Close ad

رمضان في زمن الكورونا

8-5-2020 | 09:49

لرمضان في مصر نكهته الخاصة التي تختلف عن جميع البلاد، هناك الكثير من الطقوس التي ظهرت أولًا في مصر، لتنتشر منها إلى باقي العالم العربي، مثل الفانوس، وهو الأيقونة الأشهر منذ عهد الفاطميين، كاد يختفي هذا العام، والشوارع التي كان لها طعم خاص ومختلف، بدت مهجورة، ولم تعد موائد الرحمن تلم شمل عابري السبيل والفقراء الذين كانوا ينتظرونها من العام للعام، واختفي ازدحام باعة الحلوى والمخللات والمشروبات التمر هندي والعرقسرس.

وبدت ساحات الأزهر وسيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة مهجورة؛ نظرًا لبدء موعد الحظر من الساعة التاسعة أي بعد الإفطار بساعتين، وحتي صلاة التراويح - التي كان لها مذاق خاص - رفعت بأمر كورونا؛ خاصة بمسجد عمرو بن العاص والسلطان حسن والسيدة نفيسة والسيدة زينب والسيد البدوي والقائد إبراهيم؛ التي كان لها مذاق آخر يبدو جليًا في نفوس المصلين كبارًا وصغارًا؛ إذ تلم تلك المساجد شمل المسلمين بلا تفرقة، ترى الحب في التقرب إلى الله هو ما يجمعهم، والتشبث برمضان لتجديد طاقتهم، وربط مواثيق الحب من جديد.

بل إن الفريضة ذاتها كانت هناك آراء تقول بأن ما يسببه الصوم من جفاف في الحلق يمكن أن يجعل الإصابة بالفيروس أكثر خطورة؛ وعليه فيجوز رفع فريضة الصوم هذا العام استثناءً، وتعويضها بإطعام المساكين، ذهبت آراء أخرى إلى أن الصوم قائم طالما لم يثبت علميًا تأثيره على مسألة الإصابة بفيروس كورونا؛ وهو الرأي الذي اتجهت إليه في مصر لجنة البحوث الفقهية في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، وحسمت النقاش بالتأكيد على غياب دليل علمي حتى الآن على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بكورونا، وبالتالي يجب الصوم..

وكانت دورات كرة القدم الرمضانية أحد أبرز المظاهر التي غابت تمامًا، حيث كانت شعارًا للمصريين خلال الشهر الكريم، وهي سمة أساسية ومستمرة منذ سنوات، خاصة أنها تحظى باهتمام كبير على صعيد المشاركة في فعالياتها أو متابعة أحداثها من قبل آلاف يرون فيها تسلية يروّحون فيها عن أنفسهم، وفيها برز نجوم، وكانت فرصة للأحزاب في دعايتها الانتخابية غير أن نواب البرلمان استبدلوها بكرتونة رمضان؛ لضرب عصفورين بحجر - أقصد بكرتونة واحدة.

وفي شوارع مصر البلد الذي انطلقت منه موائد الرحمن لإفطار الصائمين خلال شهر رمضان، والتي كانت بدايتها في العصرين الطولوني والفاطمي - وفقًا لأرجح الأقوال - لم يقتصر أهلها على تلك الموائد لتقديم الطعام والشراب للصائمين بعد قرار حظر تلك المآدب، لكن سرعان ما رفع أهلها شعار إفطار الصائمين في كل مكان، من خلال توزيع وجبات الطعام والمشروبات في الشوارع العامة والطرقات، وما إن يبدأ قرآن المغرب؛ استعدادًا لرفع الأذان خلال أيام رمضان، إلا ويرفع معه المصريون شعار التنافس والتسابق في فعل الخيرات وإفطار الصائمين في الشوارع والميادين العامة والطرقات، في واحدة من أجمل مشاهد الشهر الكريم.

ومئات من الشاب العشريني، الذي يقضي فترة المغرب هو وأصدقاؤه، بالجري بين السيارات لتوزيع ما يفطر عليه المارة، يجد في هذا العمل غايته لما لإفطار الصائمين من أجر وثواب كبير وهم ينتظرون، رمضان من السنة للسنة؛ لينالوا ثواب إفطار الصائمين، والكل يشارك حتي إن الدكتور طارق رحمي محافظ الغربية قام بتوزيع وجبات إفطار على الصائمين بشوارع طنطا، بمشاركة الدكتور أحمد عطا نائب المحافظ، وقام المحافظ ونائبه بتوزيع الوجبات قبل أذان المغرب مباشرة في كل مداخل ومخارج الطرق السريعة بطنطا على السائقين والمواطنين، وأمام الكنائس وفي شبرا يقف مئات الشباب القبطي يوزعون التمر والعصائر.

وهكذا لايزال لرمضان مذاقه وحلاوته في مصر برغم كورنا والحظر والعزل والذي منه!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
مصر الغريبة بأسمائها

الزائر لمصر لأول مرة لن يصدق أنه في بلد عربي لغته العربية فمعظم الأسماء للمحال والشوارع والمنتجعات، بل الأشخاص ليس لها علاقة باللغة العربية وباتت القاهرة

مصر تخطت الفترة الانتقالية

جاء حين على مصر كانت شبه دولة عندما تعرضت لهزة عنيفة ومحنة سياسية واقتصادية قاسية، عقب ثورتين تخللتهما موجات إرهابية تصاعدت فى ظل غياب وانهيار لمؤسسات

ثوار ما بعد الثورة

لابد من الاعتراف بأن كل ما في مصر الآن نتيجة مباشرة لأحداث ٢٥ يناير بحلوه ومره، فأي إصلاح هو ثمرة مباشرة لشجاعة ووعي ودماء شرفاء سالت لتحقق حلم الأمة في