القاعدة التى سنها أحد الزعماء الغربيين كالتالي: عندما تكون بالمعارضة تكلم كما تشاء، لكن القادرين على الفعل هم من بالحكم. فى زمن كورونا، لم تعد القاعدة صحيحة على إطلاقها. أصبح العجز وقلة الحيلة وتلقى اللوم من صفات أهل السلطة.
قبل شهرين، فاز كيير ستامر بزعامة حزب العمال البريطانى الخارج لتوه من أكبر هزيمة منذ 1935. وصل فى ذروة تفشى كورونا، بينما البريطانيون ملتفون حول رئيس الوزراء جونسون صاحب الشعبية الطاغية والنصر الكاسح على العمال. فى أسوأ الكوابيس لم يكن هناك توقيت أفشل من تلك اللحظة. ليس أمامه فرصة حتى للظهور فما بالك بالنجاح.
لكنه استغل خبراته كمحام مخضرم، واستعد بدأب وحرفية. لم يعارض للمعارضة، فهذا أسلوب الخاسرين. قدم اقتراحات عملية لمواجهة الوباء، وعندما تستجيب الحكومة كان يشكرها مذكرا بأن هذه أفكاره. خلال جلسات البرلمان الافتراضية، أذهل جونسون وجعله فاقد التركيز. يقول المحامى البريطانى ألبر رضا علي: سأل الأسئلة الصحيحة بالترتيب الصحيح، فحول جونسون لفطيرة غير متماسكة.
شعبية جونسون ارتكزت على أنه غير تقليدى بحركاته وتصريحاته وحتى هندامه، لكن إصابته بكورونا زادته وهنا على وهن، فظهر أحيانا هزليا مثل شخص خرج لتوه من السرير، دون غسل وجهه وتسريح شعره. بالمقابل، بدا ستامر جادا أنيقا مرتبا فى ملبسه وكلامه. سلاحه الحجة والأدلة. يوجع ولا يجرح.
أوقف تدهور شعبية العمال، وعاد الناخبون يأخذون الحزب بجدية. حدثت مقارنات بينه وبين تونى بلير رئيس الوزراء العمالى الأشهر. صحيح أن بلير نقطة خلاف بين أنصار الحزب الذين يعتقد بعضهم أنه باع مبادئ اليسار من أجل السلطة، ويرى آخرون أنه لم يخطيء لأن وظيفة الحزب الوصول للحكم، وإلا تحول لمؤسسة فكرية.
بينما يواجه جونسون أعاصير كورونا التى تخصم من رصيده، يعيد ستامر بناء الحزب بهدوء وبراجماتية. أمامه شوط طويل، فالعمال فى سبات عميق والناخبون مشغولون عنهم بكورونا والبريكست، لكن زعيم العمال توصل أخيرا إلى خريطة الطريق لرئاسة الوزراء فى 10 داوننج ستريت..متى يحدث ذلك؟ ليس قريبا على الأرجح.
نقلا عن صحيفة الأهرام