Close ad

طالبان شريك إستراتيجي لأمريكا.. كيف؟!

11-5-2020 | 12:07

خلفية سياسية شاملة وكاملة بخصوص المشكلة الأفغانية، الأسباب والحلول، فزت بها خلال زيارتى الثانية لأفغانستان، فى أبريل عام 2019، وذلك عندما أتيحت لى الفرصة الذهبية لتناول وجبة العشاء، بالفندق الذى كنت أقيم فيه بالعاصمة، كابول، والاستماع إلى السفير الأفغانى السابق بالسعودية، سيد جلال كريم، وهو دبلوماسى أفغانى، معتدل ومحنك، وعلى علاقة وثيقة بالقيادات الأفغانية، ومع حركة طالبان، وهو - كذلك - خريج جامعة الإسكندرية، ويجيد العربية، ويتحدث باللهجة المصرية.

فى المقالتين السابقتين طرحت السؤال: لماذا يكره الأفغان طالبان؟ واليوم أتوجه بالسؤال ثانية إلى السفير سيد جلال: هناك مخاوف شديدة تنتاب الأوساط الأفغانية من عودة طالبان للحكم، فهل أنت مع هذه المخاوف؟ ولماذا؟ وهل هيأت اتقاقية الدوحة - بين طالبان وإدارة ترامب - الفرصة للحركة لكى تعود للحكم بمباركة أمريكية- باكستانية – دولية؟ وهل تتوقع حدوث هذه التطورات عاجلا أو آجلا؟

يقول السفير سيد جلال: "أولاً كما تعلمون بأنه لا يمكن أن تسفر الحرب الدائرة في أفغانستان عن منتصر أو مهزوم ولابدّ من حل هذه المشكلة عن طريق المفاوضات.

المفاوضات تعني تقديم الجميع تنازلات، وهذه تعني بأن طالبان سوف تشارك في الحكم مع بقية الأطراف السياسية الأفغانية، ولا أعتقد أن هناك مشكلات مستقبلاً .

المشكلات لن تحدث؛ لأن هناك نوعا من الإجماع الإقليمي بخصوص أفغانستان وأيضا بخصوص مشاركة طالبان في الحكم، وهذا الإجماع من كل دول المنطقة."

يضيف السفير جلال: "مشاركة طالبان في الحكومة تعني التفاوض حول تعديلات في الدستور وفي لجنة الانتخابات وفى مكافحة الفساد؛ ولا أعتقد أن دخول طالبان في الحكومة يكون لمجرد الحصول على عدة وزارات، بل أعتقد بأنه بحتمية إجراء تعديل على الدستور، وعملية إصلاح كاملة على كل محاور الدستور الأفغاني وكذلك الانتخابات، والعمل على مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات القضائية والأجهزة الأمنية، وإصلاح العلاقات الإستراتيجية لأفغانستان مع كل المحاور؛ ومن المؤكد أن هناك حكومة جديدة لفترة انتقالية بعد التفاوض، وذلك لتجهيز أفغانستان لانتخابات يشارك فيها المواطنون الأفغان المسجلون في السجلات الإلكترونية، علما بأن الانتخابات الأخيرة شارك فيها أقل من مليوني شخص فقط".

يواصل السفير سيد جلال قائلا: "بالطبع الكل يرغب بالمصالحة؛ ولكن وجهات النظر مختلفة، فمنهم من يرى بأن المسألة مجرد وقت وتتم المصالحة، وهناك "صقور" في حكومة الرئيس أشرف غني يعتقدون أنه بإمكانهم فرض شروطهم على طالبان، وأن المصالحة من الممكن أن تتم في نهاية الدورة الرئاسية الثانية لأشرف غني، وفريق آخر يرى بأنه يجب على الحكومة التفاوض - بصدق وجدية - مع طالبان؛ لأنه لا يمكن للقوات المسلحة هزيمة طالبان، ولذا يجب أن تكون هناك مفاوضات جادة، وأن الإفراج عن السجناء يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن، لفتح باب الحوار الأفغانى-الأفغانى، وتشكيل حكومة مؤقتة خلال سنة على أقصى حد، وتجهز هذه الحكومة الانتقالية البلاد للانتخابات الرئاسية".

يؤكد سفير أفغانستان السابق بالسعودية: "خلال الأربعة أشهر الأخيرة، وبسبب الخلافات الداخلية في أفغانستان، والظروف السياسية للاتفاق بين أمريكا وطالبان، وقدرة طالبان على إخراج نفسها من العزلة السياسية، وتفاوضها مع أغلب دول الجوار لأفغانستان بشكل مباشر، وكذلك استطاعة المبعوث الأمريكي زلمي خليل زاد الحصول على موافقة باكستان وروسيا والصين لدعم عملية المصالحة الأفغانية، لا أعتقد بأن التأخير في الإفراج عن السجناء أو تأخير بدء المفاوضات ممكن أن يوقف عملية المصالحة، لأن الحرب مكلفة جداً للولايات المتحدة ودول الناتو، وتوقيع الاتفاق مع أمريكا بشكلها الحالي عزز موقف طالبان بتقديم أنفسهم كشريك إستراتيجي لأمريكا في مكافحة الإرهاب والتطرف في أفغانستان بتكاليف أقل بكثير مما يصرف حاليًا، أيضًا، فإن تأخير إطلاق سراح السجناء وبدء التفاوض مع طالبان وضع الحكومة الأفغانية في موقف محرج مع أمريكا والحلفاء".

يوضح السفير سيد جلال: "هناك مخاوف يتم تسويقها حول عملية التفاوض والمصالحة، ولكن أغلبية الشعب الأفغاني يعرف أن الحرب في السنوات الخمس الأخيرة قتل فيها أكثر من مائة ألف شخص، منهم 45 ألفاً من القوات المسلحة الأفغانية، وجميع القتلى هم من الأفغان سواء كانوا من الحكومة أو طالبان، وكذلك لا ننسى الضحايا المدنيين.

كما أن بعض السياسيين الأفغان يعتريهم خوف كبير بأن لو شاركت طالبان في الحكومة فإنهم يبتعدون عن المشهد السياسي في البلاد، كما أن بعض السياسيين والشخصيات ذات النفوذ يُصوّرون للناس وخصوصاً المرأة وتخويفهنّ حول عدم قدرة مشاركتهمّ في الحكومة مع طالبان مستقبلاً، ولكن طالبان ردت على هذا التخويف الذي يتم التسويق له من بعض السياسيين بأنه للمرأة الحق بالمشاركة في كل المناصب والدوائر الحكومية وحتى باستطاعتها أن تعمل كوزيرة".

يقول السفير سيد جلال: "إن رغبة طالبان بالتفاوض مع كل أطياف الشعب الأفغاني، وليس - فقط - الحكومة تمثّل الحنكة السياسية لطالبان، والتي بثّت تطمينات إلى السياسيين بأن هناك تغييرًا في الفكر، وأن طالبان على اتصال مباشر منذ زمن مع كل الأطياف الأفغانية، والذين كانوا في حرب معهم، وهم يعطون أهمية أكثر لمشاركتهم ويعتبرون الحكومة إحدى الجهات المشاركة في عملية المصالحة وليست الجهة الرئيسية.

والخلافات الأخيرة في الانتخابات الرئاسية ونتائجها وعدم قدرة الحكومة على لمّ شمل كل الأحزاب السياسية تحت مظلتها أضعفت الموقف التفاوضي للحكومة".

يختتم السفير الأفغانى السابق فى السعودية سيد جلال قائلا: "من الممكن جداً أن يسجل الرئيس أشرف غني اسمه في تاريخ أفغانستان، كأول رئيس أفغاني يتنازل لمصلحة شعبة ومن أجل السلام في بلاده، وذلك بإعطاء فرصة للحمائم في إدارته، والذين يرغبون بالتوصل لحل سياسي، أن يديرون عملية المصالحة وإبعاد الذين يعتقدون أن المصالحة مع طالبان من الممكن أن تتم تحت ضغط عسكري، ويصدر الرئيس أمراً فورياً بإطلاق سراح السجناء، والبدء بالمفاوضات ما بين الأفغان، وأن يقول بأنه مستعد للتنازل عن الرئاسة مقابل وقف دائم لإطلاق النار، وتشكيل حكومة مؤقتة تضمّ كل الأطياف السياسية، وتقوم هذه الحكومة بالعمل على الإصلاحات الدستورية واعتمادها من قبل "اللويا جيرغا" والتجهيز لانتخابات رئاسية حرة يشارك فيها المواطنون المسجلون بالسجلات الإلكترونية الرسمية".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة