم يريدون تنفيذه دون الإشارة إلى أنهم ينفذون ما جاء بها، لا تشرب من قلة القاهرة ولكن من قلل واشنطن وموسكو.. والماء واحد.
نقلا عن صحيفة الأهرام.