منذ بداية هذا العام، دخلت دول العالم المختلفة إجراءات لم تشهدها طوال تاريخها. ما بين الحظر الشامل والجزئى وإغلاق كل شيء وتوقف حركة الطيران ومنع التجمعات ووقف الدراسة فى الجامعات والمدارس وإغلاق دور العبادة فى سابقة لم نرها من قبل، وخلت المساجد والكنائس من المصلين، وانتهى شهر رمضان بدون تراويح ولا جماعة، كلها أوضاع فريدة وجديدة على سكان الأرض، وتسبب انتشار ڤيروس كورونا فى التباعد الاجتماعى بين الأسر وبعضها وحتى زملاء العمل، الكل يتخذ احتياطاته بقدر الإمكان لمنع المزيد من توسع مساحات الانتشار والوفيات.
وتأثرت كافة الدول بعمليات الإغلاق الكاملة وتوقف حركة السياحة وزيادة عدد العاطلين حول العالم، ومع المخاوف التى ظهرت فى بعض الدول من الركود الاقتصادى وانخفاض دخول الناس وخشية حدوث أزمات اجتماعية، بدأت دول العالم فى التحرك نحو تخفيف الإجراءات القاسية التى طبقتها منذ يناير وفبراير ومارس، ومع الأيام الماضية، أصبح العالم فى مرحلة جديدة، يتنفس فيها الناس الهواء.
رفع العديد من الدول القيود، وفتحت المطاعم والمراكز التجارية والمدارس حتى الشواطئ وصولا إلى الفتح التدريجى للسياحة بين الدول الأوروبية وبعضها، وصولا إلى السياحة الخارجية وفق ضوابط وإجراءات ملزمة لكل مواطن يتحرك أو يريد العيش فى أمان ليس أمامه سوى ارتداء الكمامة والنظافة الشخصية، وعدم التواجد وسط التجمعات الكبيرة.
وتبدأ مصر من الأحد المقبل الإجراءات الخاصة بإجازة العيد، وتشمل وقف حركة وسائل النقل العام من قطارات ومترو وغيرهما، وإغلاق الشواطئ والمراكز التجارية والمقاهى والمطاعم حتى يوم الجمعة 29 مايو، مع بدء حظر التجوال من الخامسة مساء بدلا من التاسعة طوال الأسبوع المقبل، لضمان تخفيف التزاحم والتجمعات للحد من زيادة الإصابات المتوقعة والسيطرة على أى محاولات لدخولنا فى مرحلة يصعب معها مواجهة أعداد الإصابات، وهذا يتطلب تكاتف المواطنين والالتزام بما حددته الدولة من إجراءات وقيود لضمان عبورنا هذه الفترة، حتى نعود لممارسة حياتنا بشكل طبيعى مع الضوابط الصحية، وعقب إجازة عيد الفطر سيكون حظر التجوال من الثامنة مساء مع عودة نشاط المراكز التجارية وغيرها للعمل.
الحكومة اتخذت تلك الإجراءات فى ظل التقديرات العالمية بأن ڤيروس كورونا لن ينتهى خلال شهر أو ثلاثة، بل سيستمر، وبالتالى وجب التعايش معه، فلن نوقف حياتنا وعملنا، ولكن العودة تكون بالتزامات وإجراءات وعقوبات صارمة ضد المستهترين أو الذين لا يطبقون ارتداء الكمامات فى وسائل النقل العام وأماكن التجمعات المختلفة.
فالمرحلة القادمة تتطلب الحذر والحرص الشديدين، لأننا مازلنا فى مرحلة زيادة الأعداد حسب تقديرات جميع الجهات المعنية بمتابعة ڤيروس كورونا، وربما الفترة التى ستكون بعد العيد حتى منتصف يونيو سنرى مدى السيطرة على الڤيروس أو زيادة أعداد المصابين بشكل واضح، كل مواطن مسئول عن الحفاظ على حياته وعدم الوجود فى الأماكن المزدحمة بقدر الإمكان، حتى تعود حياتنا طبيعية ونتعايش مع كورونا، كما بدأت دول العالم تتعايش.
ولعل ما جرى طوال الشهور الماضية يكون درسا للبشرية، التى عادت لتتنفس من جديد بعد شهور من البقاء داخل جدران المنازل.
نقلا عن صحيفة الأهرام