ما هو شعور صحفى بارز، عندما يكتب مقالا، بصحيفة هى الأشهر وربما الأفضل عالميا، يكيل فيه المديح بفجاجة لإسرائيل، ثم يتفاجأ بحملة تتهمه بالحقارة وتحريف الواقع؟.. حقا، آخر خدمة إسرائيل علقة.!
ديفيد هالبفنجر مدير مكتب نيويورك تايمز بإسرائيل، كتب مقالا يشيد فيه بدور الجيش الإسرائيلى فى مواجهة كورونا، ونشر كلاما لقيادات عسكرية لا يدخل فقط تحت بند الدعاية الرخيصة بل النفاق المقيت. تقول القيادات: «نتعامل مع أى مهمة كما لو كانت حربا. ينغمس الجميع فى المهمة بكثير من الطاقة والإبداع.. قمنا باستغلال قمرات القيادة بالطائرات المقاتلة والهليوكوبتر لتخزين وتحليل المعلومات حول كورونا».
المقال بأكمله يسير على هذا المنوال لكن فقرة واحدة أرادها الصحفى أن تكون «سوبر نفاق»، فأوقعته بشر أعماله: «تشتهر وحدة البحث والتطوير بوزارة الدفاع الإسرائيلية بأنها رائدة فى ابتكار طرق لقتل الناس وتفجير الأشياء. والدبابات الشبح والطائرات دون طيار لقنص البشر من بين مشاريعها الأكثر فتكا». اعتقد هالبفنجر أنه يمتدح عبقرية الوحدة، لكن مناصرى إسرائيل كان لهم رأى آخر.
ديفيد هاريس رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية كتب: يا له من مقال حقير يتزامن مع مرور 75 عاما على المحرقة اليهودية. أما المتحدثة باسم القنصلية الإسرائيلية بنيويورك فوصفته بالمخزى قائلة: إنقاذ الأرواح فى صميم ما تمثله إسرائيل. وسار آخرون كثر فى نفس الطريق.
إسرائيل وأنصارها لا يريدون لأحد أن يخرج عن الخط فى تأييدها. الموضوعية ممنوعة والبحث عن أفكار وأساليب جديدة للنفاق غير مطلوبة، ولابد من التراجع عنها. وبالفعل يطالب مؤيدوها بحذف المقال والاعتذار. المفارقة أن نيويورك تايمز على مدى تاريخها معروفة بتأييدها لإسرائيل، ولذلك تندر البعض بأن شخصا حاقدا أراد تشويه سمعة الصحفى والصحيفة، اخترق الكمبيوتر وأضاف الفقرة.
قبل أيام، انتقدت تل أبيب دراما مصرية من الخيال العلمى لأنها تحدثت عن زوال إسرائيل بعد 100 عام، والآن أغضبها مقال صحفى لمجرد أن نفاقه لم يعجبها، ومع ذلك على العالم أن يعترف بأنها دولة ديمقراطية تحترم حرية الرأى والتعبير بل حرية وحقوق الفلسطينيين!.