لم نعرف عن عالم الابتسامة وما يتفاعل بداخله سوى التعبير الخارجى لحركة الشفاه، ونجهل أهم معالمها، وهو قدرة الابتسامة على قهر العدو ومقاومة السلاح، وبسبب ولع العلماء بالبحث خلف الظواهر الطبيعية والإنسانية مهما صغر شأنها، فقد استطاعوا إزاحة الستار عن حقائق كثيرة متعلقة بشأنها، وفسروها لنا من خلال بيان أدلتها العلمية، وقاموا بتشريح الابتسامة، وحددوا أنواعا لها، وأوضحوا الفوارق الفسيولوجية فيما بينها، وفى أوائل القرن التاسع عشر نجح العالم الفرنسى «جالوم بولون» فى التمييز بين الابتسامة الصادقة وبين الابتسامة المزيفة، وذلك باستخدام جهاز تشخيص كهربي، ولاحظ العالم الفرنسى استخدام العضلة الوجنية لرسم ابتسامة خادعة، أما العضلات الدائرية الموجودة حــول العيــن فتعمــل باستقلاليــة، ولا تتحرك مع الابتسامة المصطنعة.
والابتسامة الصادقة هى سبيلك الوحيد لتترك أثرًا طيبًا فى قلوب المحيطين بك، وبواسطتها يمكنك أن تمتلك قلوبًا بشكل سريع، فى حين قد تبذل جهدًا كبيرًا لاحتوائها عن طريق وسائل أخرى، ومن خلالها تضاعف أرباحك إذا كنت صاحب متجر، ويقول المثل الصيني: «إن الذى لا يحسن الابتسامة لا ينبغى له أن يفتح متجرا»، وإياك ثم إياك من ذوى الابتسامة الزائفة أو الصفراء، فهى بمثابة جرس إنذار عن مؤامرة تدبر لك، والفارق بين الابتسامة الصادقة والزائفة، الأولى مدتها أكبر وتلقائية، والشخص العبوس لا يستطيع الصمود فى مواجهة أشخاص مبتسمين، وبسرعة تتحول عضلات وجهه لترسم الابتسامة، وأكدت مصداقية تلك المعلومة دراسة سويدية حديثة.
وذكر البرفيسور «رات كامبل» من جامعة كولدج بلندن، أن هناك خلية عصبية فى المخ تؤثر على الجزء المسئول عن التعريف بالوجوه وتحديد تعبيراتها، ولذا نقلد تلقائيا تعبير الوجوه التى حولنا، وأثبت كامبل أنه كلما زاد تبسمك كانت ردود أفعال الآخرين نحوك أكثر إيجابية، وتوصلت عدة دراسات علمية إلى أن الابتسامة هى السلوك الفطرى الوحيد الذى يولد معنا، على عكس العديد من السلوكيات والانفعالات التى نكتسبها لاحقا.
ولا تقتصرأنواع الابتسامة على الصادقة أو الزائفة، إنما اختلفت العلماء حول حصر أنواعها، ونذكر منها على سبيل المثال ابتسامة الشفاه المغلقة، والابتسامة العلوية الكاشفة للنصف العلوى للأسنان، وإذا رغبت فى الشفاء من مرضك أو فى مساعدة أحبائك فى الشفاء فعليك بالابتسامة الصادقة.
وصارت هذه الإبتسامة سلاحا قويا، وأصبحت سفيرا للنوايا الحسنة تمثل كل مسلم متحضر فى شتى أنحاء العالم، يرفض الاعتداء بالمثل ضد خصومه فى الدين، وكم من مواقف حدثت فى عدة دول تكرر فيها نفس مشاهد الاعتداء، وينتصر فيها المسلمون بقوتهم الناعمة ويجذبون مزيدا من المؤيدين لهم.
وأرشدوك خبراء التنمية البشرية بأن ابتسامتك طوق نجاتك وقت إحساسك بالإحباط، وتعد أقوى مضاد حيوى لداء الاكتئاب، لقدرتها على رفع شحن طاقتك الإيجابية.
والإنسان الذى يحمل وجها مبتسما، شخص يحبه الجميع ويحاولون التودد إليه، لينقل إليهم عدوى التفاؤل، وفى المقابل ينفرون من صاحب الوجه العابس، وتزيد ابتسامة الشخص تألقا حين يشعر أنه سبب فى سعادة غيره وبُعد ألمه، ولهذا قال عبد الله بــن الحارث بن حزم: «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله، ولعظمة تأثير الابتسامة على الآخرين جعلها النبى من بين الدرجات العليا العبادة، وقال صلى الله عليه وسلم: «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، وقال فى حديث آخر «لا تحتقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق»، وكان النبى فى ذروة الشدائد يبتسم ليعطى الأمل.
ولتكن أول صدقة نبدأ يومنا تبادل الابتسامة فيما بيننا، من أجل عودة الأمل والثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، بعد رؤية الأبناء لوجوه عابسة أمامهم صباحا ومساء.
Email:[email protected]